هكذا هو الحال اليوم في إيران، ففي كل يوم تزداد أعداد العاطلين فيها، وفي كل يوم تزداد أعداد الفقراء والمعوزين، حتى وصل إلى تعطل ثلث حاملي الشهادات الجامعية. حالياً يوجد في إيران ما بين 10 إلى 12 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، بعضهم صار يبحث عن قوته في حاويات القمامة ويتخذ من المقابر موئلاً وصار يتمنى الموت بعد أن يئس من تغير الحال في ظل هذا النظام. وبسبب السياسات الاقتصادية للرئيس حسن روحاني وتوجهه نحو رفع الدعم المادي عن المحتاجين له فإن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 54 مليون شخص أي ما نسبته 67 % من الشعب الإيراني، وهي نسبة مرشحة للارتفاع بسبب العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران وما سيتلوها من عقوبات، وبسبب احتمالية إلغاء الاتفاق النووي الذي هو أمل النظام لحل جانب من مشكلاته الاقتصادية (ولو أنه لم يستفد من المبالغ الكبيرة التي حصل عليها فور توقيع الاتفاق، فبدلاً عن توظيفها لحل مشكلاته في الداخل غطى بها جزءاً من نفقاته الضائعة على مغامراته الخارجية).
ما حدث في إيران في 28 ديسمبر الماضي يقلق نظام ولاية الفقيه كثيراً، فعندما يخرج الناس بسبب الجوع وبسبب شح الوظائف وليس للمطالبة بتوسيع هامش الحريات أو لتعديل قانون، وعندما يبدأ الخروج من مدينة مشهد، أحد معاقل النظام والمدينة التي ولد فيها المرشد العام والعديد من قيادات النظام والتي تعتبر أفضل من المدن الأخرى اقتصادياً بسبب السياحة الدينية، فإن احتمالية زعزعة أركان النظام تكون أكبر حيث من الطبيعي في هذه الحالة أن يكون بين الشعارات المرفوعة مطالبات بإسقاط النظام، وهو ما حدث في الاحتجاجات الأخيرة التي دعا المشاركون فيها النظام إلى التوقف عن مغامراته الخارجية والتي يصرف عليها من جيب المواطن الإيراني باستباحة ثرواته.
الواضح اليوم أن النظام الإيراني غير قادر على احتواء الموقف؛ فأعداد المحتاجين والمعوزين في ازدياد، وأعداد العاطلين في ازدياد، والمواطنون الذين صاروا يشعرون بأنهم لا يعنون للنظام شيئاً في ازدياد، ولهذا فإنه ابتدع ما قد لا يخطر على البال من طرق بغية السيطرة على الأوضاع التي تزداد سوءاً. من ذلك على سبيل المثال إقراره قانون «جريمة الفكر» الذي يحظر أي عمل عنيف أو سلمي يقوم به شخص أو جماعة ضد النظام، وقوانين أخرى عديدة تحظر على المواطنين «الاتصال وتبادل المعلومات أو المقابلات أو التواطؤ مع السفارات الأجنبية أو المنظمات أو الأحزاب أو وسائل الإعلام على أي مستوى يمكن اعتباره ضاراً باستقلال البلاد أو بالوحدة الوطنية أو مصالح الجمهورية الإسلامية» (وكلها قوانين فضفاضة يمكن بواسطتها تلبيس التهم لأي شخص في أي ساعة والتخلص من كل من يقرر النظام أن الأفضل له وللعباد التخلص منه)، وبالتأكيد لا يمكن إلا الإشارة إلى توظيف الدين لمواجهة أي مظهر للاحتجاج باعتبار أن «الاحتجاج محاربة لله ورسوله وفتنة كبرى».
