قصة وصول السيدة المسلمة المحجبة حليمة يعقوب إلى رأس الحكم في بلادها سنغافورة، هي قصة وصول بلادها إلى رأس التقدم الاقتصادي في العالم. وإذا وضعنا في الاعتبار أن أحد مؤشرات التقدم والتنمية هو قياس وضع المرأة وحقوق الأقليات، فإن السيدة حليمة تنتمي إلى الأقلية المسلمة في سنغافورة، من أب ذي أصول هندية وأم ذات أصول مالاوية، وهي متزوجة من رجل يمني. وهذا التعايش في بلد الاستيطان القادر على تحقيق الذات وبلوغ القمة هو أحد مفاتيح النجاح الأسطوري لسنغافورة التي تعتبر الدولة الأسرع تنمية في العالم وفي التاريخ.
حصلت سنغافورة على استقلالها من الاحتلال البريطاني في عام 1963، وانضمت إلى الاتحاد الماليزي. وفي التاسع من أغسطس عام 1965 صوت برلمان الاتحاد الماليزي على طرد سنغافورة. كانت ماليزيا تريد التخلص من عبء سنغافورة التي كان يعيش أكثر من ثلثي سكانها تحت خط الفقر غارقين في المستنقعات والمساكن العشوائية وتفتك بهم الأمية والأمراض. وكانت ماليزيا أيضاً تريد الحفاظ على نسيجها الماليزي والتخلص من الغالبية الصينية التي أخذت بالتركز في سنغافورة. فانفصلت سنغافورة عن ماليزيا بأعباء ثقيلة من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ورفض العالم تقديم مساعدات لها. مما دفع رئيسها «لي كوان» إلى الاعتماد على النفس والإمكانات الذاتية لتتحقق معجزة العصر في المارد السنغافوري. وآخر إنجازاته انتخاب امرأة مسلمة محجبة من الأقليات كرئيسة.
ولم تكن حليمة يعقوب هي السيدة المسلمة الأولى التي تصل إلى سدة الحكم، فقد وصلت بي نظير بوتو أكثر من مرة لرئاسة وزراء باكستان، ووصلت الشيخة حسينة بنت الشيخ مجيب الرحمن إلى منصب رئيس وزراء بنغلادش. والفارق بين تجربة السيدات الثلاث أن السيدة حليمة يعقوب هي نتاج الحداثة والعلمانية وتجذير حقوق المواطنة في سنغافورة. بينما تواجه كل من باكستان وبنغلادش تحديات كبيرة على مستوى التنمية والثقافة والأمن. ولكن التجارب الثلاث تثبت أن ثمة نظرة مختلفة للمرأة في العالم الإسلامي الآخر تختلف عن النظرة التي مازالت شائعة عن المرأة في عالمنا العربي والتي مصدرها تفسيرات التراث بالدرجة الأولى. وهذا ما يؤكد أن الكثير من التصورات الحاكمة لشؤون الحياة الاجتماعية والسياسية ما هي إلا اجتهادات بشرية تهيمن على المجتمعات بفعل العوامل الثقافية والجغرافية وأن عمليات الدفع لتغييرها قابلة للنجاح.
لسنوات طويلة كانت المرأة في أغلب الدول العربية مستبعدة من مناصب القضاء وتولي منصب الوزير أو وكيل الوزارة. ولحد الآن لم تتولَ امرأة منصب رئيس وزراء. ولكن بإصرارهن الشديد ومقاومتهن لكل العوامل الثقافية والاجتماعية تمكنت النساء في أغلب الدول العربية من اختراق مقاعد البرلمانات وتولي منصب القضاء. وباستمرارهن في الإلحاح سيأتي اليوم الذي نرى فيه أول رئيسة وزراء عربية.
