الغضبة على قطر والموقف الحازم منها وإصرار السعودية والإمارات والبحرين على أنه لا حوار معها قبل التزامها بوقف دعم الإرهاب تؤكد أمراً مهماً سبق أن أشرنا إليه نحن معشر كتاب المقالات -التي تناولت على مدى السنين الست الأخيرة على الأقل- تطورات الأحداث في البحرين وسعي البعض إلى الإساءة لهذا الوطن، فالأمر لا علاقة له بمذهب أو فئة تنتمي إلى مذهب معين ولكن كل علاقة له بأمن الوطن وحاضره ومستقبله.

الإجراءات التي اتخذتها حكومة البحرين في السنوات الأخيرة وتحديداً بعدما حدث في فبراير 2011 عندما نفذ ذلك البعض قفزته المجنونة في الهواء لم تستهدف الشيعة في البحرين، على اعتبار أن المنتمين إلى ذلك التحرك كلهم أو أغلبهم من الشيعة، ولكن حفظاً للوطن ومستقبله وحماية للمواطنين الذين هم من مسؤولية الحكومة، وكنا نردد دائماً بأن الإجراءات نفسها كانت ستتخذها الحكومة لو أن من قام بتنفيذ تلك القفزة هم من أهل السنة، فالدولة يهمها توفير الأمن وتوفر الاستقرار ولا يهمها إن كان العقاب نزل على المنتمين إلى هذا المذهب أو ذاك أو إلى هذه الفئة أو تلك أو ناله منتمٍ إلى هذه العائلة الفقيرة أو تلك الغنية، فهناك دائماً أولويات وثوابت لا يمكن للدولة أن تفرط فيها، وهناك خطوط حمراء لا يمكن أن تسمح بتجاوزها.

أهل قطر أهلنا وهم ليسوا شيعة، ومع هذا نظرت الدولة إلى ما يشكله سلوكها من خطر على البحرين والمنطقة، فلم تتأخر عن اتخاذ القرار الصعب بسبب الانتماء إلى طائفة أو مذهب ولم تقل إن الإجراءات ينبغي أن تكون خفيفة لأن قطر تنتمي إلى هذا المذهب أو ذاك.

الدول تنظر إلى ما يشكله سلوك الآخرين من خطر عليها، أفراداً كانوا أو مؤسسات أو دولاً، لا يحكمها انتماؤهم إلى دين أو طائفة أو مذهب أو قبيلة، وليس في هذا الأمر مجال للمجاملة، لهذا جاءت القرارات فيما يخص قطر قوية وحازمة، وجاءت قبلها القرارات قوية وحازمة عندما شعرت الدولة أن خطراً يتهددها ويتهدد السلم الأهلي نتيجة قيام ذلك البعض بذلك التحرك الذي وجدته مريباً وتيقنت من ذلك بتوفر ما يكفي من الأدلة والبراهين والتي يتم الكشف عن بعضها في هذه الأيام.

لا يوجد دولة في العالم تتساهل في أمور تتعلق بأمنها واستقرارها، ولا يوجد دولة في العالم تتخذ قرارات رخوة في هذا الخصوص مراعاة لهذه الفئة أو تلك أو لهذه العائلة أو تلك، ولهذا فإن كل من قال أو يقول إن حكومة البحرين استهدفت أو تستهدف مواطنيها الشيعة مخطئ، فالإجراءات طوال الفترة الماضية لم تستهدف هذا المذهب والمنتمين إليه ولم تكن تنتصر للمذهب الآخر والمنتمين إليه، لكنها استهدفت كل من قدرت أن سلوكه يؤثر سلباً على الوطن ويعرض أمن واستقرار البلاد للخطر، والدليل هو موقفها اليوم من قطر التي هي في كل الأحوال شقيقة، فلم يمنعها من اتخاذ القرارات الصعبة لأنها تنتمي إلى هذا المذهب أو ذاك، والموقف نفسه والإجراءات نفسها كان يمكن أن تتخذها لو أن من ارتكب المخالفات دولة غير قطر.

مملكة البحرين لا تستهدف إلا من يريد العبث بأمنها واستقرارها، وهي توقف كل الإجراءات التي اتخذتها في هذا الخصوص فور أن يعود الطرف الذي شذ إلى رشده والتزم بما ينبغي أن يلتزم به.

شرط حكومة مملكة البحرين، ومعها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة فيما يخص الحوار مع دولة قطر هو وقفها دعم الإرهاب، وشرطها فيما يخص ذلك البعض هو توقفه عن ممارسة أخطائه.