لا أدري أنعتبر مواليد الخمسينات محظوظين فهم جيل قد عاش في أزمان مختلفة، عاشوا زمن «فرجان لول» في الأحياء القديمة ذات الممرات الضيقة لتُقرب بين أبناء الحي كقرب قلوبهم من بعض، وسكنوا البيوت القديمة الواسعة والتي يتوسطها فناء يجتمع فيها أفراد العائلة وتحيط بالفناء غرف ومرافق المنزل، بيوت تضم بين جدرانها أسرة ممتدة من الجد إلى الأبناء والأحفاد وربما أحفاد الأبناء، أجيال متعددة تحت سقف واحد يعرفون كيف يتعايشون ويتقنون فن التأقلم واحترام حقوق ورغبات الغير، سكنوا بيوت تعاونوا معا على تنظيفها وصيانتها وتنظيمها وخدمة أفراد العائلة فيبيتون كالين من عمل يدهم فينامون ملء الجفون فأجسادهم مرهقه وقلوبهم نقية ساكنة هادئة تعينهم على النوم الهادئ العميق.
ثم عاشوا زمن آخر جاء بثوب جديد فتغير فيه نمط الحياة وتغير تصميم منازلهم فسكنت كل أسرة في منزل مستقل وفي فيلا واسعة، تحيط بها حديقة منزلية، غرف ومرافق المنزل تقع في طابقين فتباعدت مرافق وغرف المنزل واتسعت أرجائه. أفراد أسرة صغيرة لا تتجاوز السبعة أفراد تجدهم يعيشون متناثرين في هذه الفيلا الشاسعة، فكل فرد له غرفته واستقلاليته داخل هذا البيت حتى لتظن أنهم غير قادرين على التعايش والتواصل معاً، فالحوار بينهم محدود، والتواصل بينهم حذر، هم يسكنون بيتاً واسعاً كبيراً، وعدد أفراده قليل ولكن اجتماعهم صعب المنال حتى طاولة الطعام تفتقد لقياهم معاً وتظل ممدودة تنتظر واحداً تلو الآخر ليتناول وجبته متى سنحت له ظروفه مسرعاً صامتاً، يعتكف كل فرد في الأسرة في غرفته التي زودت بجميع احتياجاته من تلفاز وثلاجة صغيرة وغيرها حتى استغنى عن باقي أرجاء المنزل، بيوت تعج بالخدم ليتولوا مهمة تنظيف وتلميع ما بها من أثاث فخم ومتابعتها، بيوت شاسعة متعددة المرافق حتى أفرادها يعجز عن الذهاب أو المرور لجميع مرافقه فتمر به أسابيع وربما أشهر لا يدخل بعض تلك المرافق، فلا حاجة له بها.
وها هم اليوم يقفون على أعتاب مرحلة جديدة، حيث اكتظت المناطق السكنية بالفلل والمساكن، فلا مجال لبناء فلل واسعة، وارتفعت أجور خدم المنزل وتعقدت إجراءات استقدامهم، فعليهم أن يستعدوا اليوم للسكن في نموذج آخر من المساكن. سيضطرون لبناء مساكن أصغر حجماً فهذا حدود منالهم، وسيستغنون عن فريق الخدم بالمنزل سواء سائق أو مزارع أو مربية أو خادمة وربما ممرضة أحيانا، هم الآن يعدون هذا النوع من المساكن لكم أنتم جيل اليوم، فلا تلوموهم ولا تعتبوا عليهم، ولا تتهموهم بالأنانية لأنهم بنوا لأنفسهم بيوت وفلل كبيرة، واليوم يبنون لأسر أبنائهم وأحفادهم نموذج جديد من البيوت الصغيرة فلكل زمان سماته وخصائصه، فتقبلوا هذا النموذج، وهي بيوت عمودية أو بمعنى آخر «عمارة»، من عدة طوابق كل طابق يسكنه أحد الأبناء مع أسرته، فيجتمع شمل العائلة من جديد ونعود إلى زمن الأسر الممتدة مرة أخرى ليسكن الأجداد، والأبناء، والأحفاد في مسكن واحد ولكن مع فارق كبير فلا يجمعهم سقف، وإن جمعتهم جدران واحدة، ستحافظ كل أسرة على استقلاليتها بالسكن في إحدى الشقق في نفس العمارة. سيكون بينهم تفاعل وتعايش من نوع جديد، سيتشاركون في مرافق تلك الشقق سواء كانت مواقف سيارات وكراجات، أو المصعد، وخدمات مشتركة مثل خزانات الماء، وسلم ومدخل للعمارة وربما حديقة صغيرة يمرح فيها الأحفاد ويجتمع فيها الأبناء وغيرها من المرافق، وبذلك ستعود العائلة للعيش معا.
