على الرغم من الحديث عن تراجع تنظيم الدولة «داعش» عالمياً جراء تكبده خسائر فادحة خاصة في معاقله الرئيسة لاسيما في سوريا والعراق، إلا أن التنظيم المتطرف لا يزال يشكل خطراً قائماً خاصة مع تنفيذه عمليات إرهابية نوعية بين فترة وأخرى، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلا حول مدى القدرة على هزيمة التنظيم عسكرياً بينما تبقى فكرة التنظيم وايديولوجيته قائمة ومنتشرة مثل الخلايا السرطانية في جسد المجتمع الدولي، ما يدفعنا إلى الحديث عن محاربة الفكرة أم مواجهة عسكرة أيديولوجية التنظيم؟
وفي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن أن التنظيم المتطرف فقد كل الأراضي التي كان يسيطر عليها في وقت ما في سوريا والعراق، وهي الأراضي التي شملت ثلث تلك البلدان، لكن تبقى هناك جيوباً لا يزال يسيطر عليها توفر حماية له، حتى مع الحديث عن انهيار «دولة الخلافة» التي أعلنها زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي تحت تأثير ضربات التحالف الدولي الذي يضم نحو 71 بلداً بقيادة أمريكا واستعادة الجزء الأكبر من الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق.
إلا أن مسألة محو التنظيم من على الأرض تبدو أمراً غير واقعي خاصة مع تبني التنظيم كل بضعة أيام عملية انتحارية أو تفجير في بلد ما، ما يدفع إلى الحديث على الجانب العقائدي والفكري للتنظيم المتطرف الذي يستلهم فكر جماعات «التكفير والهجرة» و«الجهاد» والتي برزت في مصر نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن المنصرم.
ولا يزال التنظيم قادرا على ايجاد مصادر لتمويل عملياته وايديولوجياته، خاصة أنه يجني ما لا يقل عن 180 ألف دولار يومياً من بيعه النفط، في سوريا، فقط، وفقا لتقرير صحيفة «الإيكونومست» البريطانية.
وربما هذا ما دفع موسكو إلى التحذير من خطر التنظيم على المستوى العالمي، من خلال تصريحات لنائب مدير قسم التحديات والأخطار الجديدة بوزارة الخارجية الروسية ديميتري فيوكتيستوف الذي أكد أنه «رغم انخفاض «ميزانية» تنظيم «داعش» العام الماضي بشكل كبير لتبلغ 400 مليون دولار ما يقل بأربعة أضعاف مقابل عام 2014، اضافة الى ان تمويل مقاتلي «داعش» انخفض منذ عام 2016، عشرة أضعاف تقريبا، إلا أن التنظيم المتطرف لا يزال يدفع تعويضات لعائلات مقاتليه القتلى، حتى مع انخفاض أجور مقاتليه بنسبة تصل الى 90 %».
وهذا ما يمكن التنويه إليه والتحذير منه في الوقت نفسه، حيث انه بغض النظر عن خساراته العسكرية الكبيرة وفقدانه السيطرة على مساحات كبيرة من الاراضي التي استولى عليها في 2014، الا ان التنظيم لا يزال يحتفظ بقدرته على شن عمليات إرهابية في مناطق مختلفة من العالم عبر تجنيد عناصر جدد مع عدم الاستهانة بقدرته العالية على الترويج لايديولوجيته القائمة على الجهاد والتكفير.
وحسب رؤية فيوكتيستوف فان «الأمريكيين يدركون أن الخطر الكبير المنبعث من «داعش» لم يختف، بل تم تحويله ويتسع التنظيم الآن في جميع أنحاء العالم»، حيث أعلن التنظيم خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عن إقامة ما يسمى بـ «10 ولايات» تابعة له في كل من ليبيا وشبه جزيرة سيناء وشمال أفغانستان والفلبين ومناطق أخرى.
ولأن التنظيم المتطرف لا يستسلم بسهولة، يظهر زعيمه البغدادي بين فترة واخرى عبر تسجيلات صوتية يدعو فيها أنصاره إلى مواصلة القتال، ربما في محاولة لنفي مسألة موته، التي أعلن عنها مرات عدة، لكنه لا يزال على قيد الحياة وتحدثت تقارير عن اصابته على الارجح في غارة جوية ويختبىء في مستشفى ميداني في الصحراء شمال سوريا.
في الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل الدعاية الإعلامية العالمية التي يقوم بها التنظيم واستغلاله المحترف لوسائل التواصل الاجتماعي وإمكانية تواصله مع عناصره ومقاتليه وأنصاره من خلال «السوشيال ميديا» حيث لم تستطع اجهزة الاستخبارات العالمية حتى الان من الحد من الدعاية الاعلامية للتنظيم المتطرف، ووقف أفكاره، حيث يتحرك مريديه، خارج بنى التنظيم، لتنفيذ عمليات انتحارية في مناطق مختلفة من العالم عن طريق تبادل الرسائل الإلكترونية والصوتية المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهنا يبرز دور وكالة أعماق الإخبارية وهي وسيلة الإعلام الرسمية لـ «داعش»، وتقوم بمهمة وكالة الأنباء الرسمية للتنظيم، وأول ظهور لها كان في أغسطس 2014، وهي أشهر المواقع التابعة للتنظيم رسميًا، ومهمتها نشر أخبار التنظيم السياسية والعسكرية على مدار الساعة، وبثّ تسجيلات مصورة لمعاركه وما يتعلق بها، اضافة الى رسومات بيانية إخبارية «إنفوغراف» توضح «إنجازاته» الميدانية، كما أنها تؤكد أو تنفي تبني التنظيم لهجماته في الدول الأخرى، ويقال إنها سُميَت بهذا الاسم «أعماق» تيمنًا بالحديث النبوي الوارد في صحيح مسلم «لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق - أو بدابق - (....)..».
ولعل ما يثير القلق ويدعو إلى الحذر ان تراجع «داعش» عالمياً ربما يعزز فرضية تزايد شعبية تنظيم «القاعدة» على حساب الأول خاصة أن الاخير يتمتع بمعطيات تجعله يتفوق على «داعش» خاصة من ناحية التمويل، والتي تشمل تهريب الأسلحة والمخدرات والطاقة وتجارة الرقيق وصنع البضائع غير الشرعي وعمليات سلب ونهب المساعدات الإنسانية.
* وقفة:
تبدو مسألة القضاء نهائياً على «داعش» غير واقعية لاسيما مع تبني التنظيم يومياً عمليات إرهابية نوعية وهذا ما يدفع إلى ضرورة مواجهة فكر «داعش» بالتوازي مع محاربة عسكرة الأيديولوجيا!!
{{ article.visit_count }}
وفي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن أن التنظيم المتطرف فقد كل الأراضي التي كان يسيطر عليها في وقت ما في سوريا والعراق، وهي الأراضي التي شملت ثلث تلك البلدان، لكن تبقى هناك جيوباً لا يزال يسيطر عليها توفر حماية له، حتى مع الحديث عن انهيار «دولة الخلافة» التي أعلنها زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي تحت تأثير ضربات التحالف الدولي الذي يضم نحو 71 بلداً بقيادة أمريكا واستعادة الجزء الأكبر من الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق.
إلا أن مسألة محو التنظيم من على الأرض تبدو أمراً غير واقعي خاصة مع تبني التنظيم كل بضعة أيام عملية انتحارية أو تفجير في بلد ما، ما يدفع إلى الحديث على الجانب العقائدي والفكري للتنظيم المتطرف الذي يستلهم فكر جماعات «التكفير والهجرة» و«الجهاد» والتي برزت في مصر نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن المنصرم.
ولا يزال التنظيم قادرا على ايجاد مصادر لتمويل عملياته وايديولوجياته، خاصة أنه يجني ما لا يقل عن 180 ألف دولار يومياً من بيعه النفط، في سوريا، فقط، وفقا لتقرير صحيفة «الإيكونومست» البريطانية.
وربما هذا ما دفع موسكو إلى التحذير من خطر التنظيم على المستوى العالمي، من خلال تصريحات لنائب مدير قسم التحديات والأخطار الجديدة بوزارة الخارجية الروسية ديميتري فيوكتيستوف الذي أكد أنه «رغم انخفاض «ميزانية» تنظيم «داعش» العام الماضي بشكل كبير لتبلغ 400 مليون دولار ما يقل بأربعة أضعاف مقابل عام 2014، اضافة الى ان تمويل مقاتلي «داعش» انخفض منذ عام 2016، عشرة أضعاف تقريبا، إلا أن التنظيم المتطرف لا يزال يدفع تعويضات لعائلات مقاتليه القتلى، حتى مع انخفاض أجور مقاتليه بنسبة تصل الى 90 %».
