جاءت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة لسكان البصرة جنوب العراق لتقلب الطاولة على إيران والأحزاب والجماعات والميليشيات المسلحة الموالية لها، ولتعيد النظر في الحسابات السياسية القائمة بين الأحزاب، خاصة بعد معركة خلط الأوراق، لا سيما مع الصراع القائم على تشكيل الحكومة والسعي للظفر بمنصب رئيس وزراء العراق.
ولعل أكبر المتضررين من احتجاجات البصرة، إيران في المقام الأول، ثم حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي في المقام الثاني، الذي ربما تقلص تلك الاحتجاجات من حظوظه في توليه منصب رئيس الوزراء وسعيه لتشكيل الحكومة المرتقبة، خاصة بعد أن أصبح في مواجهة مباشرة مع تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي دعاه إلى الاستقالة في جلسة البرلمان الأخيرة التي خصصت لمناقشة تدهور الأوضاع في البصرة.
وإذا كان مؤيدو إيران في العراق قد ذهبوا إلى أن «الصدر هو من حرك المتظاهرين لكي يحرقوا القنصلية الإيرانية في البصرة، ويرددوا هتافات معادية لإيران، وبينها «إيران برا برا.. البصرة حرة حرة»، وإشعال المتظاهرين العراقيين لصور قائد الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني، والمرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، وهو ما لم يقدر عليه تنظيم الدولة «داعش»، طوال نحو 4 سنوات»، على حد تفسيرهم، إلا أنهم لم يدركوا أن السخط الشعبي ضد إيران وحكام البلاد من شيعة العراق في أحد المعاقل الشيعية الرئيسة في العراق لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة تراكمات تسبب فيها تجاهل مطالبهم الرئيسة على مدار سنوات، وهذا ما يفسر التلاسن والمشادات الكلامية التي جرت في البرلمان العراقي بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني، من ناحية، وبين العبادي ونواب المحافظة في البرلمان من ناحية أخرى.
وربما جسدت تلك الاحتجاجات الشعبية لشيعة العراق ضد إيران في البصرة مدى السخط الشعبي الشيعي ضد نظام طهران وضد حكام العراق، حيث عبر شيعة البصرة عن رفضهم للهيمنة الإيرانية وكان الاحتقان والغضب الشعبي قد بلغ أشده لمرحلة غير مسبوقة من العنف بإقدام محتجي البصرة على حرق القنصلية الإيرانية في المحافظة واقتحامها وتدميرها من الداخل.
وتعيش البصرة حالة من الاحتقان والاستياء والغضب الشعبي منذ نحو شهرين نتيجة تردي الأوضاع الاجتماعية والخدمية في المحافظة الشيعية الغنية بالنفط، والتي من المفترض أنها تدر مبالغ خيالية تصب في ميزانية العراق، ومن ثم فإنها تعود بالنفع والخير على المواطن الشيعي البسيط في المحافظة، لكن فساد السلطة الحاكمة كان الشرارة التي دفعت العراقيين إلى الانتفاض ضد الفساد والظلم والاضطهاد والاتجاه نحو العنف ضد أي رمز لتلك السلطة الحاكمة حتى ولو كانت إيران. ولذلك لم يتردد المتظاهرون في الإقدام على حرق مقرات الأحزاب والجماعات والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في المحافظة قبل أن يستهدفوا المباني الحكومية في المحافظة وبلغ الغضب ذروته باستهداف إيران وحكامها من خلال قنصليتها في البصرة.
وفشل ساسة العراق على مدار نحو شهرين في احتواء الغضب الشيعي في البصرة، حيث خرج عشرات الآلاف في المحافظة، ثم شمل الغضب كامل البلاد للتنديد بالفساد والبطالة وانعدام الخدمات الاجتماعية العامة، وكان آخرها الأزمة الصحية غير المسبوقة التي تسببت في معاناة عشرات الآلاف الذين تسمموا بمياه ملوثة، فيما تسببت المواجهات الدامية بين المتظاهرين وقوات الأمن العراقية في مقتل نحو 27 متظاهراً، بينهم 12 متظاهراً قتلوا خلال أقل من أسبوع، إضافة إلى إصابة المئات، نتيجة عنف قوات الأمن العراقية في مواجهة المحتجين.
