لم يعاصر السواد الأعظم من البحرينيين الموجودين حالياً على أرخبيل البحرين وخارجه ما حدث في 1932، رغم وجود عدد قليل ممن عاصروا تلك اللحظات التاريخية وصعوبة تذكرهم ما حدث آنذاك.
العام 1932 كان عاماً مفصلياً في تاريخ البحرين الحديث، لأنه العام الذي شهد ولادة الدولة الريعية البحرينية، تلك الدولة التي انتهت الآن، وبدأت بالتحول إلى دولة غير ريعية لا يقوم اقتصادها على الريع فحسب، وتكفل الدولة بنفقات المواطن من المهد إلى اللحد، بل إلى مرحلة جديدة مختلفة قد لا نعرف تفاصيلها الآن، وقد نشعر بمخاطرها وتحدياتها، والضيق المادي الذي نمر فيه كما تمر فيه الدولة. إلا أننا على ثقة بحاجتها لهزات اقتصادية قوية على غرار ما حدث في العام 1932.
شهد ذلك العام اكتشاف النفط في البحرين، وبدأت المملكة بإنتاجه بكميات تجارية رغم تناقص كمياته تدريجياً، إلا أنها استطاعت بناء نموذج اقتصادي قام على الدولة الريعية التي أتاحت حالة من الرخاء لم يشعر به المواطن من قبل.
دار آنذاك جدل كبير بين المواطنين حول كيفية اقتسام الثروات النفطية الضخمة، وتم التوافق عليها عرفياً إلى لحظة إنهاء المعاهدات مع بريطانيا، وقننت وفق النظام الدستوري والتشريعي بتطوراته المختلفة زمنياً. وانتهت المسألة لاحقاً بتوافق جماعي تم فيه تغليب المصلحة الوطنية العليا من قبل كافة الأطراف.
يتكرر الآن جدل آخر، فريد من نوعه، جدل بين مختلف مكونات المجتمع من جهة، ومكوناتها من جهة أخرى، حول كيفية تحمل كل طرف مسؤولية التحدي المالي الذي تواجهه الدولة جرّاء تراجع أسعار النفط منذ سنوات قليلة، ونتيجة تداعيات التحول إلى اقتصاد ما بعد الريع. اللافت أن لدى كل طرف المبررات الكافية لتسويق وجهة نظره، وكل طرف يعتقد أنها تمثل المصلحة الوطنية العليا، ويجب أن يتم تنفيذ تصوراته ورؤاه.
الخلاف والتباين الجاري الآن ليس سباقاً أو منافسة، والمسألة لا علاقة لها بمن يغلب الآخر، الحكومة أم البرلمانيون، أو حتى المواطنون، في رفع الرسوم أو فرض ضرائب جديدة. المسألة مرتبطة بتحديد الاتجاهات المستقبلية لاقتصادنا الوطني، وهي القضية التي تم تجاهلها في كافة مراحل الخلاف حول إنهاء الدولة الريعية.
غلب البحرينيون الحكمة، وتوافقوا على كيفية توزيع الثروات في 1932، والآن عليهم أن يجددوا تلك الخطوة، فما قام به الأجداد كان صحيحاً حينها وفق ظروفهم واحتياجات الدولة البحرينية، لذلك نجحوا في تكوين قاعدة اقتصادية ننعم بخيراتها اليوم. ورغم الاختلاف الشاسع الآن -لأننا لا نتحدث عن اقتسام للثروة بقدر إعادة تصحيح اقتصادنا الوطني- إلا أننا بحاجة لخطوات تصحيحية تضمن لنا وللبحرينيين في المستقبل ديمومة الدولة البحرينية، وضمان قوة اقتصادها، وتنويع مصادر دخلها.
تحول الدولة البحرينية إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية ليست بسيطة، ولن تكون سهلة، وعلينا مسؤولية جماعية لإنهاء هذه المرحلة بسلاسة، والتركيز على تداعيات المرحلة الراهنة لن يأتي بنتيجة، ولا ينبغي أن يستهلك النقاش والجهد الراهن بقدر ما يجب أن ينصب على نقاش جاد للإسراع بعملية التحول، وتحقيق مجموعة من الأهداف المستقبلية. وقبل ذلك كله نحن بحاجة جماعية ومشتركة لمشروع إنهاء الدولة الريعية لتكون هناك قناعة حقيقية بجدوى الإجراءات والسياسات الحالية.