هذه هي ثقافة مجتمعنا، مجتمع مترابط متماسك، أسرةٌ متماسة لا تتقبل بعد المسافة بين سكن أفراد عائلتها، ويبقى سؤال يفرض نفسه علينا، هل تمتلك هذه العائلات القدرة على التعايش معا في مسكن واحد وان احتفظت بقدر كبير من الخصوصية لكل أسرة، وكيف ستشترك في ملكية هذه الشقق، وفي تقديري أن جواب هذا السؤال حتمي وهو أن هذا الوضع يتطلب منهج جديد للتعايش فلابد من تهيئة أفراد الأسر لهذه المرحلة وتأسيس ثقافة مجتمع، فالعائلة إن جمعتها مصالح مالية مشتركة مثل الاشتراك في العيش في المنزل وفي ملكيته يجب الاحتكام للقوانين والأنظمة والتعامل معا بمهنية، فكثير من العائلات عندما تشترك في مصالح مادية تحكم تعاملاتها العاطفة والعلاقات الإنسانية مما قد يجرها في نهاية المطاف إلى الخلافات والشقاق، لذا عليهم ان يتعاملوا بطريقة مهنية كي يتجنبوا الخلافات ولا تؤثر سلبا على العلاقات الأسرية بينهم فقد قال السابقون «تعاشروا كالإخوان وتحاسبوا كالغرباء»، ولنا تجربة سابقة نهتدي بها وهي تجربة الشركات العائلية في البحرين، حيث يجتمع الأهل في استثمارات مشتركة ولكن يتعاملون بطريقة مهنية فتستمر العلاقة العائلية، وتستمر العلاقة المهنية، فاشتراك الأخوة وأسرهم في ملكية السكن يجب أن ينظم بمهنية وفق قوانين اتحاد الملاك. مرحلة جديدة يجب أن نضع تصوراً لها وننظمها قبل وقوع المشاكل فعلينا أن نتنبأ بالتغيرات الاجتماعية ونخطط لها فلا ننتظر الوقوع في المشاكل ثم نوجد الحلول لها.
ثم عاشوا زمن آخر جاء بثوب جديد فتغير فيه نمط الحياة وتغير تصميم منازلهم فسكنت كل أسرة في منزل مستقل وفي فيلا واسعة، تحيط بها حديقة منزلية، غرف ومرافق المنزل تقع في طابقين فتباعدت مرافق وغرف المنزل واتسعت أرجائه. أفراد أسرة صغيرة لا تتجاوز السبعة أفراد تجدهم يعيشون متناثرين في هذه الفيلا الشاسعة، فكل فرد له غرفته واستقلاليته داخل هذا البيت حتى لتظن أنهم غير قادرين على التعايش والتواصل معاً، فالحوار بينهم محدود، والتواصل بينهم حذر، هم يسكنون بيتاً واسعاً كبيراً، وعدد أفراده قليل ولكن اجتماعهم صعب المنال حتى طاولة الطعام تفتقد لقياهم معاً وتظل ممدودة تنتظر واحداً تلو الآخر ليتناول وجبته متى سنحت له ظروفه مسرعاً صامتاً، يعتكف كل فرد في الأسرة في غرفته التي زودت بجميع احتياجاته من تلفاز وثلاجة صغيرة وغيرها حتى استغنى عن باقي أرجاء المنزل، بيوت تعج بالخدم ليتولوا مهمة تنظيف وتلميع ما بها من أثاث فخم ومتابعتها، بيوت شاسعة متعددة المرافق حتى أفرادها يعجز عن الذهاب أو المرور لجميع مرافقه فتمر به أسابيع وربما أشهر لا يدخل بعض تلك المرافق، فلا حاجة له بها.
