قام سليمان باشا الفرنساوي أوالكولونيل سيف Sève الذي شارك في معظم حملات محمد على باشا العسكرية، بقراءة كتاب «الأمير» لمكيافللي لوالي مصر فقال له «أغلق الكتاب، أنا أعرف أكثر منه»، وهذا ما يقوله ضابط الاستخبارات السوفيتية السابق فلاديميروفيتش بوتين حالياً لمستشاريه حول الملف الأمريكي والتعامل مع الغرب بصفة عامة. فالحرب الباردة مازالت حاضرة في ذهن الرئيس الروسي. والقراءة الروسية للمشهد في الشرق الأوسط هي أن واشنطن تحاول تفكيك الاتحاد الروسي كفصل يلي تفكيك الاتحاد السوفيتي. وعليه فبوتين يخوض الحرب الباردة بالدفاع عن موسكو في دمشق، وأوكرانيا وطهران وبيونغ يانغ. ومن يجادل في ذلك عليه تذكر أن أول محاولة تمرد على القطبية الأحادية قد تمت عبر الفيتو الروسي عام 2011، لمصلحة نظام الأسد. لقد ولى زمن التعاون الذي كان أبرز مؤشراته في الخليج العربي عندما تعاونت روسيا مع الغرب ضد عراق صدام عندما غزا الكويت 1991. لقد خاب ظن الغرب في تقديرهم بنهاية الحرب الباردة. وأن روسيا ما بعد الشيوعية ستركز على التنمية، متناسين أن الوقت مازال مبكراً لنسيان الإرث الشيوعي، فموسكو تدير حربها الباردة الجديدة بأسلحة نووية، ومقعد في مجلس الأمن، وقدرة عسكرية ووفرة في الطاقة وجسارة في استخدام حرب الإنترنت السايبيرية. ولا يبدو أن نهاية الحرب الباردة الجديدة قريبة، فالرئيس فلاديمير بوتين يعتبر النظامَ العالمي الذي تهيمن عليه واشنطن تهديداً لطموحاته، سواء في انتقاد منظمات الفساد في موسكو التي تدعمه ويدعمها، أو عبر توسعه الغاشم في أوكرانيا أو تدخله الدموي في سوريا أو جراء دعمه لمشاريع إيران وكوريا الشمالية النووية. لذا أطلق صبيانه من الهاكرز للتدخل لتخريب الانتخابات الأمريكية. وفي خطابه إلى الأمة قبل أسبوع لم يتردد الرئيس الروسي بوتين في تهديد الغرب بأسلحة روسية «لا تقهر»، معلناً افتتاح حقبة الحرب العالمية الباردة الثانية، وقد وافقت واشنطن على هذا التدشين بتصريح لوزارة الدفاع الأمريكية في 1 مارس الجاري قلّلت فيه من أهمية إعلان الرئيس الروسي، ومؤكدة أن الولايات المتحدة بكامل الاستعداد لمواجهة كل ما يقف بوجهها. لكن المخيف في الأمر ليس تصريح بوتين أو رد البنتاغون، بل لأن بوتين قد أعطى لترامب المندفع ذريعة لبدء سباق تسلح وحرب باردة في الأرض والسماء والفضاء الخارجي. * بالعجمي الفصيح:دارت حرب القرن الـ20 الباردة حولنا، وفيها كانت دول الخليج في خندق الحزام الجنوبي للغرب، وكانت معنا طهران وأنقرة، أما في الحرب الباردة اليوم ففي معسكر بوتين تقف تركيا وإيران وسوريا. وفي الحرب الباردة السابقة فرضت الأسلحة النووية انضباطاً على الجانبين، لذا بقيت باردة لستين عاماً لكونها في يد رشيدة. أما الآن فأسلحة الدمار الشامل لا قيد عليها، وهي في يد الخندق المناوئ لدول الخليج، فالكيماوي في يد الأسد والطموح النووي لطهران سيف مصلت على رقابنا حال انهيار اتفاق 5+1 النووي.* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90