أقام العرب قديماً المآتم على موتاهم، واسترسلوا في النياحة والبكاء على قتلاهم، وكثرت النياحة على الميت وندب المعولات.. وتباينت المناحة وفقاً لدرجته الاجتماعية وموضعه ووجاهته في قبيلته، بل كان من عرفهم البكاء على الميت عاماً كاملاً وضمنوا ذلك في وصاياهم، فإذا كان قتيلاً لم يبكَ عليه إلا بعد الأخذ بثأره.. وحينها يسمح للزوجات والأبناء ومن لاذ به، بإقامة المآتم والبكاء على ميتهم بعد الاقتصاص من قاتله، هذه على عجالة.. تراجيدياً مجالس العزاء في الجاهلية، وعرفت كلمة المأتم كونها مصطلحاً عربياً قديماً، كما وردت في أغلب معاجم اللغة «إنه مجتمع من الناس في حزن أو فرح رجالاً ونساء» والجمع مآتم.
وأصبحت هذه التسمية مع مرور الأيام.. عرفاً للمكان الذي يقام فيه ذكرى استشهاد الحسين بن علي ويجتمع الناس فيه، كما أتت الأخبار من جهابدة المؤرخين من كلا الطائفتين، أن الأئمة من ولد الحسين كانوا يقيمون المآتم أيام عاشوراء على مصاب جدهم ويندبون الشعراء في مجالسهم ليلهجوا لوعة وأسى.. تتفجر من صدورهم أبيات شعر خالدة.. كما شجعوا محبيهم ومريديهم على إقامتها حتى في ظروف الكبت والقمع إبان الدولتين الأموية والعباسية.. ومع تطور الزمن وتلاحق القرون غدت المآتم في عصرنا الحديث مؤسسة دينية ثقافية اجتماعية.
ولأن البحرين قديمة قدم التاريخ.. حافظت دون سواها في المنطقة على المسمى العربي الصحيح «المأتم»، وخصت الاسم بالأماكن التي يجتمع فيها الناس لذكر مصيبة الحسين وأهل بيته النجباء وصحبه الكرام والأئمة من ولده.. وتقام احتفالات مواليدهم فيها وتستذكر حكمهم وأقوالهم ومواعظهم الداعية لذكر الله والورع عن محارمه، والآخذة بالنفس لمراتب السمو مع الله والرفعة أدباً وخلقاً.
ومع موجة التأثر بالآخر!! انساق البعض من دون وعي.. لاستنقاص تراث أهل البحرين الثري.. ليتم استبدال اسم المأتم في بعض الأماكن والاستعانة بلفظ «الحسينيات»، وهو محو واضح صريح لتاريخ تليد.. كان السبق فيه للأجداد علماً ومعرفة، ونسيان حضارة تأثرت بها الأمم المجاورة.. وشخصيات علمائية فذة حافظت على عروبتها مثلت انتماءها لهذه الأرض الطيبة، ووصل صيتها أصقاع الدول المحاذية، وقد قرأت سابقاً لأحدهم في بلادنا، لم يدلل على صحة دعواه يدعي أن اللفظ الصحيح هو الحسينية أو العباسية!!! ويستطرد في دعواه أن أهل البحرين على خطأ في تسمية أماكن مصيبة الحسين بالمآتم، ونخشى هذرة مماثلة أو دعوة مستقبلية.. من أفراد يدعون فيها إلى تسميات الجعفرية أو الموسوية أو الرضوية او المهدوية على أنها الأصح!!
