خلال الحرب العالمية الأولى، قدر الله لأحد الضباط الأتراك في الجيش العثماني أن يشترك في كل جبهاتها، فقاتل بجبهات جناق قلعة وقفقازيا والعراق وفلسطين وغاليسيا، وجرح خلال الحرب أكثر من عشرين مرة، ونجاه الله من الموت، لكنه أصيب بعوق وعجز نتيجة هذه الإصابات، وأقوى ضرر كان في رجله فأعاقته الإصابة عن المشي بشكل صحيح، فذهب إلى آمر اللواء الذي ينتسب له وقال: سيدي.. أعتقد بعد هذه المعارك والضرر الذي أصابني أستحق الخدمة الثابتة، فهل توافقني الرأي؟ فقال قائده: أشهد بالله إنك تستحقها وأكثر، فقال الضابط: طيب هذه عريضتي أطلب فيها نقلي إلى إحدى الخدمات الثابتة.
استلم القائد العريضة وعلق عليها بأفضل هامش في صالح الضابط، وذهبت العريضة في البريد تتسلق المراتب العسكرية حسب سلسلة المراجع، حتى وصلت إلى أنور باشا، وما أدراك ما أنور باشا! صحيح أنه وزير الحربية ورئيس أركان الجيش ونائب القائد العام وصهر الحضرة الشاهنشاهية، لكنه كان الحاكم الفعلي للدولة العثمانية والسلطان مجرد واجهة.
بدأ أنور باشا بقراءة العريضة وتعليق آمر اللواء عليها، ثم سحب قلمه الأحمر وعلق بهذا الهامش:
«آرقداش.. بازار لغمز نولونجه به قاداردر..»، وترجمتها: «أيها الرفيق... كانت مساومتنا معك حتى الموت!»، أي أنك عندما دخلت الكلية الحربية تعاقدنا معك أن تتخرج ضابطاً تخدم في الجيش حتى تموت، وأنت لم تقتل حتى الآن ولم تصب إلا بالعوق والعجز وتريد العمل بوحدة ثابتة أو دائرة مدنية!
هنا أريد أن أتكلم بلسان العراقيين بعد أن تشكلت الحكومة العراقية الجديدة مؤخراً، فلسان أكثر العراقيين يقول: نحن منذ العام 1980 وحتى نهاية العام 1988 ونحن نعيش في حرب ومعارك وموت وعوق، ومنذ العام 1990 وحتى العام 2003 ونحن نعيش الحصار والجوع والقهر والمرض ومنذ العام 2003 ولغاية الآن ونحن نعيش مع نظام العصابات والقتل على الهوية والمحاصصة الطائفية والحرب الطائفية، وشيوع الجهل والتخلف وانتشار الأمية تحت حكم الأحزاب الدينية الطائفية، حتى وصلنا إلى هذا اليوم الذي تشكلت فيه الحكومة «الناقصة» –لأن البرلمان لم يوافق على كل الوزراء وبقي قسم منها شاغراً – وصلنا إلى هذا اليوم وبعض العراقيين يمني النفس أن تكون هذه الحكومة أفضل من سابقاتها لعل الأوضاع تتغير، فجاءت التشكيلة الوزارية أكثر من محبطة.
لذا وعوداً على قصة الضابط العثماني التي مر عليها مئة عام، من حق العراقيين – حسب سلسلة المراجع – التي لا يعرف من صاحب القرار النهائي فيها ومن هو أنورها وباشتها ليستعلم منه، هل هي أمريكا أم إيران أم النظام الديني الحاكم في العراق، من حقهم أن يعرفوا منه باعتبارهم أصحاب الشأن، هل العقد بينهم وبينه حتى الموت؟! وهل تعاقدوا معه من الأساس؟!
استلم القائد العريضة وعلق عليها بأفضل هامش في صالح الضابط، وذهبت العريضة في البريد تتسلق المراتب العسكرية حسب سلسلة المراجع، حتى وصلت إلى أنور باشا، وما أدراك ما أنور باشا! صحيح أنه وزير الحربية ورئيس أركان الجيش ونائب القائد العام وصهر الحضرة الشاهنشاهية، لكنه كان الحاكم الفعلي للدولة العثمانية والسلطان مجرد واجهة.
بدأ أنور باشا بقراءة العريضة وتعليق آمر اللواء عليها، ثم سحب قلمه الأحمر وعلق بهذا الهامش:
«آرقداش.. بازار لغمز نولونجه به قاداردر..»، وترجمتها: «أيها الرفيق... كانت مساومتنا معك حتى الموت!»، أي أنك عندما دخلت الكلية الحربية تعاقدنا معك أن تتخرج ضابطاً تخدم في الجيش حتى تموت، وأنت لم تقتل حتى الآن ولم تصب إلا بالعوق والعجز وتريد العمل بوحدة ثابتة أو دائرة مدنية!
هنا أريد أن أتكلم بلسان العراقيين بعد أن تشكلت الحكومة العراقية الجديدة مؤخراً، فلسان أكثر العراقيين يقول: نحن منذ العام 1980 وحتى نهاية العام 1988 ونحن نعيش في حرب ومعارك وموت وعوق، ومنذ العام 1990 وحتى العام 2003 ونحن نعيش الحصار والجوع والقهر والمرض ومنذ العام 2003 ولغاية الآن ونحن نعيش مع نظام العصابات والقتل على الهوية والمحاصصة الطائفية والحرب الطائفية، وشيوع الجهل والتخلف وانتشار الأمية تحت حكم الأحزاب الدينية الطائفية، حتى وصلنا إلى هذا اليوم الذي تشكلت فيه الحكومة «الناقصة» –لأن البرلمان لم يوافق على كل الوزراء وبقي قسم منها شاغراً – وصلنا إلى هذا اليوم وبعض العراقيين يمني النفس أن تكون هذه الحكومة أفضل من سابقاتها لعل الأوضاع تتغير، فجاءت التشكيلة الوزارية أكثر من محبطة.
لذا وعوداً على قصة الضابط العثماني التي مر عليها مئة عام، من حق العراقيين – حسب سلسلة المراجع – التي لا يعرف من صاحب القرار النهائي فيها ومن هو أنورها وباشتها ليستعلم منه، هل هي أمريكا أم إيران أم النظام الديني الحاكم في العراق، من حقهم أن يعرفوا منه باعتبارهم أصحاب الشأن، هل العقد بينهم وبينه حتى الموت؟! وهل تعاقدوا معه من الأساس؟!