على سبيل الطرافة والمقاربة ذكرنا في مقال سابق كيف أن طهران قد رمتنا بدائها وانسلت عندما دعت السعودية لقطع ما أسمته بـ«العلاقات مع إسرائيل»، ولكن يبدو أن إيران لم تكن تطلق نكتة الموسم كما تندرنا في سابق الأمر، بل إنها مزمعة على تكوين رصيد من الطرائف ليشكل سياسة جديدة لها تحول من خلالها تلك طرائف لحقائق في وقت لاحق، وهو ما جعل وزير مخابراتها محمود علوي يصرّح بأن جذور التطرف الديني في الإسلام تعود إلى «الإخوان المسلمين» في مصر، وتفريخاتها في المنطقة إلى جانب تحميل المسؤولية في نشر الإرهاب إلى الحركة الوهابية في السعودية، حسب زعمه.

واختتم علوي تصريحه بالقول «اليوم ورغم كل الجراح التي تحملتها، فإن جبهة المقاومة تزداد عنفواناً وقوة وتصميماً، وتريد أن تحيي هويتها، لتواجه أعداء الأمة «الوهابية، والإخوان المسلمين، وإسرائيل». ويجرنا تصريحه الملغوم إلى الحديث في محورين، الأول حول الإخوان المسلمين سواء في مصر أو أتباعهم في الخليج العربي، والآخر حول «الوهابية» السعودية.

أما الإخوان المسلمون فقد اتفق الجميع مؤخراً على إرهابية أنشطتهم، ولكننا لم نتوقع يوماً ذلك الإقرار من طهران وهي خليلة الإخوان التي تجمعها معهم تحالفات إستراتيجية وتكتيكية، وعلاقات دعم متبادلة بين الطرفين لقيام دولتيهما، فقد رحب الإخوان المسلمون بظهور الجمهورية الإسلامية «الخمينية» في إيران عام 1979، وبالمقابل فقد احتفت إيران أيضا بصعود الإخوان المسلمين في مصر. فهل يشكل تصريح طهران الأخير نوعاً من المقاربة بين السياسة الإعلامية العدائية المتبادلة بين إيران وإسرائيل بينما ينعم الطرفان بعلاقات سرية ودية، لتعيد الكرة مع الإخوان المسلمين؟ وذلك من أجل تمرير ادعائها بشأن ما أسمته بـ«الوهابية السعودية».

أما الحديث عن الوهابية فيعيدني إلى توضيح دقيق قدمه د. ماجد التركي في لقاء أجريته له قبل فترة حول الخلط بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، المتوفى عام 1206هـ،1791م، الذي تعاضد مع الإمام محمد بن سعود على تأسيس الدولة السعودية، وهو عالم سني فقيه على المذهب الحنبلي، وبين محمد بن عبدالوهاب الخانجي المتوفى عام 190 للهجرة، وقد ظهر في شمال إفريقيا، وهو على مذهب الخوارج «الذي يكفر أصحاب كبائر الذنوب» وكان يطلق عليه وعلى أتباعه «الوهابيون التكفيريون» وهنا فرق كبير. وقد استغلت إيران ذلك التشابه في الأسماء لتشويه صورة السعودية وتحويل لفظة الوهابية إلى إشارة للتعصب والتطرف الديني والإرهاب في المنطقة، خلافاً لحقيقة الأمر.

* اختلاج النبض:

طهران أرادت أن تسوّق ما يكفي من التهم للسعودية لتجريمها دولياً، فهل ستتيح لها دول الخليج العربية هذه الفرصة وتقف مكتوفة الأيدي؟!!