إن مسمى «الحسينيات» مصطلح غير مألوف، ومما لم يتعارف عليه آباؤنا وأجدادنا، وكانت البحرين المنهل لأهل المنطقة يغترفون منها ومن علم الأولين من أهل المعرفة، وهي راعية السبق في كثير من المجالات، وهي رائدة تسمية التجمعات بمآتم في المنطقة، أما مسمى الحسينيات فقد انتشر مؤخراً في البحرين وبكثرة.. وهو مسمى استحدث منذ مائة عام تقريباً، واستحسنه أهل العراق وبلاد الشام ثم استنسخه أهل المنطقة، وكان متداولاً في البحرين آنذاك على نطاق ضيق جداً وغير معتمد، ولو سأل كبار السن من الطائفتين الكريمتين لأجابوا بنفي وجوده أيام صباهم، أو ندرة وصوله إلى مسامعهم!! لأن المتعارف بينهم قديماً هو مسمى المأتم فقط. يا ترى من أين استحدث؟ هل هو مسمى جاء به الفرس أو الهنود؟ لصعوبة نطق لفظ المأتم على لسانهم؟ أم للمزايدة؟ كما أتتنا منهم طرق أخرى كضرب السلاسل على الظهور؟ والمشي على الجمر؟ وتطيين الخدود؟ وتنطيح الجباه؟ ورسم صور أئمة أهل البيت التي تراءت لهم في الأحلام؟ رسومات لوجوه من منظورهم ووفق أشكالهم، بيضاء البشرة ناعمة الشعر!! ولست في مورد وصف شكل العربي وهيئته التي تناقض ذلك. وأستغرب من انتقال عدوى التأثر بالمسميات، من الأفراد إلى المؤسسات الرسمية!! متمنياً من إدارة الأوقاف الجعفرية التصحيح والالتفات بعدم نقل المفردات الإيرانية في خطابها الرسمي، وقد لوحظ ذلك في بياناتها بتضمين كلمتي «الحسينيات والروضات»، وتكرار لفظ الروضات الحسينية كاسم معتمد للتجمعات العاشورائية، ومن المعلوم لدى أهل الاطلاع.. أن تسمية الروضة قد اقتبست من عنوان كتاب «روضة الشهداء»، للعالم الإيراني حسين كاشفي «من علماء القرن العاشر الهجري»، ولكون هذا الكتاب يقرؤه الإيرانيون عادة في مجالس التعزية الحسينية في بلادهم، فقد أطلقوا على المجالس الحسينية مسمى روضة نسبة إلى عنوان الكتاب، ومن هنا شق اسم الخطيب الحسيني باللغة الفارسية روزخون «روضة خون».
ونحن في البحرين فإن أصالة وقدم وثراء التجربة.. تدفعنا للمحافظة على هالة الشخصية البحرينية من التداعي، والاعتداد بالموروث الحضاري كما كان السابقون على هذه الأرض، ومسمى المأتم مثال على العراقة والأصالة.. إنه من المفاهيم والمسميات التي تفردنا وعرفنا بها في المنطقة حتى قيل ومازال «على طريقة أهل البحرين»، والتي تعد إرثاً ثقافياً مكتسباً، إنها من المخزون الفكري النابع من الأصالة العربية لهذا الوطن، فإن تساهلنا في التفريط.. ضيعنا هويتنا وانتماءنا.
وأصبحت هذه التسمية مع مرور الأيام.. عرفاً للمكان الذي يقام فيه ذكرى استشهاد الحسين بن علي ويجتمع الناس فيه، كما أتت الأخبار من جهابدة المؤرخين من كلا الطائفتين، أن الأئمة من ولد الحسين كانوا يقيمون المآتم أيام عاشوراء على مصاب جدهم ويندبون الشعراء في مجالسهم ليلهجوا لوعة وأسى.. تتفجر من صدورهم أبيات شعر خالدة.. كما شجعوا محبيهم ومريديهم على إقامتها حتى في ظروف الكبت والقمع إبان الدولتين الأموية والعباسية.. ومع تطور الزمن وتلاحق القرون غدت المآتم في عصرنا الحديث مؤسسة دينية ثقافية اجتماعية.
ولأن البحرين قديمة قدم التاريخ.. حافظت دون سواها في المنطقة على المسمى العربي الصحيح «المأتم»، وخصت الاسم بالأماكن التي يجتمع فيها الناس لذكر مصيبة الحسين وأهل بيته النجباء وصحبه الكرام والأئمة من ولده.. وتقام احتفالات مواليدهم فيها وتستذكر حكمهم وأقوالهم ومواعظهم الداعية لذكر الله والورع عن محارمه، والآخذة بالنفس لمراتب السمو مع الله والرفعة أدباً وخلقاً.
