هذا مبدأ لا أورده من خيالاتي، بل هو أحد مبادئ مشروعنا الإصلاحي وعودة الحياة الديمقراطية، والتي أحد أبرز أسسها يتمثل بـ "مشاركة الشعب" في صناعة القرار الرسمي.
الآلية لتحقيق ذلك يفترض أن تكون بسيطة جداً، ونفكك مسارها على النحو التالي:
أولاً: الشعب ينتخب ممثلين ثقات ليمثلوه في البرلمان ويكونوا صوته بكل أمانة.
ثانياً: ممثلو الشعب يدخلون في نقاشات مع الحكومة في أية مشاريع وقوانين، ليضمنوا مصلحة المواطن.
ثالثاً: بعد المناقشات، لابد وأن نخلص لصيغ توافقية تحرص على تحقق الإرادة الشعبية في أي قرار، لأن هذه الإرداة هي التي تحقق الرضا لدى المواطن.
اليوم المشكلة لدينا تتمثل بالأسلوب الذي "تُغلب" فيه هذه الإرادة الشعبية، أو بصيغة أخرى، وضع رؤى الناس وملاحظاتهم وانتقاداتهم ومطالباتهم موضع الاعتبار، وتحديدها كأساس ومنطلق لأي عمل أو تحرك أو مشروع أو قانون.
لا يعقل أن تكون لدينا سياسات وقرارات وقوانين تمرر من خلال المناقشات من داخل "مجلس الشعب"، لا يتفق الشعب عليها، ولا يعبر عن رضاه عنها، بل يبدي رفضاً صريحاً لها، ويتعامل معها بانتقادات لا تنتهي.
لا يجوز اليوم تمرير أي قانون أو استراتيجية لا تحظى بالموافقة الشعبية، وإن تمثل مجلس النواب المنتخب من الناس بمواقف "تخالف" توجهات الناس، فإنه يرتكب إثماً بحق من صوت له ومنحه الثقة.
حتى الحكومة الموقرة عبر قطاعاتها المختلفة، لابد وأن يحرص المسؤولون فيها على "تذكر" محددات عملهم، خاصة الشعار الذي يرفع دائماً ويتكرر في التصريحات الرسمية، بشأن كون "المواطن هو الأساس" وأن "الشعب هو محور التنمية"، وأن الحرص لابد ويكون بطريقة "لا تمس المكتسبات".
المعادلة بسيطة جداً، وتتمثل بأن عليك تقديم مشروع يحظى بالموافقة الشعبية، ويتم التعامل معه بردات فعل إيجابية من قبل المواطنين، حتى يكون هذا المشروع وطنياً خالصاً ويحظى بقبول الناس ولن تجد عليه أية اعتراضات.
لكن حتى تحقق هذا، لابد وأن يكون المشروع مستمداً من الناس، ومبنياً على آرائهم ومطالبهم، والأهم أن يخدمهم ويحقق لهم الأفضل، ولا يتسبب لهم بالضيق.
هذه هي الآلية الصحيحة، واليوم حينما نتابع السجالات بشأن أية مشاريع، ونبحث في الأسباب التي تؤدي لموجات استياء وامتعاض في المجتمع، نخلص بأن المشكلة تتخلص في موضوع واحد لا غير، وهو "غياب الإرادة الشعبية" في صناعة القرارات.
مازلت أتذكر التصريحات المعنية بعودة البرلمان، وحرص جلالة الملك حفظه الله وهو "عراب" المشروع الإصلاحي السامي في مبادئه، بأن الهدف هو المشاركة الشعبية في صناعة القرارات، وهذا هو الأساس في العمل المؤسساتي الممنهج والذي يحرص على الخروج بنتائج مثالية ترضي الجميع، لأنه يستمد كل شيء من الناس.
الحالة التي يموج فيها المجتمع البحريني، حالة محزنة، هناك ازدياد في مشاعر الإحباط والسلبية، وهذا أمر لا يمكن نكرانه، ولا يجب أن يتم تجاهله، وهو أمر يفترض أن يمثل تحدياً للبلد، بحيث تعمل على تغيير هذا الإحساس، والتفكير بأسلوب يركز على رفع مؤشرات السعادة، وهذا تحد ليس بمستحيل، لكنه يتطلب تغيير الأساليب والآليات في إقرار كثير من الأمور، يتطلب إشراكاً أكثر للمواطن، والأهم وضع الاعتبار الدائم لآرائه ومطالبه، بحيث تكون المخرجات مقبولة لديه، و"منه وإليه".