ولأن كل هذا لا يمكن أن يخرج النظام من ورطته، ولأن أحوال المواطنين الإيرانيين تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، لذا فإن المتوقع هو معاودة الخروج إلى الشوارع ومواجهة عصا النظام والدخول في حالة العصيان المدني وانضمام طبقات اجتماعية أخرى إلى المحتجين وخصوصاً الطلبة الجامعيين والخريجين العاطلين والتوصل إلى إيجاد قيادة للاحتجاجات الأخيرة التي كانت عفوية، وهذا من شأنه أن يضع النظام في مأزق حقيقي حيث لن يجد سوى التعامل مع المحتجين بالهراوات والعصي الكهربائية والتنكيل بهم بكل الطرق وبكل الوسائل، وهذا بدوره سيوسع من دائرة الاحتجاج والثورة ضد هذا النظام.
{{ article.visit_count }}
ما حدث في إيران في 28 ديسمبر الماضي يقلق نظام ولاية الفقيه كثيراً، فعندما يخرج الناس بسبب الجوع وبسبب شح الوظائف وليس للمطالبة بتوسيع هامش الحريات أو لتعديل قانون، وعندما يبدأ الخروج من مدينة مشهد، أحد معاقل النظام والمدينة التي ولد فيها المرشد العام والعديد من قيادات النظام والتي تعتبر أفضل من المدن الأخرى اقتصادياً بسبب السياحة الدينية، فإن احتمالية زعزعة أركان النظام تكون أكبر حيث من الطبيعي في هذه الحالة أن يكون بين الشعارات المرفوعة مطالبات بإسقاط النظام، وهو ما حدث في الاحتجاجات الأخيرة التي دعا المشاركون فيها النظام إلى التوقف عن مغامراته الخارجية والتي يصرف عليها من جيب المواطن الإيراني باستباحة ثرواته.
الواضح اليوم أن النظام الإيراني غير قادر على احتواء الموقف؛ فأعداد المحتاجين والمعوزين في ازدياد، وأعداد العاطلين في ازدياد، والمواطنون الذين صاروا يشعرون بأنهم لا يعنون للنظام شيئاً في ازدياد، ولهذا فإنه ابتدع ما قد لا يخطر على البال من طرق بغية السيطرة على الأوضاع التي تزداد سوءاً. من ذلك على سبيل المثال إقراره قانون «جريمة الفكر» الذي يحظر أي عمل عنيف أو سلمي يقوم به شخص أو جماعة ضد النظام، وقوانين أخرى عديدة تحظر على المواطنين «الاتصال وتبادل المعلومات أو المقابلات أو التواطؤ مع السفارات الأجنبية أو المنظمات أو الأحزاب أو وسائل الإعلام على أي مستوى يمكن اعتباره ضاراً باستقلال البلاد أو بالوحدة الوطنية أو مصالح الجمهورية الإسلامية» (وكلها قوانين فضفاضة يمكن بواسطتها تلبيس التهم لأي شخص في أي ساعة والتخلص من كل من يقرر النظام أن الأفضل له وللعباد التخلص منه)، وبالتأكيد لا يمكن إلا الإشارة إلى توظيف الدين لمواجهة أي مظهر للاحتجاج باعتبار أن «الاحتجاج محاربة لله ورسوله وفتنة كبرى».
ولأن كل هذا لا يمكن أن يخرج النظام من ورطته، ولأن أحوال المواطنين الإيرانيين تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، لذا فإن المتوقع هو معاودة الخروج إلى الشوارع ومواجهة عصا النظام والدخول في حالة العصيان المدني وانضمام طبقات اجتماعية أخرى إلى المحتجين وخصوصاً الطلبة الجامعيين والخريجين العاطلين والتوصل إلى إيجاد قيادة للاحتجاجات الأخيرة التي كانت عفوية، وهذا من شأنه أن يضع النظام في مأزق حقيقي حيث لن يجد سوى التعامل مع المحتجين بالهراوات والعصي الكهربائية والتنكيل بهم بكل الطرق وبكل الوسائل، وهذا بدوره سيوسع من دائرة الاحتجاج والثورة ضد هذا النظام.