تعززت حرب أكتوبر بأيدٍ بيضاء من بعض الدول العربية على ثلاث جبهات:
الأولى: والأهم هي موقف الدول العربية البترولية التي قامت بفرض حظر بترولي على الدول المؤيدة لإسرائيل ومن ثم دخل سلاح البترول المعركة لأول مرة وأدى هذا لتعاظم المكانة العربية لأنه عكس وجود إدارة عربية قادرة على اتخاذ القرار من أجل المصلحة العربية العامة غير مكترثة بالنتائج والضغوط هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ارتفعت أسعار البترول في السوق العالمي مما أدى مكسباً لمصلحة الدول البترولية فكأنها لم تخسر شيئاً بل على العكس كسبت احتراماً ومكانة وأموالاً. وكان ذلك دليلاً على بُعد نظر القيادات العربية من ناحية وعلى وجود تضامن عربي حقيقي كامن ظهر للعيان في اللحظة المناسبة.
الثانية: مشاركة رمزية من بعض الدول العربية الأخرى بقوات أو بمعدات عسكرية. أياً كان حجم تلك المشاركة ومحدوديتها فإن الدلالة الرمزية هي الأهم لأنها عكست وحدة المصير وانصهار الدم العربي معاً للدفاع عن المصلحة العربية والكرامة العربية.
ولا ينبغي أن ننسى أن تدخل مصر في حرب 1967 كان استجابة ودفاعاً عن الأمن القومي العربي لأن سوريا تعرضت لتهديدات آنذاك كما أن الأردن كان تحت ضغوط إسرائيلية مكثفة.
الثالثة: مشاركة سياسية عربية فاعلة في دهاليز الأمم المتحدة حيث نشطت المجموعة العربية مؤيدة من دول عدم الانحياز والدول النامية وغيرها من الدول المحبة للسلام، كذلك نشط السفراء العرب في مختلف دول العالم في اتصالاتهم مع المسؤولين في تلك الدول لشرح وجهة النظر العربية. كما كثفت القيادات السياسية العربية اتصالاتها الدولية لتأييد الحق العربي.
وهكذا شعر كل عربي بأن ما تحقق من نصر أكتوبر إنما هو نصر له وهو رد اعتبار للعسكرية المصرية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من العسكرية العربية بل إن مصر دائماً في مقدمة الصفوف العربية عسكرياً وسياسياً، كما شعر كل مواطن عربي بفخر واعتزاز لأن أي نصر لمصر هو نصر للعرب كما أن أي هزيمة لها هي هزيمة للعرب ومن ثم ساعدت حرب أكتوبر على تعزيز اللحمة العربية في العمل وفي الأحاسيس والمشاعر.
ولقد قال لي البروفسور شفيع اجواني رئيس جامعة جواهر لال نهرو آنذاك وهو مسلم ومتخصص في الشرق الأوسط: «إن حرب أكتوبر جعلت العرب القوة السادسة في العالم بعد الدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة».
لقد أطلقت حرب أكتوبر عملية السلام في الشرق الأوسط بعد أن ظلت تراوح مكانها وتدور في حلقات مفرغة منذ حرب 1967 وصدور قرار مجلس الأمن الشهير رقم 242 ومباحثات جونار يارنج مبعوث الأمم المتحدة ومبادرات دولية وإقليمية عديدة وقرارات لا تحصى ولا تعد صدرت من المنظمات والمؤتمرات الدولية والإقليمية ولكنها كانت أشبه ما تكون بالمحاورات البيزنطية قبل حرب أكتوبر وتحول جزء منها إلى حقائق ملموسة لأن الشعار الحقيقي الذي رفعه الزعيم جمال عبدالناصر بعد حرب 1967 إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، كان يعبر عن الفلسفة الواقعية للسياسة الدولية ومازال هو القانون الذي يحكم مسيرة هذه السياسة والتصرفات بين الدول. وللحديث بقية.
* خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية
الأولى: والأهم هي موقف الدول العربية البترولية التي قامت بفرض حظر بترولي على الدول المؤيدة لإسرائيل ومن ثم دخل سلاح البترول المعركة لأول مرة وأدى هذا لتعاظم المكانة العربية لأنه عكس وجود إدارة عربية قادرة على اتخاذ القرار من أجل المصلحة العربية العامة غير مكترثة بالنتائج والضغوط هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ارتفعت أسعار البترول في السوق العالمي مما أدى مكسباً لمصلحة الدول البترولية فكأنها لم تخسر شيئاً بل على العكس كسبت احتراماً ومكانة وأموالاً. وكان ذلك دليلاً على بُعد نظر القيادات العربية من ناحية وعلى وجود تضامن عربي حقيقي كامن ظهر للعيان في اللحظة المناسبة.
الثانية: مشاركة رمزية من بعض الدول العربية الأخرى بقوات أو بمعدات عسكرية. أياً كان حجم تلك المشاركة ومحدوديتها فإن الدلالة الرمزية هي الأهم لأنها عكست وحدة المصير وانصهار الدم العربي معاً للدفاع عن المصلحة العربية والكرامة العربية.
ولا ينبغي أن ننسى أن تدخل مصر في حرب 1967 كان استجابة ودفاعاً عن الأمن القومي العربي لأن سوريا تعرضت لتهديدات آنذاك كما أن الأردن كان تحت ضغوط إسرائيلية مكثفة.
الثالثة: مشاركة سياسية عربية فاعلة في دهاليز الأمم المتحدة حيث نشطت المجموعة العربية مؤيدة من دول عدم الانحياز والدول النامية وغيرها من الدول المحبة للسلام، كذلك نشط السفراء العرب في مختلف دول العالم في اتصالاتهم مع المسؤولين في تلك الدول لشرح وجهة النظر العربية. كما كثفت القيادات السياسية العربية اتصالاتها الدولية لتأييد الحق العربي.
وهكذا شعر كل عربي بأن ما تحقق من نصر أكتوبر إنما هو نصر له وهو رد اعتبار للعسكرية المصرية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من العسكرية العربية بل إن مصر دائماً في مقدمة الصفوف العربية عسكرياً وسياسياً، كما شعر كل مواطن عربي بفخر واعتزاز لأن أي نصر لمصر هو نصر للعرب كما أن أي هزيمة لها هي هزيمة للعرب ومن ثم ساعدت حرب أكتوبر على تعزيز اللحمة العربية في العمل وفي الأحاسيس والمشاعر.
ولقد قال لي البروفسور شفيع اجواني رئيس جامعة جواهر لال نهرو آنذاك وهو مسلم ومتخصص في الشرق الأوسط: «إن حرب أكتوبر جعلت العرب القوة السادسة في العالم بعد الدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة».
لقد أطلقت حرب أكتوبر عملية السلام في الشرق الأوسط بعد أن ظلت تراوح مكانها وتدور في حلقات مفرغة منذ حرب 1967 وصدور قرار مجلس الأمن الشهير رقم 242 ومباحثات جونار يارنج مبعوث الأمم المتحدة ومبادرات دولية وإقليمية عديدة وقرارات لا تحصى ولا تعد صدرت من المنظمات والمؤتمرات الدولية والإقليمية ولكنها كانت أشبه ما تكون بالمحاورات البيزنطية قبل حرب أكتوبر وتحول جزء منها إلى حقائق ملموسة لأن الشعار الحقيقي الذي رفعه الزعيم جمال عبدالناصر بعد حرب 1967 إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، كان يعبر عن الفلسفة الواقعية للسياسة الدولية ومازال هو القانون الذي يحكم مسيرة هذه السياسة والتصرفات بين الدول. وللحديث بقية.
* خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية