عرفته شخصاً يحب الخير للجميع، لديه مبادئ يتمسك بها ويعض عليها بالنواجذ، ويؤمن بشعارات الإصلاح، باعتبار التطوير والتعديل أساساً للارتقاء بكل شيء، لكن ما فاجأني به «حالة الإحباط»، أو لأصفها بـ«اليأس» بشأن كثير من الأمور التي كان يؤمن بها.
هل وصلت لمرحلة «الكفر بقناعاتك»؟!
سألته، فأجابني متوجساً من كلمة «الكفر»: ليس بهذا الوصف، لكنني بما مررت به من تجارب، أصبحت قناعاتي بشأن بعض الأمور تتغير، وتنقلب، بل أصبح كثير من الأمور التي كنت مؤمناً بها، يمثل لي أشباحاً أحاول الهرب منها والابتعاد قدر المستطاع.
مثل ماذا؟! سألته.
أجابني بأن هناك ثلاثة شعارات ذات مضامين راقية، بات لا يصدقها اليوم، بل يرفض أن تلقى على مسمعه، وهو مستعد لأن يجادل فيها حتى قيام الساعة!
الأول: بت لا أصدق شعار «الرجل المناسب في المكان المناسب»، وذلك لأن العرف السائد، والوضع الغالب، يكشف لك بأن هذا الشعار الإصلاحي الجميل بات يطبق بـ«المقلوب»، وترى حين تتمعن وتبحث في ممارسات بعض المسؤولين في الجانب الإداري «طعناً» في هذا الشعار، بل «محاربة» صريحة له، فتجد «الأشخاص المناسبين» غالبيتهم في الأماكن غير المناسبة، وترى الكفاءات تقتل، وترى المؤهلين يتم «الكيد لهم» و«تشويه صورتهم»، في جانب آخر ترى التقريب والتمكين لمفتقرين للضمائر والقدرات، الذين لا يخلصون لبلدهم وعملهم، بل لأنفسهم فقط. وعليه لم أعد أصدق هذا الشعار.
الثاني: بت لا أكترث ولا آخذ على محمل الجد من يورد في كلامه مصطلح «إستراتيجية»، وبت أغلق أذني عمن يخرج علينا ويتحدث في «التخطيط الإستراتيجي»، ولذلك طبعاً أسباب. أتساءل، كم مرة وردت كلمة «إستراتيجية» أو خرج مسؤول ليقول «لدينا إستراتيجي»، وفي مقابلها ماذا طبق من هذه الإستراتيجية، والأهم ماذا غيرت لو زعموا بتطبيقها؟! لو كان مطلقو هذه المصطلحات يؤمنون بها، لتغيرت أحوال وأحوال. لكن حين يكشف الواقع بأن الأمور تمضي بـ«المعكوس» وتنغمس أكثر في التراجع والتهاوي، رجاء لا تقنعوني بأن «الإستراتيجية» أمر يتعدى «الاستخدام اللغوي» لمصطلح جمالي يراد به «دغدغة العقول»، ولا علاقة له بالواقع، نحن نعيش في عالم خيالي، صنعه أشخاص يبيعون الوهم للناس، وكثير منهم يفعلها ليحافظ على كرسيه العزيز.
أما الثالث: رغم ما ندعيه من تقدم في الفكر، وتطور في مجالات التعبير عن الرأي والحريات، إلا أن شعار «الاختلاف لا يفسد للود قضية»، ما هو إلا «خرافة» لا توجد على أرض الواقع. فاليوم لو اختلفت في الرأي مع أحدهم في أمر صغير جداً، ستكتشف أن «الود» لا محل له من الإعراب. اختلاف الآراء أصبح اليوم «أرضية» و«أساس» لتكريس الكراهية والحقد والعداء. حتى فيما تمارسه الصحافة والناس من نقد إيجابي، تجد مسؤولين يناصبونك العداء، بل وبعضهم يتفنن في تشويه سمعتك أو النيل منك أو الإضرار بك. وإن وجدت من يظل «الود» لديه باقياً حين الاختلاف، فهؤلاء أشخاص «أسطوريون» يجب الإشارة إليهم بالبنان، لأنهم لا يتكررون.
هل أصف صاحبي صاحب المبادئ بأنه شخص «محبط»؟! هل أعتبره شخصاً «انهزامياً» تخلى عن ثوابت لديه؟! وهل أراه خطراً على المجتمع فيما يعبر عن آراء «مثخنة» بجراح الواقع؟!
أبداً، الواقعية لا تعني الإحباط، بل هي أقوى تشخيص لأمور كنا نطرب لسماعها، ونسعى لتحقيقها، ونحلم أنه بموجبها يكون العالم أفضل وأجمل، لأن القاعدة تقول إن هذه الشعارات هي المفترض أن تكون سائدة، وأنها النمط الغالب في السلوكيات والممارسات، لكن حين يحصل العكس، فإن هناك خللاً كبيراً وخطيراً.
