قول وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن إن الأزمة «مفتعلة» وإن اتهامات الدول الأربع لقطر من «دون أدلة» يدخل في باب التبسيط المخل، فالأزمة ليست مفتعلة والأدلة على الاتهامات الموجهة لقطر متوفرة، ولولا هذا لما حصل كل ما حصل، فهذه الدول لا تريد السوء بقطر وبشعبها، وما فعلته هدفه واضح وهو تصحيح وضع خاطئ يتسبب في أذى هذه الدول وأذى المنطقة وأذى الشعب القطري أيضاً.الأزمة ليست مفتعلة وتجاوب الدول الأربع مع وساطة الكويت ليس كما وصفها الوزير في المؤتمر الصحافي الذي عقده أخيراً مع نظيره البلجيكي في بروكسل لأن هذه الدول قبل غيرها تريد إنهاء هذه الأزمة ومساعدة الشعب القطري على تجاوزها. أما التصعيد فيتم من جانب قطر التي سخرت إعلامها لخدمة هذا التوجه، والمتابع للصحافة القطرية ولتلفزيون قطر وقناة الجزيرة يمكنه تبين كل هذا بسهولة.أيضاً فإن وجود أزمات متعددة في المنطقة لا يعني أبداً عدم السعي إلى وضع حد للممارسات السالبة للحكومة القطرية وتماديها خصوصاً وأن هذا التمادي هو سبب أساس في بعض الأزمات التي تعاني منها المنطقة.الدول الأربع وغيرها ومختلف دول مجلس التعاون لا تريد الإساءة لقطر، وهذه حقيقة صار يعرفها كل العالم وهي ليست موضع شك من الأساس، وبالتالي فإن قول الوزير في ذلك المؤتمر الصحافي بأنها «تشتري ثوانٍ إعلانية في محطات تلفزيونية مختلفة لتسوق أفكارها ضد دولة قطر» قول لا يمكن أن يوافق عليه عاقل، وترديده تسويق رديء، تماماً مثلما هو رديء تسويق فكرة أن الدول الأربع تطبق «حصاراً» على قطر، لأن ما قامت به الدول الأربع ليس حصاراً وإنما قطع علاقات دبلوماسية وقرارات أريد منها لفت انتباه قطر إلى أنها بالغت في سلوكياتها الخاطئة وأنه حان الوقت لتدارك ذلك وتصحيحه لأنه سيعود بالنفع على المنطقة كلها وعلى الشعب القطري الذي هو ضحية مغامرات حكامه وسعيهم للعب دور يصعب عليهم القيام به.لو أن ما قاله وزير خارجية قطر في بروكسل عن أن «موقف بلاده ثابت تجاه مكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله» كان صحيحاً لما اتهمتها الدول الأربع بدعم الإرهاب والمشاركة فيه، إذ من غير المعقول أن يتم اتهام دولة تحارب الإرهاب بدعمه. لولا أن لدى هذه الدول من المستمسكات ما يكفي لاتهام قطر بكل هذه التهم لما قامت بما قامت به ولما اجتمعت على رأي واحد واتخذت الموقف نفسه.الأفضل من كل هذا الذي تقوم به قطر اليوم هو التوقف عن ممارساتها السالبة والتعاون مع شقيقاتها في محاربة الإرهاب الذي لن يتأخر عن الوصول إلى دارها لو أنها أصرت على دعمه وواصلت في نهجها، فالإرهاب لا يحفظ الود ولا يراعي من أكرمه وليس له صديق. الصديق الصدوق لقطر هي الدول العربية وخصوصاً دول مجلس التعاون ومصر التي لا تريد لقطر سوى الخير ولا تريد منها أن تستمر في نهج خاطئ اعتمدته واعتقدت في لحظة أنه يمكن أن يخدمها ويجعل منها دولة ذات شأن، فالشأن لا يأتي من هكذا أفعال ولكنه يأتي من المواقف الموجبة التي لا يمكن للتاريخ أن ينساها.أيضاً فإن قول وزير خارجية قطر بأن الدول التي قررت وضع حد لتجاوزات بلاده «هي التي تتدخل في شؤون قطر الداخلية من خلال الدعوة إلى تغيير النظام ودعم حركات تنتهج العنف» قول لا يؤيده الواقع، كما ليس صحيحاً قوله بأن هذه الدول «لا تود لأي جهة أن يكون لها رأي آخر، وبالتالي تتهم كل من له رأي مخالف بأنه داعم للإرهاب» فهذا القول بعيد عن المنطق ولا يقبله العقل.