أولاً يجب أن نثبت شيئاً أساسياً هنا ونوضحه بشأن التجربة البرلمانية في البحرين، والتي عادت عام 2002 بعد تدشين جلالة الملك حفظه الله لمشروعه الإصلاحي، وهي قناعة لا يجب أن تتزعزع.
هذه القناعة تتمثل في أن اللوم لا يقع على الكيان، وأعني «مجلس النواب» كمنظومة، بل يقع على «الأدوات» التي «تُشغل» هذا الكيان، وأعني «النواب»، إذ الصورة في تشبيهها الأقرب، قد تكون تحاكي «السيارة والسائق»، فالأخير هو الذي يقودها، إما بتهور فيجعلها تتكسر وتتدهور وتشكل خطراً على المارة في الطريق، أو يقودها باحترافية وحكمة فتكون وسيلة تنقل إيجابية.
هكذا برلماننا، وجوده ليس سلبياً على البحرين كدولة مؤسسات دستورية، لكن طريقة العمل فيه من قبل نواب، غالبية فيهم لم يستخدموه بشكله الصحيح، هي التي شوهت صورته اليوم، وجعلت ردة فعل الناس سلبية تجاهه.
المشكلة أنه في كل استحقاق نيابي، يمني الناس أنفسهم بتشكيل نيابي مختلف، يكون «أفضل من سابقه»، ويأملون بأن النواب «الجدد» أكفأ وأكثر جدية ممن ذهبوا، ولكننا نعود لنفس نقطة الصفر، في سيناريو يعيد نفسه.
أولاً: يعجز النواب أولا عن «الإيفاء» بوعودهم الانتخابية لناخبيهم، والتي كانت سبباً رئيساً لحصولهم على الأصوات.
ثانياً: يعجز النواب عن التصدي لكثير من المقترحات والمشاريع الحكومية التي يعبر عنها الناخبون بالرفض، وبالتالي هم لا يثبتون للناس بأنهم قادرون على حمايتهم والدفاع عن مكتسباتهم ومنع أية قرارات وسياسات من المساس بهم.
ثالثاً: يعجز النواب عن ممارسة حقهم المكفول دستورياً كسلطة، ونعني به عملية الرقابة على الحكومة ومساءلة المسؤولين، والوصول حتى لطرح الثقة فيهم. وهي من المسائل التي تضعف شكل البرلمان وتؤثر على ثقة الناس بأداء نوابه.
رابعاً: مرور تقارير الرقابة المالية والإدارية سنوياً على مجلس النواب دون أية إجراءات «جادة وحقيقية» إزاءها، فلا يسمع الناس إلا صراخاً في جلسة أو اثنتين، وتهديدات في صحيفة يوماً أو يومين، ثم تهدأ الأمور، ولا يكون لمجلس النواب أي دور للأسف في التعامل مع مضامين التقرير.
يمكننا المضي بسرد النقاط خامساً وسادساً وعاشراً، لكن بيت القصيد هنا يتمثل بأن الخلل الرئيس يكمن في أداء النواب أنفسهم، قبولهم وللأسف بأن تترسخ «صورة نمطية» عنهم بهذا الشكل، تؤثر في شكلها «الأعم» على البرلمان كله كمنظومة، وتصنع لدى الناس ردة فعل سلبية، تجعلهم يرددون منذ «أول خيبة أمل» يشهدها دور الانعقاد الأول في أي فصل تشريعي جديد أسطوانة «لن ننتخب مجدداً».
هذه الأسطوانة تعود اليوم بقوة، وحتى موقف النواب بشأن مشروع قانون التقاعد الحكومي، لم يشفع لهم، فغالبية الناس اعتبروا الموقف سعياً لتجميل أنفسهم قبل الانتخابات القادمة، لأن تمريره كان يعني «حرق» كروت النواب، بل حرق المجلس النيابي من خلال تقديمه كمجلس عاجز عن صد أيه مقترحات تأتي من الحكومة، بالتالي ما الفائدة منه إن كان ضرره على الناس أكبر من نفعه؟!