بعض القناعات تقتل قسراً، بعض الأحلام تخنق، وبعض المبادئ يتم «وأدها» في التراب، والسبب في ذلك ليست الشعارات، بل من يدعي أمام الناس أنه «المؤمن بها»، لكن في الواقع هو أول من يحاربها، وأول «الكافرين بها».
هل وصلت لمرحلة «الكفر بقناعاتك»؟!
سألته، فأجابني متوجساً من كلمة «الكفر»: ليس بهذا الوصف، لكنني بما مررت به من تجارب، أصبحت قناعاتي بشأن بعض الأمور تتغير، وتنقلب، بل أصبح كثير من الأمور التي كنت مؤمناً بها، يمثل لي أشباحاً أحاول الهرب منها والابتعاد قدر المستطاع.
مثل ماذا؟! سألته.
أجابني بأن هناك ثلاثة شعارات ذات مضامين راقية، بات لا يصدقها اليوم، بل يرفض أن تلقى على مسمعه، وهو مستعد لأن يجادل فيها حتى قيام الساعة!
الأول: بت لا أصدق شعار «الرجل المناسب في المكان المناسب»، وذلك لأن العرف السائد، والوضع الغالب، يكشف لك بأن هذا الشعار الإصلاحي الجميل بات يطبق بـ«المقلوب»، وترى حين تتمعن وتبحث في ممارسات بعض المسؤولين في الجانب الإداري «طعناً» في هذا الشعار، بل «محاربة» صريحة له، فتجد «الأشخاص المناسبين» غالبيتهم في الأماكن غير المناسبة، وترى الكفاءات تقتل، وترى المؤهلين يتم «الكيد لهم» و«تشويه صورتهم»، في جانب آخر ترى التقريب والتمكين لمفتقرين للضمائر والقدرات، الذين لا يخلصون لبلدهم وعملهم، بل لأنفسهم فقط. وعليه لم أعد أصدق هذا الشعار.
الثاني: بت لا أكترث ولا آخذ على محمل الجد من يورد في كلامه مصطلح «إستراتيجية»، وبت أغلق أذني عمن يخرج علينا ويتحدث في «التخطيط الإستراتيجي»، ولذلك طبعاً أسباب. أتساءل، كم مرة وردت كلمة «إستراتيجية» أو خرج مسؤول ليقول «لدينا إستراتيجي»، وفي مقابلها ماذا طبق من هذه الإستراتيجية، والأهم ماذا غيرت لو زعموا بتطبيقها؟! لو كان مطلقو هذه المصطلحات يؤمنون بها، لتغيرت أحوال وأحوال. لكن حين يكشف الواقع بأن الأمور تمضي بـ«المعكوس» وتنغمس أكثر في التراجع والتهاوي، رجاء لا تقنعوني بأن «الإستراتيجية» أمر يتعدى «الاستخدام اللغوي» لمصطلح جمالي يراد به «دغدغة العقول»، ولا علاقة له بالواقع، نحن نعيش في عالم خيالي، صنعه أشخاص يبيعون الوهم للناس، وكثير منهم يفعلها ليحافظ على كرسيه العزيز.
أما الثالث: رغم ما ندعيه من تقدم في الفكر، وتطور في مجالات التعبير عن الرأي والحريات، إلا أن شعار «الاختلاف لا يفسد للود قضية»، ما هو إلا «خرافة» لا توجد على أرض الواقع. فاليوم لو اختلفت في الرأي مع أحدهم في أمر صغير جداً، ستكتشف أن «الود» لا محل له من الإعراب. اختلاف الآراء أصبح اليوم «أرضية» و«أساس» لتكريس الكراهية والحقد والعداء. حتى فيما تمارسه الصحافة والناس من نقد إيجابي، تجد مسؤولين يناصبونك العداء، بل وبعضهم يتفنن في تشويه سمعتك أو النيل منك أو الإضرار بك. وإن وجدت من يظل «الود» لديه باقياً حين الاختلاف، فهؤلاء أشخاص «أسطوريون» يجب الإشارة إليهم بالبنان، لأنهم لا يتكررون.
هل أصف صاحبي صاحب المبادئ بأنه شخص «محبط»؟! هل أعتبره شخصاً «انهزامياً» تخلى عن ثوابت لديه؟! وهل أراه خطراً على المجتمع فيما يعبر عن آراء «مثخنة» بجراح الواقع؟!
أبداً، الواقعية لا تعني الإحباط، بل هي أقوى تشخيص لأمور كنا نطرب لسماعها، ونسعى لتحقيقها، ونحلم أنه بموجبها يكون العالم أفضل وأجمل، لأن القاعدة تقول إن هذه الشعارات هي المفترض أن تكون سائدة، وأنها النمط الغالب في السلوكيات والممارسات، لكن حين يحصل العكس، فإن هناك خللاً كبيراً وخطيراً.
بعض القناعات تقتل قسراً، بعض الأحلام تخنق، وبعض المبادئ يتم «وأدها» في التراب، والسبب في ذلك ليست الشعارات، بل من يدعي أمام الناس أنه «المؤمن بها»، لكن في الواقع هو أول من يحاربها، وأول «الكافرين بها».