دائماً ما أقول حينما ندخل أجواء الحملات الانتخابية، سواء منذ إعلان موعدها الرسمي، أو ما يسبقها بعد فترة انتهاء عمل الفصل التشريعي الأخير من البرلمان، إننا اليوم أمام فرصة لمعايشة الواقع عبر كثير من الأفراد «تنقلب» مواقفهم فجأة من التجربة النيابية، بمجرد إعلان ترشحهم للانتخابات.
بشأن كثير من التصريحات التي تنشر لمترشحين للمجلسين البلدي أو النيابي، حينما تقرأ مضامينها وتعرف بعض الأشخاص منهم، وتتذكر لهم تصريحات في الصحافة أو آراء في وسائل التواصل الاجتماعي، لا تملك سوى القول «سبحان مغير الأحوال».
لدي رصيد سريع لبعض المترشحين ممن قامت مجموعة منهم بـ«سل السكين» على رقبة التجربة النيابية فيما سبق، أي عندما لم يكونوا أعضاء نيابيين أو لم يترشحوا في المعترك، واليوم بمقارنة المواقف السابقة بالمواقف «الواعدة» الداخلة في إطار الحملات الانتخابية، تجد التناقض الصارخ.
لست أتحدث هنا عمن كان لسان حالهم يقول ويشخص الوضع المعني بالعمل النيابي بأن «المنظومة» أو «الكيان» كبرلمان هو من يجب الإيمان به، لا تركيبة الأفراد، لا إطلاقا، بل أتحدث عن عينات كانت تنتقص من وجود المجلس ككيان، ولا ترى بصيص أمل فيه، بل وتعتبره خسارة مالية لميزانية الدولة، أو منظومة لا داعي لها، في هجوم على فكرة وجود المجلس التشريعي من أساسه، لا في انتقاد لأداء الأدوات فيه والتي اختارها الناس.
هذا الحد الفاصل في المفهوم المعني بالتجربة البرلمانية هو ما يحدد لكم في كثير من الأحيان مدى «مصداقية» الشخص، إذ هل هو يؤمن بالعمل الديمقراطي والمشاركة في صناعة القرار من خلال المؤسسة المعنية، أم هو يقيس رأيه فقط على أداء ضعيف من أفراد ليعمم بالتالي النظرة على البرلمان وينتقص من وجوده في المقام الأول.
هناك مترشحون لو عدتم لمواقفهم من التجربة الديمقراطية والممارسة التشريعية، تجد أنهم بالفعل يملكون الإيمان بالمنظومة، لكن حربهم ضد استغلال المنظومة بحيث تقتصر فائدتها على مكاسب شخصية للنواب فيها بمعزل عن الفائدة الكبرى التي تطال عموم الشعب وتحقق المصلحة العامة.
مثل هؤلاء المؤمنين بأن التغيير يجب أن يكون وفق النظام والقنوات الصحيحة، وأنه يجب تقوية الكيانات والمنظومات عبر نشر الوعي المجتمعي، وحماية الناس من الاستغلال، مثل هؤلاء هم من يمثلون الخيارات الأفضل للانتخاب، أقلها هم يتحدثون عن المبادئ وعن الأسس التي يجب العمل وفقها، والتي تتعارض تماما مع الممارسات التي تبين السعي لتحقيق المكسب الشخصي على حساب أصوات الناس.
أقول بأن الفئة أعلاه هي الأقل ضرراً، لأنها قد تعمل على تصحيح مسارات العمل النيابي، لكن في المقابل هناك الفئة التي تعاود الترشح مرات ومرات، بعضهم فشل بشكل متكرر، وبعضهم نجح مرة وفشل في أخرى، أو حافظ على كرسيه لفصول متعاقبة، هذه الفئة تعيد استنساخ نفس الشعارات، تعيد طرح نفس الوعود، وكأن المجتمع مصاب بمرض «زهايمر» كل أربعة أعوام، فينسى ما وُعد به قبل أربعة سنوات، وهو عرضة اليوم للسقوط في نفس «فخ» الوعود الوردية التي لم تتحقق.
ما يجب أن تحذر منه يا ناخب بشأن الانتخابات القادمة يتلخص في نوعين من المترشحين، الأول من «انتقص» و«استهان» و«استهزأ» بالبرلمان وتجربتنا الديمقراطية، واليوم غير كلامه لأنه سيدخل الانتخابات، والنوع الثاني من مازال يعول على النسيان، فيعيد طرح نفس الشعارات ونفس الوعود ويتذكركم بعد أن نساكم لأربعة أعوام.
