مجالسنا الأهلية التي عرفناها وعشنا بين جنباتها ونهلنا من خلالها الأدب والثقافة والعلم و(السنع) البحريني الأصيل، المجالس التي لا يكاد أي حي أو (فريج) يخلو منها فكانت بمثابة القضاء بين الأهالي لكي تعيد الحق وتوثق العلاقات وتحل المشكلات، المجالس التي كانت تزرع بداخل روادها الوطنية والولاء المطلق للوكن وقيادته، المجالس التي كانت تعزز الهوية الوطنية وتؤصل العادات والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال وحافظت عليها البحرين رغم تحول الزمن ورغم الحداثة والانشغالات والغزو الثقافي والفكري من كافة دول العالم، تلك المجالس التي لا نريدها أن تحيد عن سبب نشأتها وتكوينها وأهدافها، تلك المجالس التي نؤمن على أبنائنا فيها ونحثهم على ريادتها بشكل دائم، فهي إرثنا الوطني الحقيقي، وهي مدارسنا التي اكتسبنا من خلالها الآداب والثقافة العامة بكافة صورها، وهي التي أسست قبل المرحلة الدراسية لعادات وقيم أصيلة لا زلنا نعيش ونعتاش عليها، تلك المجالس يحاول البعض العمل على تغيير هويتها والعبث بمكانتها عبر إشغالها بأدوار ليست لها وبمكانتها، ندوات ونقاشات من شأنها أن تغير نمط تلك المجالس وتحولها إلى ساحات للجدال العقيم والخوض في أمور قد لا يفقه من يطرحها في تشعبها وخطورتها على المجتمع والبيئة المحيطة.
استوقفني رد معالي وزير الداخلية في سياق لقائه برؤساء تحرير الصحف المحلية في سؤال يتعلق ببعض المجالس وتحولها إلى ميدان للندوات والمحاضرات السياسية، فكان الرد بمثابة وضع النقاط على الحروف، وبالتذكير بدور المجالس وأهميتها المطلقة الذي أنشئت من أجله، وهو الرد الذي أعاد إلى الأذهان الدور المحوري لمجالسنا العريقة عبر الزمن، وكيف كانت تتسم بالدور الوطني الحق، وبالمكانة الكبيرة التي لا تنقل أي خبر أو حدث إلا بعد التأكد من مصداقيته بشكل كامل عبر القنوات الرسمية، فهذا ما يميز مجالس الرجال عن بقية المجالس، وهذا هو الدور المحوري لها ، فهي من تزرع نبتة الوطنية، وهي من تغرس التقاليد والعادات الأصيلة لأهل البحرين، وهي من تؤسس وتحمي الهوية الوطنية التي نعتز بها كبحرينيين أباً عن جد وكابراً عن كابر.
إن طرح الندوات والمحاضرات يجب أن يتم في سياق معين وبهدف وطني مخلص، لا بهدف التسابق على الإثارة والحماس، فمنبر المجالس لا يقل أهمية عن باقي المنابر، ودور المجالس لا يجب أن نتغافل عنه وعن أهميته، لذا فإن أصحاب المجالس هم من تقع عليهم مسؤولية ما يدار في مجلسهم من مواضيع ونقاشات، واختيار حتى الرواد، فمجالسنا ترفض الأصوات النشاز، الأصوات التي لا ترى الإيجابية بمكان، وتعمل على تكدير الصفو العام، وتعمق من الفرقة، فتلك ليست بمجالس إطلاقاً، ولا تمت لإرثنا الوطني العريق، وليست بالمكان الذي نعرفه وتربينا فيه، بل هي تجارب يود البعض أن نستوردها ونطبقها بيننا لأهداف بغيضة، باختصار هي ليست مجالس إطلاقاً.
آمل بأن يعي أصحاب المجالس الأهلية بدور المجالس، وبالمكانة التي يتصف بها المجلس، وبالدور الذي يطلع عليه، وهو أمر ليس بمستحدث، بل أن المجالس هي إرث والعبث به يعتبر جريمة بحقنا جميعاً، ولا نريد في يوم من الأيام أن نمنع أبناءنا وأنفسنا من تلك المجالس، بل نأمل أن تبقى كما كانت، مجالس أقرب للمدارس، تنمي روح التعاون، وتشجع من التلاحم الوطني، وتعزز من روحية الوطنية والولاء والمحبة لهذه الأرض العزيزة علينا جميعاً.
آمل بأن يعي أصحاب المجالس الأهلية بدور المجالس، وبالمكانة التي يتصف بها المجلس، وبالدور الذي يطلع عليه، وهو أمر ليس بمستحدث، بل أن المجالس هي إرث والعبث به يعتبر جريمة بحقنا جميعاً، ولا نريد في يوم من الأيام أن نمنع أبناءنا وأنفسنا من تلك المجالس، بل نأمل أن تبقى كما كانت، مجالس أقرب للمدارس، تنمي روح التعاون، وتشجع من التلاحم الوطني، وتعزز من روحية الوطنية والولاء والمحبة لهذه الأرض العزيزة علينا جميعاً.