مسألة تمكين المرأة هي ليست قضية «جندر»، بل هي قضية ثقافية وحضارية ذات علاقة باستفادة المجتمعات من الثروات البشرية دون تمييز بسبب الجنس أو الجنسية أو العرق أو المعتقد. وتولي السيدة المسلمة المحجبة حليمة يعقوب منصب رئيس جمهورية سنغافورة باستيفائها شروط الكفاءة ودون منافس هو حدث نسوي وإسلامي جدير بالاحتفاء. ودرس حري بالاقتداء.
{{ article.visit_count }}
حصلت سنغافورة على استقلالها من الاحتلال البريطاني في عام 1963، وانضمت إلى الاتحاد الماليزي. وفي التاسع من أغسطس عام 1965 صوت برلمان الاتحاد الماليزي على طرد سنغافورة. كانت ماليزيا تريد التخلص من عبء سنغافورة التي كان يعيش أكثر من ثلثي سكانها تحت خط الفقر غارقين في المستنقعات والمساكن العشوائية وتفتك بهم الأمية والأمراض. وكانت ماليزيا أيضاً تريد الحفاظ على نسيجها الماليزي والتخلص من الغالبية الصينية التي أخذت بالتركز في سنغافورة. فانفصلت سنغافورة عن ماليزيا بأعباء ثقيلة من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ورفض العالم تقديم مساعدات لها. مما دفع رئيسها «لي كوان» إلى الاعتماد على النفس والإمكانات الذاتية لتتحقق معجزة العصر في المارد السنغافوري. وآخر إنجازاته انتخاب امرأة مسلمة محجبة من الأقليات كرئيسة.
ولم تكن حليمة يعقوب هي السيدة المسلمة الأولى التي تصل إلى سدة الحكم، فقد وصلت بي نظير بوتو أكثر من مرة لرئاسة وزراء باكستان، ووصلت الشيخة حسينة بنت الشيخ مجيب الرحمن إلى منصب رئيس وزراء بنغلادش. والفارق بين تجربة السيدات الثلاث أن السيدة حليمة يعقوب هي نتاج الحداثة والعلمانية وتجذير حقوق المواطنة في سنغافورة. بينما تواجه كل من باكستان وبنغلادش تحديات كبيرة على مستوى التنمية والثقافة والأمن. ولكن التجارب الثلاث تثبت أن ثمة نظرة مختلفة للمرأة في العالم الإسلامي الآخر تختلف عن النظرة التي مازالت شائعة عن المرأة في عالمنا العربي والتي مصدرها تفسيرات التراث بالدرجة الأولى. وهذا ما يؤكد أن الكثير من التصورات الحاكمة لشؤون الحياة الاجتماعية والسياسية ما هي إلا اجتهادات بشرية تهيمن على المجتمعات بفعل العوامل الثقافية والجغرافية وأن عمليات الدفع لتغييرها قابلة للنجاح.
لسنوات طويلة كانت المرأة في أغلب الدول العربية مستبعدة من مناصب القضاء وتولي منصب الوزير أو وكيل الوزارة. ولحد الآن لم تتولَ امرأة منصب رئيس وزراء. ولكن بإصرارهن الشديد ومقاومتهن لكل العوامل الثقافية والاجتماعية تمكنت النساء في أغلب الدول العربية من اختراق مقاعد البرلمانات وتولي منصب القضاء. وباستمرارهن في الإلحاح سيأتي اليوم الذي نرى فيه أول رئيسة وزراء عربية.
مسألة تمكين المرأة هي ليست قضية «جندر»، بل هي قضية ثقافية وحضارية ذات علاقة باستفادة المجتمعات من الثروات البشرية دون تمييز بسبب الجنس أو الجنسية أو العرق أو المعتقد. وتولي السيدة المسلمة المحجبة حليمة يعقوب منصب رئيس جمهورية سنغافورة باستيفائها شروط الكفاءة ودون منافس هو حدث نسوي وإسلامي جدير بالاحتفاء. ودرس حري بالاقتداء.