ويجد العبادي وتحالفه في موقف لا يحسد عليه، لا سيما بعدما طالبت القائمتان الرئيسيتان - تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري - اللتان فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو الماضي، باستقالة العبادي، في أعقاب جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في البصرة، وفقاً لما بثته وسائل إعلام محلية، حيث انقلب تحالف الصدر على العبادي، حينما طالب الأول باستقالة الأخير، ووجد العبادي نفسه في موقف صعب، تتقلص على أساسه حظوظه نحو تولي منصب رئيس الوزراء، وتسميته لولاية ثانية، بعدما تخلى عنه الصدر، في أول اختبار حقيقي كشف انقلاب الطاولة وخلط الأوراق السياسية بين حكام العراق، حيث وضعت احتجاجات الشيعة في البصرة الصدر في أول مواجهة حقيقية مع العبادي.
ولا يمكن تجاهل تحذيرات العبادي من اندلاع صراع مسلح بين المؤيدين والمعارضين لإيران في العراق، لا سيما وأن ميليشيات «الحشد الشعبي» دخلت على خط الأزمة وحاولت الاستفادة منها عسكرياً دفاعاً عن ملالي طهران، حينما لوحت بالنزول إلى الشارع قبل أن يستفيد منها سياسياً تحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري والذي يعد الذراع السياسية للميليشيات الشيعية المسلحة، حينما طالب العبادي بالاستقالة، وهذا ما يفسر الهجوم اللاذع الذي شنه نائب قائد «الحشد الشعبي» أبومهدي المهندس، على العبادي حينما قال في مقابلة تلفزيونية إنه «ليس للقائد العام للقوّات المسلّحة حيدر العبادي أي دور في إحراز النصر على «داعش»، وإنما تمّ ذلك نتيجة استبسال الجندي العراقي وأبطال «الشرطة» الاتّحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وتلاحمهم مع إخوانهم في «الحشد الشعبي»».
* وقفة:
ينذر الغضب الشعبي والاحتقان غير المسبوق لشيعة البصرة بتحوله إلى صراع مسلح لا سيما بعد تلويح ميليشيات «الحشد الشعبي» المقربة من إيران بالنزول إلى الشارع في محاولة يائسة لإنقاذ انهيار شعبية ملالي طهران في العراق!!
ولعل أكبر المتضررين من احتجاجات البصرة، إيران في المقام الأول، ثم حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي في المقام الثاني، الذي ربما تقلص تلك الاحتجاجات من حظوظه في توليه منصب رئيس الوزراء وسعيه لتشكيل الحكومة المرتقبة، خاصة بعد أن أصبح في مواجهة مباشرة مع تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي دعاه إلى الاستقالة في جلسة البرلمان الأخيرة التي خصصت لمناقشة تدهور الأوضاع في البصرة.
وإذا كان مؤيدو إيران في العراق قد ذهبوا إلى أن «الصدر هو من حرك المتظاهرين لكي يحرقوا القنصلية الإيرانية في البصرة، ويرددوا هتافات معادية لإيران، وبينها «إيران برا برا.. البصرة حرة حرة»، وإشعال المتظاهرين العراقيين لصور قائد الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني، والمرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، وهو ما لم يقدر عليه تنظيم الدولة «داعش»، طوال نحو 4 سنوات»، على حد تفسيرهم، إلا أنهم لم يدركوا أن السخط الشعبي ضد إيران وحكام البلاد من شيعة العراق في أحد المعاقل الشيعية الرئيسة في العراق لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة تراكمات تسبب فيها تجاهل مطالبهم الرئيسة على مدار سنوات، وهذا ما يفسر التلاسن والمشادات الكلامية التي جرت في البرلمان العراقي بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني، من ناحية، وبين العبادي ونواب المحافظة في البرلمان من ناحية أخرى.
وربما جسدت تلك الاحتجاجات الشعبية لشيعة العراق ضد إيران في البصرة مدى السخط الشعبي الشيعي ضد نظام طهران وضد حكام العراق، حيث عبر شيعة البصرة عن رفضهم للهيمنة الإيرانية وكان الاحتقان والغضب الشعبي قد بلغ أشده لمرحلة غير مسبوقة من العنف بإقدام محتجي البصرة على حرق القنصلية الإيرانية في المحافظة واقتحامها وتدميرها من الداخل.