ومع موجة التأثر بالآخر!! انساق البعض من دون وعي.. لاستنقاص تراث أهل البحرين الثري.. ليتم استبدال اسم المأتم في بعض الأماكن والاستعانة بلفظ «الحسينيات»، وهو محو واضح صريح لتاريخ تليد.. كان السبق فيه للأجداد علماً ومعرفة، ونسيان حضارة تأثرت بها الأمم المجاورة.. وشخصيات علمائية فذة حافظت على عروبتها مثلت انتماءها لهذه الأرض الطيبة، ووصل صيتها أصقاع الدول المحاذية، وقد قرأت سابقاً لأحدهم في بلادنا، لم يدلل على صحة دعواه يدعي أن اللفظ الصحيح هو الحسينية أو العباسية!!! ويستطرد في دعواه أن أهل البحرين على خطأ في تسمية أماكن مصيبة الحسين بالمآتم، ونخشى هذرة مماثلة أو دعوة مستقبلية.. من أفراد يدعون فيها إلى تسميات الجعفرية أو الموسوية أو الرضوية او المهدوية على أنها الأصح!!
إن مسمى «الحسينيات» مصطلح غير مألوف، ومما لم يتعارف عليه آباؤنا وأجدادنا، وكانت البحرين المنهل لأهل المنطقة يغترفون منها ومن علم الأولين من أهل المعرفة، وهي راعية السبق في كثير من المجالات، وهي رائدة تسمية التجمعات بمآتم في المنطقة، أما مسمى الحسينيات فقد انتشر مؤخراً في البحرين وبكثرة.. وهو مسمى استحدث منذ مائة عام تقريباً، واستحسنه أهل العراق وبلاد الشام ثم استنسخه أهل المنطقة، وكان متداولاً في البحرين آنذاك على نطاق ضيق جداً وغير معتمد، ولو سأل كبار السن من الطائفتين الكريمتين لأجابوا بنفي وجوده أيام صباهم، أو ندرة وصوله إلى مسامعهم!! لأن المتعارف بينهم قديماً هو مسمى المأتم فقط. يا ترى من أين استحدث؟ هل هو مسمى جاء به الفرس أو الهنود؟ لصعوبة نطق لفظ المأتم على لسانهم؟ أم للمزايدة؟ كما أتتنا منهم طرق أخرى كضرب السلاسل على الظهور؟ والمشي على الجمر؟ وتطيين الخدود؟ وتنطيح الجباه؟ ورسم صور أئمة أهل البيت التي تراءت لهم في الأحلام؟ رسومات لوجوه من منظورهم ووفق أشكالهم، بيضاء البشرة ناعمة الشعر!! ولست في مورد وصف شكل العربي وهيئته التي تناقض ذلك. وأستغرب من انتقال عدوى التأثر بالمسميات، من الأفراد إلى المؤسسات الرسمية!! متمنياً من إدارة الأوقاف الجعفرية التصحيح والالتفات بعدم نقل المفردات الإيرانية في خطابها الرسمي، وقد لوحظ ذلك في بياناتها بتضمين كلمتي «الحسينيات والروضات»، وتكرار لفظ الروضات الحسينية كاسم معتمد للتجمعات العاشورائية، ومن المعلوم لدى أهل الاطلاع.. أن تسمية الروضة قد اقتبست من عنوان كتاب «روضة الشهداء»، للعالم الإيراني حسين كاشفي «من علماء القرن العاشر الهجري»، ولكون هذا الكتاب يقرؤه الإيرانيون عادة في مجالس التعزية الحسينية في بلادهم، فقد أطلقوا على المجالس الحسينية مسمى روضة نسبة إلى عنوان الكتاب، ومن هنا شق اسم الخطيب الحسيني باللغة الفارسية روزخون «روضة خون».
ونحن في البحرين فإن أصالة وقدم وثراء التجربة.. تدفعنا للمحافظة على هالة الشخصية البحرينية من التداعي، والاعتداد بالموروث الحضاري كما كان السابقون على هذه الأرض، ومسمى المأتم مثال على العراقة والأصالة.. إنه من المفاهيم والمسميات التي تفردنا وعرفنا بها في المنطقة حتى قيل ومازال «على طريقة أهل البحرين»، والتي تعد إرثاً ثقافياً مكتسباً، إنها من المخزون الفكري النابع من الأصالة العربية لهذا الوطن، فإن تساهلنا في التفريط.. ضيعنا هويتنا وانتماءنا.