العام 1932 كان عاماً مفصلياً في تاريخ البحرين الحديث، لأنه العام الذي شهد ولادة الدولة الريعية البحرينية، تلك الدولة التي انتهت الآن، وبدأت بالتحول إلى دولة غير ريعية لا يقوم اقتصادها على الريع فحسب، وتكفل الدولة بنفقات المواطن من المهد إلى اللحد، بل إلى مرحلة جديدة مختلفة قد لا نعرف تفاصيلها الآن، وقد نشعر بمخاطرها وتحدياتها، والضيق المادي الذي نمر فيه كما تمر فيه الدولة. إلا أننا على ثقة بحاجتها لهزات اقتصادية قوية على غرار ما حدث في العام 1932.
شهد ذلك العام اكتشاف النفط في البحرين، وبدأت المملكة بإنتاجه بكميات تجارية رغم تناقص كمياته تدريجياً، إلا أنها استطاعت بناء نموذج اقتصادي قام على الدولة الريعية التي أتاحت حالة من الرخاء لم يشعر به المواطن من قبل.
دار آنذاك جدل كبير بين المواطنين حول كيفية اقتسام الثروات النفطية الضخمة، وتم التوافق عليها عرفياً إلى لحظة إنهاء المعاهدات مع بريطانيا، وقننت وفق النظام الدستوري والتشريعي بتطوراته المختلفة زمنياً. وانتهت المسألة لاحقاً بتوافق جماعي تم فيه تغليب المصلحة الوطنية العليا من قبل كافة الأطراف.
يتكرر الآن جدل آخر، فريد من نوعه، جدل بين مختلف مكونات المجتمع من جهة، ومكوناتها من جهة أخرى، حول كيفية تحمل كل طرف مسؤولية التحدي المالي الذي تواجهه الدولة جرّاء تراجع أسعار النفط منذ سنوات قليلة، ونتيجة تداعيات التحول إلى اقتصاد ما بعد الريع. اللافت أن لدى كل طرف المبررات الكافية لتسويق وجهة نظره، وكل طرف يعتقد أنها تمثل المصلحة الوطنية العليا، ويجب أن يتم تنفيذ تصوراته ورؤاه.
الخلاف والتباين الجاري الآن ليس سباقاً أو منافسة، والمسألة لا علاقة لها بمن يغلب الآخر، الحكومة أم البرلمانيون، أو حتى المواطنون، في رفع الرسوم أو فرض ضرائب جديدة. المسألة مرتبطة بتحديد الاتجاهات المستقبلية لاقتصادنا الوطني، وهي القضية التي تم تجاهلها في كافة مراحل الخلاف حول إنهاء الدولة الريعية.
غلب البحرينيون الحكمة، وتوافقوا على كيفية توزيع الثروات في 1932، والآن عليهم أن يجددوا تلك الخطوة، فما قام به الأجداد كان صحيحاً حينها وفق ظروفهم واحتياجات الدولة البحرينية، لذلك نجحوا في تكوين قاعدة اقتصادية ننعم بخيراتها اليوم. ورغم الاختلاف الشاسع الآن -لأننا لا نتحدث عن اقتسام للثروة بقدر إعادة تصحيح اقتصادنا الوطني- إلا أننا بحاجة لخطوات تصحيحية تضمن لنا وللبحرينيين في المستقبل ديمومة الدولة البحرينية، وضمان قوة اقتصادها، وتنويع مصادر دخلها.
تحول الدولة البحرينية إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية ليست بسيطة، ولن تكون سهلة، وعلينا مسؤولية جماعية لإنهاء هذه المرحلة بسلاسة، والتركيز على تداعيات المرحلة الراهنة لن يأتي بنتيجة، ولا ينبغي أن يستهلك النقاش والجهد الراهن بقدر ما يجب أن ينصب على نقاش جاد للإسراع بعملية التحول، وتحقيق مجموعة من الأهداف المستقبلية. وقبل ذلك كله نحن بحاجة جماعية ومشتركة لمشروع إنهاء الدولة الريعية لتكون هناك قناعة حقيقية بجدوى الإجراءات والسياسات الحالية.