وتعيش البصرة حالة من الاحتقان والاستياء والغضب الشعبي منذ نحو شهرين نتيجة تردي الأوضاع الاجتماعية والخدمية في المحافظة الشيعية الغنية بالنفط، والتي من المفترض أنها تدر مبالغ خيالية تصب في ميزانية العراق، ومن ثم فإنها تعود بالنفع والخير على المواطن الشيعي البسيط في المحافظة، لكن فساد السلطة الحاكمة كان الشرارة التي دفعت العراقيين إلى الانتفاض ضد الفساد والظلم والاضطهاد والاتجاه نحو العنف ضد أي رمز لتلك السلطة الحاكمة حتى ولو كانت إيران. ولذلك لم يتردد المتظاهرون في الإقدام على حرق مقرات الأحزاب والجماعات والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في المحافظة قبل أن يستهدفوا المباني الحكومية في المحافظة وبلغ الغضب ذروته باستهداف إيران وحكامها من خلال قنصليتها في البصرة.
وفشل ساسة العراق على مدار نحو شهرين في احتواء الغضب الشيعي في البصرة، حيث خرج عشرات الآلاف في المحافظة، ثم شمل الغضب كامل البلاد للتنديد بالفساد والبطالة وانعدام الخدمات الاجتماعية العامة، وكان آخرها الأزمة الصحية غير المسبوقة التي تسببت في معاناة عشرات الآلاف الذين تسمموا بمياه ملوثة، فيما تسببت المواجهات الدامية بين المتظاهرين وقوات الأمن العراقية في مقتل نحو 27 متظاهراً، بينهم 12 متظاهراً قتلوا خلال أقل من أسبوع، إضافة إلى إصابة المئات، نتيجة عنف قوات الأمن العراقية في مواجهة المحتجين.
ويجد العبادي وتحالفه في موقف لا يحسد عليه، لا سيما بعدما طالبت القائمتان الرئيسيتان - تحالف «سائرون» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري - اللتان فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو الماضي، باستقالة العبادي، في أعقاب جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في البصرة، وفقاً لما بثته وسائل إعلام محلية، حيث انقلب تحالف الصدر على العبادي، حينما طالب الأول باستقالة الأخير، ووجد العبادي نفسه في موقف صعب، تتقلص على أساسه حظوظه نحو تولي منصب رئيس الوزراء، وتسميته لولاية ثانية، بعدما تخلى عنه الصدر، في أول اختبار حقيقي كشف انقلاب الطاولة وخلط الأوراق السياسية بين حكام العراق، حيث وضعت احتجاجات الشيعة في البصرة الصدر في أول مواجهة حقيقية مع العبادي.
ولا يمكن تجاهل تحذيرات العبادي من اندلاع صراع مسلح بين المؤيدين والمعارضين لإيران في العراق، لا سيما وأن ميليشيات «الحشد الشعبي» دخلت على خط الأزمة وحاولت الاستفادة منها عسكرياً دفاعاً عن ملالي طهران، حينما لوحت بالنزول إلى الشارع قبل أن يستفيد منها سياسياً تحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري والذي يعد الذراع السياسية للميليشيات الشيعية المسلحة، حينما طالب العبادي بالاستقالة، وهذا ما يفسر الهجوم اللاذع الذي شنه نائب قائد «الحشد الشعبي» أبومهدي المهندس، على العبادي حينما قال في مقابلة تلفزيونية إنه «ليس للقائد العام للقوّات المسلّحة حيدر العبادي أي دور في إحراز النصر على «داعش»، وإنما تمّ ذلك نتيجة استبسال الجندي العراقي وأبطال «الشرطة» الاتّحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وتلاحمهم مع إخوانهم في «الحشد الشعبي»».
* وقفة:
ينذر الغضب الشعبي والاحتقان غير المسبوق لشيعة البصرة بتحوله إلى صراع مسلح لا سيما بعد تلويح ميليشيات «الحشد الشعبي» المقربة من إيران بالنزول إلى الشارع في محاولة يائسة لإنقاذ انهيار شعبية ملالي طهران في العراق!!