وها هم اليوم يقفون على أعتاب مرحلة جديدة، حيث اكتظت المناطق السكنية بالفلل والمساكن، فلا مجال لبناء فلل واسعة، وارتفعت أجور خدم المنزل وتعقدت إجراءات استقدامهم، فعليهم أن يستعدوا اليوم للسكن في نموذج آخر من المساكن. سيضطرون لبناء مساكن أصغر حجماً فهذا حدود منالهم، وسيستغنون عن فريق الخدم بالمنزل سواء سائق أو مزارع أو مربية أو خادمة وربما ممرضة أحيانا، هم الآن يعدون هذا النوع من المساكن لكم أنتم جيل اليوم، فلا تلوموهم ولا تعتبوا عليهم، ولا تتهموهم بالأنانية لأنهم بنوا لأنفسهم بيوت وفلل كبيرة، واليوم يبنون لأسر أبنائهم وأحفادهم نموذج جديد من البيوت الصغيرة فلكل زمان سماته وخصائصه، فتقبلوا هذا النموذج، وهي بيوت عمودية أو بمعنى آخر «عمارة»، من عدة طوابق كل طابق يسكنه أحد الأبناء مع أسرته، فيجتمع شمل العائلة من جديد ونعود إلى زمن الأسر الممتدة مرة أخرى ليسكن الأجداد، والأبناء، والأحفاد في مسكن واحد ولكن مع فارق كبير فلا يجمعهم سقف، وإن جمعتهم جدران واحدة، ستحافظ كل أسرة على استقلاليتها بالسكن في إحدى الشقق في نفس العمارة. سيكون بينهم تفاعل وتعايش من نوع جديد، سيتشاركون في مرافق تلك الشقق سواء كانت مواقف سيارات وكراجات، أو المصعد، وخدمات مشتركة مثل خزانات الماء، وسلم ومدخل للعمارة وربما حديقة صغيرة يمرح فيها الأحفاد ويجتمع فيها الأبناء وغيرها من المرافق، وبذلك ستعود العائلة للعيش معا.
هذه هي ثقافة مجتمعنا، مجتمع مترابط متماسك، أسرةٌ متماسة لا تتقبل بعد المسافة بين سكن أفراد عائلتها، ويبقى سؤال يفرض نفسه علينا، هل تمتلك هذه العائلات القدرة على التعايش معا في مسكن واحد وان احتفظت بقدر كبير من الخصوصية لكل أسرة، وكيف ستشترك في ملكية هذه الشقق، وفي تقديري أن جواب هذا السؤال حتمي وهو أن هذا الوضع يتطلب منهج جديد للتعايش فلابد من تهيئة أفراد الأسر لهذه المرحلة وتأسيس ثقافة مجتمع، فالعائلة إن جمعتها مصالح مالية مشتركة مثل الاشتراك في العيش في المنزل وفي ملكيته يجب الاحتكام للقوانين والأنظمة والتعامل معا بمهنية، فكثير من العائلات عندما تشترك في مصالح مادية تحكم تعاملاتها العاطفة والعلاقات الإنسانية مما قد يجرها في نهاية المطاف إلى الخلافات والشقاق، لذا عليهم ان يتعاملوا بطريقة مهنية كي يتجنبوا الخلافات ولا تؤثر سلبا على العلاقات الأسرية بينهم فقد قال السابقون «تعاشروا كالإخوان وتحاسبوا كالغرباء»، ولنا تجربة سابقة نهتدي بها وهي تجربة الشركات العائلية في البحرين، حيث يجتمع الأهل في استثمارات مشتركة ولكن يتعاملون بطريقة مهنية فتستمر العلاقة العائلية، وتستمر العلاقة المهنية، فاشتراك الأخوة وأسرهم في ملكية السكن يجب أن ينظم بمهنية وفق قوانين اتحاد الملاك. مرحلة جديدة يجب أن نضع تصوراً لها وننظمها قبل وقوع المشاكل فعلينا أن نتنبأ بالتغيرات الاجتماعية ونخطط لها فلا ننتظر الوقوع في المشاكل ثم نوجد الحلول لها.