نموذج «منتخب العائلة» كما وصفته وسائل الإعلام الخليجية، هو نسخة مصغرة للمجتمع البحريني بوحدته وتلاحمه، وتجسيد لغرس جلالة الملك المعظم في نفوس أبناء هذا الوطن، الذين أوفوا بعهدهم لمنتخبهم الوطني واحتشدوا في جماهير غفيرة بالمدرجات وبكل مكان لمؤازرة أبطالهم في نهائي «خليجي 26».
وفي لحظة ستظل محفورة في ذاكرة كل بحريني، اقتنص منتخبنا الوطني لكرة القدم إنجازاً استثنائياً بتتويجه بطلاً لـ»خليجي 26»، بعد أداء بطولي سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
لقد كانت ليلة «النهائي» لا تُنسى، ليلة جسّدت قوة الإرادة والإيمان بتحقيق المستحيل، حين قلب منتخبنا الوطني تأخره أمام المنتخب العماني الشقيق إلى انتصار مستحق، ليتربع على عرش البطولة بكل استحقاق وجدارة.
هذه البطولة لم تكن مجرد كأس تُضاف إلى خزينة الإنجازات الرياضية، بل كانت رسالة واضحة تعبّر عن الروح الوطنية التي تسري في عروق كل بحريني.
الأداء البطولي الذي قدّمه اللاعبون في مشوار هذه البطولة، بقيادة المدرب المُلهم دراغان، كان عنواناً للشجاعة والانتماء، حيث أثبت الفريق أن العمل الجماعي والالتزام قادران على قلب المعادلات، حتى في أصعب اللحظات.
إيمان دراغان «الصارم جداً» بقدرات لاعبيه كان واضحاً في لقاءاته الصحفية، وثقته الكبيرة بهم كانت العامل الحاسم الذي حقق هذا الانتصار الفارق، وهو درس عظيم في القيادة والتحفيز.
الحضور الكريم لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، لحفل استقبال أبطالنا في الاستاد الوطني أمس، تأكيد صريح على الدعم الكبير الذي يحظى به الشباب البحريني، ودور جلالته المحوري في تمكينهم لتحقيق الإنجازات.
لم يكن مجرد احتفال، بل تعبيراً عن تقدير الوطن لأبنائه الذين رفعوا رايته عالياً في هذا المحفل الخليجي.
هذه اللفتة الكريمة من جلالته كانت بمثابة وسام يزيّن صدور اللاعبين ويؤكد أن البحرين، بقيادتها وشعبها، تقدّر كل ما يُبذل من تفانٍ وإخلاص لرفعة هذا الوطن.
الفرحة العارمة التي عمّت شوارع البحرين اليومين الماضيين، حيث خرج الصغير قبل الكبير ليعبّروا عن فرحتهم بهذا الإنجاز، كانت لوحة وطنية رائعة تُبرز وحدة الشعب وتلاحمه. تلك اللحظات التي امتزجت فيها الهتافات بالدموع والابتسامات كانت شاهداً على عشق البحرينيين لبلدهم ولمنتخبهم الوطني.
هذا الإنجاز ليس نهاية المطاف، بل بداية لمسيرة مليئة بالطموحات والتحديات بقيادة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لفريق البحرين.
والشكر موصول لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، الذي قاد هذه المسيرة الرياضية الحافلة على مدار سنوات وسنوات من البناء والتميّز، وللمتابعة الدؤوبة من سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة الذي أسهم بشكل مباشر في تحقيق هذا الحلم، ومن اللاعبين إلى الجهاز الفني والإداري وللجماهير الوفية.
وعلينا أن نستثمر هذه اللحظة لتعزيز الاهتمام بالرياضة وتطوير المواهب، فالرياضة ليست مجرد تنافس، بل أداة لبناء الأوطان وترسيخ قيم الوحدة والانتماء.
هنيئاً للبحرين هذا الإنجاز، وهنيئاً للبحرينيين بمنتخب يستحق أن تُرفع له القبعة.
عبدالله إلهامي