السؤال الذي يجب أن يلتفت إليه أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» ويناقشونه فيما بينهم بجرأة هو من من أهل البحرين ينتبه اليوم إلى أخبارهم وممارساتهم وما يتم اتخاذه ضدهم من قرارات تهدف إلى إعادتهم إلى جادة الصواب؟ كان الناس حتى قبل شهور قليلة يلتفتون إلى كثير من الأخبار التي تنشر عنهم وإلى كل فعل يمارسونه في الشارع وكل تصريح يصدر عنهم وكل إجراء تتخذه الجهات المعنية بالأمن ضدهم حفاظاً على الأمن، لكن كل هذا لم يعد موجوداً اليوم، فاليوم لا أحد يهتم بأخبارهم وممارساتهم وتصريحاتهم وما يصدر ضدهم من أحكام قضائية. هذه حقيقة ينبغي من أولئك مواجهتها والاستنتاج بأن أمرهم لم يعد يهم أحداً غيرهم وأن ممارساتهم لم تعد ذات تأثير وأنه لم يعد بينهم وبين رفع الراية البيضاء سوى خطوات.لعل الجميع يتذكر كيف كان تأثير خبر إلقاء القبض على واحد من رافعي شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان في الساحة المحلية وكيف كانت ردة الفعل، ولعل الجميع لاحظ قبل يومين كيف كان تأثير خبر صدور حكم بسجن الشخص نفسه لمدة سنتين وكيف أنه لم تسجل أي ردة فعل ومر الخبر وكأن شيئاً لم يحدث. الأمر نفسه فيما يتعلق بممارسة إشعال النار في إطارات السيارات والذي كان يعتبرها البعض بطولة وصورة من صور تحدي الأجهزة الأمنية وخبراً تتناوله بعض الفضائيات باهتمام وتعتبره مؤشراً على حالة عدم الاستقرار، فمثل هذه الممارسة لم يعد يلتفت إليها أحد لو حدثت ليلاً أو نهاراً، تماماً مثلما لم يعد يلتفت أحد للمظاهرات محدودة العدد التي تخرج بين الحين والحين في بعض المناطق.ما ينبغي أن يدركه أولئك جيداً هو أن الأمور لا تسير في صالحهم، فحتى التغير الذي كانوا ينتظرون حصوله في المنطقة ويعولون عليه ساهم في ركنهم بدل دعم وتأكيد موقفهم. اليوم لا يدري عنهم أحد وصاروا على الهامش. هذه هي الحقيقة المرة التي عليهم أن يتعاملوا معها ويواجهوها. اليوم يقتربون من المحطة النهائية وسينتهي أمرهم من دون أن ينتبه إليهم العالم.وسط الضجيج الذي يملأ المنطقة اليوم لم يعد لهذا الصوت النشاز فرصة الوصول إلى الآذان، فهناك ما هو أهم منه وأكثر تأثيراً في حياة الناس ومستقبلهم، لهذا فإن مواجهتهم للسؤال حتمية لو كانوا يعرفون كيف يتعاملون مع الواقع ويعرفون كيف يفلتون من أسار الأحلام. استمرارهم فيما هم فيه وإصرارهم على مواصلة الاعتقاد أنهم سينتصرون وسيحققون ما يريدون يعني تكبدهم المزيد من الخسائر، واستمرارهم يعني تسببهم في المزيد من الأذى للناس الذين يرفعون شعارات الدفاع عنهم والانتصار لهم.الأمور تغيرت وأحوالهم لم تعد كما كانت وليس من سبيل سوى الإقرار بهذا الأمر، فمن كان يسمعهم صارت أذنه مشغولة بسماع أمور أخرى فرضت نفسها وتؤثر على حياته ومستقبل عياله، ومن كان يتابع أخبارهم صار يتابع أخباراً أخرى ذات تأثير على حياته ومستقبله. إن خبراً عن الأزمة الخليجية الراهنة مهما كان بسيطاً يغطي على كل أخبارهم، وإن خبراً عنهم مهما كان قوياً يضيع وسط الأخبار التي تتتالى عن تطورات الأحداث الأخيرة في المنطقة.هذا كلام مؤلم ولكنه واقعي وحقيقة إن لم يواجهها أولئك ويعطوها الأولوية انتهى حراكهم بصورة أسرع. ما يجري في المنطقة يشبه العاصفة، وعدم انحنائهم لها يضيعون وينتهي أمرهم، فكل صراخهم يضيع وسط ضجيجها، وكل أخبارهم بسببها تعتبر عادية.اليوم ليس كما الأمس، فالظروف تغيرت والأحوال ليست كما كانت، والعاقل هو من يتعامل مع الأمور بواقعية لعله يتمكن من تأجيل النهاية ولو قليلاً.