هذا ما يموج به الشارع البحريني، ويجب أن توصله الصحافة ووسائل الإعلام، وأجزم بأن كل النواب يعلمون ذلك، وبعضهم للأسف يلوم الحكومة فيما يحصل، وأنها أحد أسباب ظهور المجلس بهذا الشكل، رغم أنه لوم خاطئ وغير صحيح، إذ الملام الأول هم النواب أنفسهم، إذ لو كنتم جميعاً، أربعون نائباً متفقين على موقف حازم وثابت بشأن أي مشروع، ألا يمكنكم تحقيق الأغلبية ووقف أية مشاريع تقدمها الحكومة بمبرر أنها لا تخدم الناس بل تثقل عليهم؟!
الجواب تقدرون، والدليل ما فعلتوه في تصويتكم على قانون التقاعد الجديد، وإجماع 40 نائباً، باعتبار أن النائبين الغائبين أيضاً موقفهما ضد القانون وليس معه!
بيت القصيد أن من يضعف مجلس النواب، هم النواب أنفسهم، بتشتتهم وتفرقهم وتباينهم في المواقف، وبالتهائهم عن القضايا الحقيقية للناس، وبنسيانهم وعودهم للناخبين، وبتقربهم للمسؤولين والوزراء بدل تقربهم ممن صوتوا لهم.
بعض النواب «باعوا» القضية، وأعرف نوعيات تغيرت على الناس، بعضهم هدفه المزايا كالجواز الخاص والحصانة، وبعضهم يرسم على العلاقات والتخطيط للانتقال للشورى أو الحصول على مناصب أخرى بعد انتهاء رحلته في مجلس الشعب، وهذا واقع لا يمكن نكرانه.
الحقيقة المرة أنه من بين جموع النواب، هناك من هم ماسكون على الجمر، ملتزمون بوعودهم، ومرابطون لأجل الدفاع عن قضايا الناس، لكن مشكلتهم أن «الكثرة تغلب الشجاعة»، وأن الناس في النهاية ستعمم الشر على الجميع، وستنسى خير بعض الأصوات النيابية التي مازالت متمسكة بالمواقف الثابتة مع الناس.
خلاصة القول: نريد 40 نائباً «جميعهم» مع الشعب. وأجزم بأن هذا مستحيل، طالما هناك نواب وصلوا وأولى نواياهم كانت الوصول على «أكتاف الشعب»!
هذه القناعة تتمثل في أن اللوم لا يقع على الكيان، وأعني «مجلس النواب» كمنظومة، بل يقع على «الأدوات» التي «تُشغل» هذا الكيان، وأعني «النواب»، إذ الصورة في تشبيهها الأقرب، قد تكون تحاكي «السيارة والسائق»، فالأخير هو الذي يقودها، إما بتهور فيجعلها تتكسر وتتدهور وتشكل خطراً على المارة في الطريق، أو يقودها باحترافية وحكمة فتكون وسيلة تنقل إيجابية.
هكذا برلماننا، وجوده ليس سلبياً على البحرين كدولة مؤسسات دستورية، لكن طريقة العمل فيه من قبل نواب، غالبية فيهم لم يستخدموه بشكله الصحيح، هي التي شوهت صورته اليوم، وجعلت ردة فعل الناس سلبية تجاهه.
المشكلة أنه في كل استحقاق نيابي، يمني الناس أنفسهم بتشكيل نيابي مختلف، يكون «أفضل من سابقه»، ويأملون بأن النواب «الجدد» أكفأ وأكثر جدية ممن ذهبوا، ولكننا نعود لنفس نقطة الصفر، في سيناريو يعيد نفسه.
أولاً: يعجز النواب أولا عن «الإيفاء» بوعودهم الانتخابية لناخبيهم، والتي كانت سبباً رئيساً لحصولهم على الأصوات.
ثانياً: يعجز النواب عن التصدي لكثير من المقترحات والمشاريع الحكومية التي يعبر عنها الناخبون بالرفض، وبالتالي هم لا يثبتون للناس بأنهم قادرون على حمايتهم والدفاع عن مكتسباتهم ومنع أية قرارات وسياسات من المساس بهم.
ثالثاً: يعجز النواب عن ممارسة حقهم المكفول دستورياً كسلطة، ونعني به عملية الرقابة على الحكومة ومساءلة المسؤولين، والوصول حتى لطرح الثقة فيهم. وهي من المسائل التي تضعف شكل البرلمان وتؤثر على ثقة الناس بأداء نوابه.
