يعد الدستور قمة البناء القانوني في الدولة، ويمثل وجوده عنصر من عناصر الدولة القانونية، فالدستور هو الأساس القانوني الذي ترتكز عليه كافة الأنشطة والأعمال القانونية داخل الدولة. فالوثيقة الدستورية تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها، وتنشئ السلطات العامة، وتوضح اختصاصاتها، وتنظم علاقاتها ببعضها البعض، إضافة إلى تنظيم علاقاتها بالأفراد. والسلطات العامة تكون ملزمة في جميع أعمالها وتصرفاتها بالدستور، فلا يجوز لأية سلطة من هذه السلطات أن تخالف أحكامه، أو تنتهك نصوصه، وإلا عدت أعمالها باطلة وغير دستورية.
وهذا معناه أن القواعد الدستورية الواردة في الوثيقة الدستورية قمة الهرم للنظام القانوني في الدولة، فهي تسمو على كل القواعد القانونية، بمعنى آخر أن الوثيقة الدستورية وما تتضمنه من قواعد قانونية تسمو على جميع السلطات العامة في الدولة، ولذا تكون ملزمة بالتقييد بما نصت عليه الوثيقة الدستورية.
واستناداً لما سبق فان إدراج القواعد الخاصة بالحقوق والحريات العامة في الوثيقة الدستورية يعد من أبرز الضمانات القانونية لحمايتها، ولذا تحرص الوثائق الدستورية على تخصيص باب مستقل للحقوق والحريات العامة، بل إن غالبية الفقه يذهب إلى القول بأن تدوين الدساتير كان من أجل إيراد الحقوق والحريات والضمانات الأساسية لحمايتها.
وقد سار المشرع الدستوري البحريني ذات المسار الذي سلكته جميع الدساتير بأن خصص الباب الثالث من الدستور للنص على الحقوق والحريات الأساسية، وبما أن الدستور يتمتع بالعلو والسمو على سائر القواعد القانونية داخل الدولة، فإن ذكر هذه الحقوق والحريات ضمن الوثيقة الدستورية يلزم القواعد الأدنى درجة بالتقييد بها، وخصوصاً النصوص المنظمة للحقوق والحريات.
إلا إن سمو الدستور لا فائدة منه إذا لم يقترن بوسيلة قانونية تصون نصوصه «ومنها النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات»، وتكفل احترام قواعده. ولا يتحقق هذا السمو إلا إذا وجدت وسيلة قانونية توفر الحماية له، ومن أهم هذه الوسائل هو القضاء الدستوري.
واستناداً لذلك كان لابد من إيجاد وسيلة لحماية نصوص الدستور من الانتهاك، ولذا تبنى الدستور البحريني وسيلة قانونية لحماية سمو الدستور، هذه الوسيلة تمثلت بإنشاء محكمة دستورية تتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين، وضرورة أن يكون لأعضائها الضمانات اللازمة لاستقلاليتها وحيادها. حيث نصت المادة «106» من الدستور على «تنشأ محكمة دستورية، من رئيس وستة أعضاء يعينون بأمر ملكي لمدة يحددها القانون، وتختص بمراقبة دستورية القوانين واللوائح. ويبين القانون القواعد التي تكفل عدم قابلية أعضاء المحكمة للعزل، ويحدد الإجراءات التي تتبع أمامها، ويكفل حق كل من الحكومة ومجلس الشورى ومجلس النواب وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم في الطعن لدى المحكمة في دستورية القوانين واللوائح، ويكون للحكم الصادر بعدم الدستورية نص في قانون او لائحة أثر مباشر، ما لم تحدد المحكمة لذلك تاريخاً لاحقاً، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تُعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. وللملك أن يحيل إلى المحكمة ما يراه من مشروعات القوانين قبل إصدارها لتقرير مدى مطابقتها للدستور، ويعتبر التقرير ملزماً لجميع سلطات الدولة وللكافة». وللحديث بقية.
* أستاذ القانون العام المساعد في كلية الحقوق - جامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
وهذا معناه أن القواعد الدستورية الواردة في الوثيقة الدستورية قمة الهرم للنظام القانوني في الدولة، فهي تسمو على كل القواعد القانونية، بمعنى آخر أن الوثيقة الدستورية وما تتضمنه من قواعد قانونية تسمو على جميع السلطات العامة في الدولة، ولذا تكون ملزمة بالتقييد بما نصت عليه الوثيقة الدستورية.
واستناداً لما سبق فان إدراج القواعد الخاصة بالحقوق والحريات العامة في الوثيقة الدستورية يعد من أبرز الضمانات القانونية لحمايتها، ولذا تحرص الوثائق الدستورية على تخصيص باب مستقل للحقوق والحريات العامة، بل إن غالبية الفقه يذهب إلى القول بأن تدوين الدساتير كان من أجل إيراد الحقوق والحريات والضمانات الأساسية لحمايتها.
وقد سار المشرع الدستوري البحريني ذات المسار الذي سلكته جميع الدساتير بأن خصص الباب الثالث من الدستور للنص على الحقوق والحريات الأساسية، وبما أن الدستور يتمتع بالعلو والسمو على سائر القواعد القانونية داخل الدولة، فإن ذكر هذه الحقوق والحريات ضمن الوثيقة الدستورية يلزم القواعد الأدنى درجة بالتقييد بها، وخصوصاً النصوص المنظمة للحقوق والحريات.
إلا إن سمو الدستور لا فائدة منه إذا لم يقترن بوسيلة قانونية تصون نصوصه «ومنها النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات»، وتكفل احترام قواعده. ولا يتحقق هذا السمو إلا إذا وجدت وسيلة قانونية توفر الحماية له، ومن أهم هذه الوسائل هو القضاء الدستوري.
واستناداً لذلك كان لابد من إيجاد وسيلة لحماية نصوص الدستور من الانتهاك، ولذا تبنى الدستور البحريني وسيلة قانونية لحماية سمو الدستور، هذه الوسيلة تمثلت بإنشاء محكمة دستورية تتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين، وضرورة أن يكون لأعضائها الضمانات اللازمة لاستقلاليتها وحيادها. حيث نصت المادة «106» من الدستور على «تنشأ محكمة دستورية، من رئيس وستة أعضاء يعينون بأمر ملكي لمدة يحددها القانون، وتختص بمراقبة دستورية القوانين واللوائح. ويبين القانون القواعد التي تكفل عدم قابلية أعضاء المحكمة للعزل، ويحدد الإجراءات التي تتبع أمامها، ويكفل حق كل من الحكومة ومجلس الشورى ومجلس النواب وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم في الطعن لدى المحكمة في دستورية القوانين واللوائح، ويكون للحكم الصادر بعدم الدستورية نص في قانون او لائحة أثر مباشر، ما لم تحدد المحكمة لذلك تاريخاً لاحقاً، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تُعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. وللملك أن يحيل إلى المحكمة ما يراه من مشروعات القوانين قبل إصدارها لتقرير مدى مطابقتها للدستور، ويعتبر التقرير ملزماً لجميع سلطات الدولة وللكافة». وللحديث بقية.
* أستاذ القانون العام المساعد في كلية الحقوق - جامعة البحرين