هناك أشخاص يسعون للإصلاح وخدمة الناس، وهناك أشخاص يسعون للمنفعة الشخصية وتحقيق ذلك باستغلال الناس.
{{ article.visit_count }}
بشأن كثير من التصريحات التي تنشر لمترشحين للمجلسين البلدي أو النيابي، حينما تقرأ مضامينها وتعرف بعض الأشخاص منهم، وتتذكر لهم تصريحات في الصحافة أو آراء في وسائل التواصل الاجتماعي، لا تملك سوى القول «سبحان مغير الأحوال».
لدي رصيد سريع لبعض المترشحين ممن قامت مجموعة منهم بـ«سل السكين» على رقبة التجربة النيابية فيما سبق، أي عندما لم يكونوا أعضاء نيابيين أو لم يترشحوا في المعترك، واليوم بمقارنة المواقف السابقة بالمواقف «الواعدة» الداخلة في إطار الحملات الانتخابية، تجد التناقض الصارخ.
لست أتحدث هنا عمن كان لسان حالهم يقول ويشخص الوضع المعني بالعمل النيابي بأن «المنظومة» أو «الكيان» كبرلمان هو من يجب الإيمان به، لا تركيبة الأفراد، لا إطلاقا، بل أتحدث عن عينات كانت تنتقص من وجود المجلس ككيان، ولا ترى بصيص أمل فيه، بل وتعتبره خسارة مالية لميزانية الدولة، أو منظومة لا داعي لها، في هجوم على فكرة وجود المجلس التشريعي من أساسه، لا في انتقاد لأداء الأدوات فيه والتي اختارها الناس.
هذا الحد الفاصل في المفهوم المعني بالتجربة البرلمانية هو ما يحدد لكم في كثير من الأحيان مدى «مصداقية» الشخص، إذ هل هو يؤمن بالعمل الديمقراطي والمشاركة في صناعة القرار من خلال المؤسسة المعنية، أم هو يقيس رأيه فقط على أداء ضعيف من أفراد ليعمم بالتالي النظرة على البرلمان وينتقص من وجوده في المقام الأول.
هناك مترشحون لو عدتم لمواقفهم من التجربة الديمقراطية والممارسة التشريعية، تجد أنهم بالفعل يملكون الإيمان بالمنظومة، لكن حربهم ضد استغلال المنظومة بحيث تقتصر فائدتها على مكاسب شخصية للنواب فيها بمعزل عن الفائدة الكبرى التي تطال عموم الشعب وتحقق المصلحة العامة.
مثل هؤلاء المؤمنين بأن التغيير يجب أن يكون وفق النظام والقنوات الصحيحة، وأنه يجب تقوية الكيانات والمنظومات عبر نشر الوعي المجتمعي، وحماية الناس من الاستغلال، مثل هؤلاء هم من يمثلون الخيارات الأفضل للانتخاب، أقلها هم يتحدثون عن المبادئ وعن الأسس التي يجب العمل وفقها، والتي تتعارض تماما مع الممارسات التي تبين السعي لتحقيق المكسب الشخصي على حساب أصوات الناس.
أقول بأن الفئة أعلاه هي الأقل ضرراً، لأنها قد تعمل على تصحيح مسارات العمل النيابي، لكن في المقابل هناك الفئة التي تعاود الترشح مرات ومرات، بعضهم فشل بشكل متكرر، وبعضهم نجح مرة وفشل في أخرى، أو حافظ على كرسيه لفصول متعاقبة، هذه الفئة تعيد استنساخ نفس الشعارات، تعيد طرح نفس الوعود، وكأن المجتمع مصاب بمرض «زهايمر» كل أربعة أعوام، فينسى ما وُعد به قبل أربعة سنوات، وهو عرضة اليوم للسقوط في نفس «فخ» الوعود الوردية التي لم تتحقق.
ما يجب أن تحذر منه يا ناخب بشأن الانتخابات القادمة يتلخص في نوعين من المترشحين، الأول من «انتقص» و«استهان» و«استهزأ» بالبرلمان وتجربتنا الديمقراطية، واليوم غير كلامه لأنه سيدخل الانتخابات، والنوع الثاني من مازال يعول على النسيان، فيعيد طرح نفس الشعارات ونفس الوعود ويتذكركم بعد أن نساكم لأربعة أعوام.
هناك أشخاص يسعون للإصلاح وخدمة الناس، وهناك أشخاص يسعون للمنفعة الشخصية وتحقيق ذلك باستغلال الناس.