رد الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني على قرار تجميد السلطات القطرية حساباته المصرفية على خلفية دوره في الأزمة القطرية أوجزه في عبارتين، الأولى قوله «شرفني النظام القطري بتجميد جميع حساباتي البنكية، وأشكرهم على هذا الوسام وأتشرف بتقديمه للوطن ومن أجله»، والثانية قوله «أتمنى من قطر أن تطرد صيادي الفرص وأصدقاء المصالح وأن تعود إلى حضنها الخليجي وأهلها الغيورين عليها فلن ينفعنا أحد سواهم»، والعبارتان تلخصان بذكاء واقع الحال في قطر ومخرجها من أزمتها، فعندما لا تجد السلطة في قطر وسيلة للتواصل والتفاهم مع الشيخ عبدالله -الذي يسعى إلى تصحيح أخطائها ليخرج قطر من ورطتها ويوظف كل ما يمتلكه من علاقات ومكانة بين الحكام من أجل ذلك- سوى تجميد حساباته المصرفية، وعندما تفضل عليه وعلى كل من يريد الخير لقطر من أبنائها وأهلها في دول التعاون أولئك الذين عبر عنهم الشيخ بصيادي الفرص وأصدقاء المصالح فإن هذا يعني أن قطر تتخبط ولم تعد تعرف الصح من الغلط.

السلطة التي لا تجد سوى تجميد الحسابات المصرفية لمن يختلف معها أو لا يعجبها تصرفه ومواقفه يعني أنها سلطة فقيرة وتعاني من قلة الحيلة، فهذا الفعل لا يندرج في باب أفعال السياسيين ذوي الخبرة والحنكة، والسلطة التي تسمح لمقتنصي الفرص وأصحاب المصالح بالتمدد في البلاد على هواهم رغم علمها بأنهم كذلك وتفضلهم على أبنائها ومن يريد لها الخير من أهلها في دول التعاون سلطة أقل ما يمكن أن يقال عنها هو أنها لا يهمها مصالح المواطنين والوطن.

الشيخ عبدالله بن علي فضح بتلك العبارتين اللتين رد بهما على قرار تجميد حساباته المصرفية السلطة في قطر وأظهرها على حقيقتها وأحرجها، فالعبارتان تذكران أيضاً بجهوده الخيرة لرأب الصدع وبدعوته إلى عقد لقاء وطني لبحث الأزمة بغية تقوية اللحمة الخليجية، ذلك أن كل من قرأ الخبر استعاد ما قام به الشيخ عبدالله في الفترة من بعد اتخاذ الدول الأربع قرار قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر إلى اليوم، والأكيد أنه قارن بين ما يسعى إليه الشيخ عبدالله وما يسعى إليه أولئك الذين يقتنصون الفرص ويستغلون قلة خبرة السلطة في قطر و»ركوبها رأسها»، والأكيد أيضاً أنه وجد أن الحق، كل الحق، مع الشيخ عبدالله الذي أثبت أيضاً أنه سياسي محنك، فمثل هذا الرد لا يمكن أن يصدر عمن تنقصه الخبرة السياسية ويفتقر إلى الحنكة والحكمة.

تبني الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني موقف الرياض من الأزمة يؤكد أيضاً أنه متمكن من العمل السياسي، فالرياض لا تريد للدوحة غير الخير، والخير يكمن في توقف السلطة في قطر عن مواصلة السير في طريق الخطأ المتمثل في دعم وتمويل الإرهاب واحتضان الإرهابيين وتوفير الموئل لهم.

العارفون بطريقة تفكير السلطة في قطر، ومنهم الشيخ عبدالله، كانوا يتوقعون بل كانوا على يقين بأنها ستلجأ إلى تجميد حساباته المصرفية، والغالب أنها لن تكتفي بهذه الخطوة خصوصاً بعدما تأكدت بأنها لم تؤتِ أكلها وجاءها الرد الذي لم تتوقعه، لذا فإنه من غير المستبعد أن تعمل على تشويه سمعة الشيخ عبدالله وتأليف القصص عنه أملاً في إضعافه ودفعه إلى تغيير موقفه والتراجع عن الذي يريد تحقيقه لوطنه ولمواطنيه.

المتابعون لما يجري في الساحة الخليجية لا يختلفون على أن الشيخ عبدالله بن علي سيواصل المشوار، ويتوقعون اتخاذه قرارات عملية من شأنها أن تضعف السلطة في قطر، قد يكون من بينها تشكيل حكومة قطرية معارضة في المنفى.