يوم في إثر يوم تتأكد نية قطر تخريب منظومة مجلس التعاون التي تقترب من الدخول في عقدها الخامس وحققت نجاحات كثيرة وإنجازات لا يمكن إنكارها، فبين التمثيلية الهابطة التي قدمها غانم السليطي في بداية الأزمة وأساء بها إلى هذه المنظومة وأمينها العام وبين التصريحات الأخيرة لمحمد المسفر والتي سعى بها إلى التقليل من قيمة وشأن وأهمية مجلس التعاون، تتوفر كمية من التصريحات والمواقف السالبة من المجلس لا تفسير لها غير توفير المبررات التي يعتقدون أنها يمكن أن تغطي انسحاب قطر من المجلس.

انتقادات كثيرة وجهتها قطر لمجلس التعاون منذ قيام البحرين والإمارات والسعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية معها ولم تفوت حتى شخص الأمين العام للمجلس الذي تراءى لها أن من مهامه التدخل في هذه المشكلة وأنه لا بأس لو خالف النظام والقانون من أجلها.

لا أحد قال أو يقول إن مجلس التعاون لا يعاني من قصور وصعوبات تحول بينه وبين تحقيق أهدافه، ولا أحد قال أو يمكنه القول إن المجلس حقق كل ما يصبو إليه أعضاؤه، فمن الطبيعي أن تكون هناك معوقات وتحديات وظروف تمنع من تحقيق بعض الأهداف والتطلعات أو تمنعها من التحقق في زمن معين، ولولا هذا لما اهتمت هذه المنظومة بعملية تقويم الأهداف المرحلية وتصحيحها أو تعديلها.

من يقول إن مجلس التعاون لم يحقق أي منجزات يظلم نفسه، والمثير أن قطر التي تقول ما تقوله اليوم عن المجلس وتقصيره أكدت في السنوات السابقة كثيراً على أن المجلس استطاع من خلال العمل المشترك تحقيق العديد من الإنجازات التي شملت كافة مجالات التعاون، وهي تعرف جيداً أن كثيراً من المنجزات والأمور الموجبة تحققت رغم الظروف الصعبة التي مر بها المجلس كالحرب العراقية الإيرانية والغزو العراقي للكويت والحرب على العراق وتطورات ما يسمى بـ «الربيع العربي».

يكفي مجلس التعاون الخليجي فخراً أنه تمكن من حفظ أمن واستقرار دوله وحقق نجاحات في عملية التنسيق بين أعضائه تجاه العديد من القضايا ومن حمايتهم من مختلف المخاطر التي ظلت تهدد المنطقة. أما القول إن الأعضاء لم يتفقوا على موضوعات معينة ولم تكن لهم مواقف واحدة تجاه بعض القضايا فهذا أمر طبيعي لأنه لا يمكن للمجلس أن يلزم أعضاءه بطريقة معينة في التفكير ولا بسياسة معينة وإلا يكون قد وقع في مطب التدخل في الشؤون الداخلية لها. لكن دول المجلس تقف في وجه أي عضو من أعضائه لو لاحظت أنه يغرد خارج السرب أو يعمل للإساءة إليها وهذا ما حدث بالتحديد مع قطر التي من الواضح أنها اعتقدت أن من حقها أن تفعل ما تشاء وتفرض على الدول الأعضاء في المجلس رؤيتها وأن تنسحب في حال وجدت أن البعض أو الكل لا يوافقها على أفعالها الخاطئة.

ليس صحيحاً أبداً انفراط عقد منظومة مجلس التعاون بانسحاب قطر منها أو بتجميد عضويتها أو طردها منه فهذا بعيد عن الواقع وتعلمه قطر جيداً.