رابعاً: مرور تقارير الرقابة المالية والإدارية سنوياً على مجلس النواب دون أية إجراءات «جادة وحقيقية» إزاءها، فلا يسمع الناس إلا صراخاً في جلسة أو اثنتين، وتهديدات في صحيفة يوماً أو يومين، ثم تهدأ الأمور، ولا يكون لمجلس النواب أي دور للأسف في التعامل مع مضامين التقرير.
يمكننا المضي بسرد النقاط خامساً وسادساً وعاشراً، لكن بيت القصيد هنا يتمثل بأن الخلل الرئيس يكمن في أداء النواب أنفسهم، قبولهم وللأسف بأن تترسخ «صورة نمطية» عنهم بهذا الشكل، تؤثر في شكلها «الأعم» على البرلمان كله كمنظومة، وتصنع لدى الناس ردة فعل سلبية، تجعلهم يرددون منذ «أول خيبة أمل» يشهدها دور الانعقاد الأول في أي فصل تشريعي جديد أسطوانة «لن ننتخب مجدداً».
هذه الأسطوانة تعود اليوم بقوة، وحتى موقف النواب بشأن مشروع قانون التقاعد الحكومي، لم يشفع لهم، فغالبية الناس اعتبروا الموقف سعياً لتجميل أنفسهم قبل الانتخابات القادمة، لأن تمريره كان يعني «حرق» كروت النواب، بل حرق المجلس النيابي من خلال تقديمه كمجلس عاجز عن صد أيه مقترحات تأتي من الحكومة، بالتالي ما الفائدة منه إن كان ضرره على الناس أكبر من نفعه؟!
هذا ما يموج به الشارع البحريني، ويجب أن توصله الصحافة ووسائل الإعلام، وأجزم بأن كل النواب يعلمون ذلك، وبعضهم للأسف يلوم الحكومة فيما يحصل، وأنها أحد أسباب ظهور المجلس بهذا الشكل، رغم أنه لوم خاطئ وغير صحيح، إذ الملام الأول هم النواب أنفسهم، إذ لو كنتم جميعاً، أربعون نائباً متفقين على موقف حازم وثابت بشأن أي مشروع، ألا يمكنكم تحقيق الأغلبية ووقف أية مشاريع تقدمها الحكومة بمبرر أنها لا تخدم الناس بل تثقل عليهم؟!
الجواب تقدرون، والدليل ما فعلتوه في تصويتكم على قانون التقاعد الجديد، وإجماع 40 نائباً، باعتبار أن النائبين الغائبين أيضاً موقفهما ضد القانون وليس معه!
بيت القصيد أن من يضعف مجلس النواب، هم النواب أنفسهم، بتشتتهم وتفرقهم وتباينهم في المواقف، وبالتهائهم عن القضايا الحقيقية للناس، وبنسيانهم وعودهم للناخبين، وبتقربهم للمسؤولين والوزراء بدل تقربهم ممن صوتوا لهم.
بعض النواب «باعوا» القضية، وأعرف نوعيات تغيرت على الناس، بعضهم هدفه المزايا كالجواز الخاص والحصانة، وبعضهم يرسم على العلاقات والتخطيط للانتقال للشورى أو الحصول على مناصب أخرى بعد انتهاء رحلته في مجلس الشعب، وهذا واقع لا يمكن نكرانه.
الحقيقة المرة أنه من بين جموع النواب، هناك من هم ماسكون على الجمر، ملتزمون بوعودهم، ومرابطون لأجل الدفاع عن قضايا الناس، لكن مشكلتهم أن «الكثرة تغلب الشجاعة»، وأن الناس في النهاية ستعمم الشر على الجميع، وستنسى خير بعض الأصوات النيابية التي مازالت متمسكة بالمواقف الثابتة مع الناس.
خلاصة القول: نريد 40 نائباً «جميعهم» مع الشعب. وأجزم بأن هذا مستحيل، طالما هناك نواب وصلوا وأولى نواياهم كانت الوصول على «أكتاف الشعب»!