وهذا ما يمكن التنويه إليه والتحذير منه في الوقت نفسه، حيث انه بغض النظر عن خساراته العسكرية الكبيرة وفقدانه السيطرة على مساحات كبيرة من الاراضي التي استولى عليها في 2014، الا ان التنظيم لا يزال يحتفظ بقدرته على شن عمليات إرهابية في مناطق مختلفة من العالم عبر تجنيد عناصر جدد مع عدم الاستهانة بقدرته العالية على الترويج لايديولوجيته القائمة على الجهاد والتكفير.
وحسب رؤية فيوكتيستوف فان «الأمريكيين يدركون أن الخطر الكبير المنبعث من «داعش» لم يختف، بل تم تحويله ويتسع التنظيم الآن في جميع أنحاء العالم»، حيث أعلن التنظيم خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عن إقامة ما يسمى بـ «10 ولايات» تابعة له في كل من ليبيا وشبه جزيرة سيناء وشمال أفغانستان والفلبين ومناطق أخرى.
ولأن التنظيم المتطرف لا يستسلم بسهولة، يظهر زعيمه البغدادي بين فترة واخرى عبر تسجيلات صوتية يدعو فيها أنصاره إلى مواصلة القتال، ربما في محاولة لنفي مسألة موته، التي أعلن عنها مرات عدة، لكنه لا يزال على قيد الحياة وتحدثت تقارير عن اصابته على الارجح في غارة جوية ويختبىء في مستشفى ميداني في الصحراء شمال سوريا.
في الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل الدعاية الإعلامية العالمية التي يقوم بها التنظيم واستغلاله المحترف لوسائل التواصل الاجتماعي وإمكانية تواصله مع عناصره ومقاتليه وأنصاره من خلال «السوشيال ميديا» حيث لم تستطع اجهزة الاستخبارات العالمية حتى الان من الحد من الدعاية الاعلامية للتنظيم المتطرف، ووقف أفكاره، حيث يتحرك مريديه، خارج بنى التنظيم، لتنفيذ عمليات انتحارية في مناطق مختلفة من العالم عن طريق تبادل الرسائل الإلكترونية والصوتية المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهنا يبرز دور وكالة أعماق الإخبارية وهي وسيلة الإعلام الرسمية لـ «داعش»، وتقوم بمهمة وكالة الأنباء الرسمية للتنظيم، وأول ظهور لها كان في أغسطس 2014، وهي أشهر المواقع التابعة للتنظيم رسميًا، ومهمتها نشر أخبار التنظيم السياسية والعسكرية على مدار الساعة، وبثّ تسجيلات مصورة لمعاركه وما يتعلق بها، اضافة الى رسومات بيانية إخبارية «إنفوغراف» توضح «إنجازاته» الميدانية، كما أنها تؤكد أو تنفي تبني التنظيم لهجماته في الدول الأخرى، ويقال إنها سُميَت بهذا الاسم «أعماق» تيمنًا بالحديث النبوي الوارد في صحيح مسلم «لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق - أو بدابق - (....)..».
ولعل ما يثير القلق ويدعو إلى الحذر ان تراجع «داعش» عالمياً ربما يعزز فرضية تزايد شعبية تنظيم «القاعدة» على حساب الأول خاصة أن الاخير يتمتع بمعطيات تجعله يتفوق على «داعش» خاصة من ناحية التمويل، والتي تشمل تهريب الأسلحة والمخدرات والطاقة وتجارة الرقيق وصنع البضائع غير الشرعي وعمليات سلب ونهب المساعدات الإنسانية.
* وقفة:
تبدو مسألة القضاء نهائياً على «داعش» غير واقعية لاسيما مع تبني التنظيم يومياً عمليات إرهابية نوعية وهذا ما يدفع إلى ضرورة مواجهة فكر «داعش» بالتوازي مع محاربة عسكرة الأيديولوجيا!!