يبدو التحدي الحقيقي الذي تواجهه واشنطن بفرضها النسخة الثانية من العقوبات المقررة المرتقبة على إيران، والتي من المتوقع إقرارها بعد ساعات من كتابة هذا المقال، هو كيف تستطيع واشنطن أن تحجم تصدير النفط الإيراني؟ وما هي قدرات أمريكا في تحييد طموحات طهران النفطية من خلال حزمة عقوبات جديدة؟ لا سيما مع احتمال سماح واشنطن لثماني دول بمواصلة شراء النفط الإيراني بعد أن تعيد فرض عقوبات على طهران، وفقاً لتقرير أوردته وكالة «بلومبرغ» الأمريكية، تحدثت فيه عن 8 دول منحتها واشنطن إعفاءات شريطة خفض عمليات الشراء التي تقوم بها بشكل كبير، دون أن تذكر تلك الدول. ومن المعلوم أن الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية واليونان وإيطاليا من بين أكبر مشتري النفط الإيراني.
لذلك، سعت الناقلات الإيرانية، إلى أن تسابق الزمن، من أجل مواصلة بيع النفط بعيداً عن الأنظار، عن طريق إطفاء أجهزة الإرسال على متنها لتجنّب أنظمة الرقابة الدولية في سابقة من نوعها منذ بدأت خدمة «تانكر تراكرز.كوم»، «أو متعقّبو الناقلات»، العمل في 2016، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن محللين قالت إنهم يعملون من مكاتبهم الصغيرة في ستوكهولم ضمن مجموعة جديدة تراقب شحنات النفط العالمية، حيث لا يمكن تعقّب هذه السفن إلاّ باستخدام صور الأقمار الصناعية، فيما تسعى طهران وعملاؤها في قطاع النفط إلى المحافظة على تدفّق النفط قبيل سريان الحظر الأمريكي المرتقب خلال ساعات، بيد أن طهران تواجه معضلة أخرى، حتى لو كان بمقدورها تهريب النفط من موانئها، حيث سيكون من الصعب عليها إدخال الأموال إلى حساباتها.
في الوقت ذاته، تشير تقارير محللين ومراقبين إلى انخفاض صادرات النفط الإيراني من نحو 2.5 مليون برميل في اليوم في أبريل إلى نحو 1.6 مليون في أكتوبر.
بيد أن التصريحات الرسمية الصادرة من البيت الأبيض تؤكد أن جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسفرت عن تقليص صادرات النفط من إيران بمقدار مليون برميل يومياً منذ مايو الماضي.
وعشية فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية القاسية على طهران، وضع الرئيس الأمريكي إيران أمام خيار ما بين تغيير نهجها الذي وصفه بـ«المدمر»، أو مواجهة كارثة اقتصادية، مشدداً على أن «تحرك بلاده موجه ضد نظام «ولاية الفقيه»، وليس ضد الشعب الإيراني»، بيد أن الأخير يبدو جلياً أنه هو المتضرر الأبرز والأوحد والأكبر من العقوبات. وفي مايو الماضي، أعلنت إدارة ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي وقعته الدول الكبرى، دول «5 + 1»، في يوليو 2015، بين «أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى ألمانيا، مع إيران»، والذي كان يهدف بالدرجة الأولى إلى كبح القدرات النووية لطهران، فيما قرر ترامب إعادة فرض العقوبات الأمريكية مرة أخرى، والتي علقت بموجب الاتفاق.
واستهدفت الحزمة الأولى من العقوبات التي أعيد فرضها في أغسطس الماضي، قطاع السيارات الإيراني والقطاع المصرفي، بما في ذلك التعامل مع الريال الإيراني والسندات الإيرانية، فيما تشمل الحزمة الثانية، والتي تعد الأكثر شدة، قطاعات النفط والموانئ والشحن البحري والناقلات الجوية والمؤسسات المالية. ومن المقرر أن تطال العقوبات، الدول التي لن توقف استيراد النفط الإيراني، والشركات الأجنبية التي تتعامل مع الكيانات الإيرانية المحظور التعامل معها، في حين أن هناك 8 دول سوف تنال امتيازات خاصة كي يتسنى لها مواصلة استيراد النفط الإيراني بشكل مؤقت.
وقد سارعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى الكشف عن 12 شرطاً وضعتها واشنطن على طهران إذا أرادت الأخيرة رفع العقوبات المرتقبة التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ خلال ساعات، وجاءت الشروط على النحو التالي: الكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها النووي، ووقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم وإغلاق مفاعل المياه الثقيل «آراك»، والسماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول غير المشروط إلى جميع المواقع النووية في البلاد، وإنهاء نشر الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، وإطلاق سراح المواطنين الأمريكيين ومواطني الدول الحليفة المعتقلين في إيران، وإنهاء دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط بما فيها «حزب الله»، وحماس، وحركة الجهاد، واحترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية، ووقف دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن، وسحب جميع القوات الإيرانية من سوريا، وإنهاء دعم طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان والمنطقة وعدم تقديم مأوى لقادة القاعدة، وإنهاء دعم فيلق القدس التابع للحرس الثوري للإرهابيين عبر العالم، ووقف تهديد جيرانها بالصواريخ، وهجماتها السيبرانية المخربة، فضلاً عن تهديدها الملاحة الدولية.
في الوقت ذاته، وجهت واشنطن تحذيراً شديد اللهجة إلى شبكة سويفت بشأن ما يتعلق بالتعامل مع إيران حيث أعلن وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، أن «شبكة سويفت للتحويلات المالية العالمية، التي يتواجد مقرها في بلجيكا، قد تُفرض عليها عقوبات أمريكية، إذا قدمت خدمات لمؤسسات مالية إيرانية، تضعها واشنطن في قائمة سوداء»، مشيراً إلى «إصدار واشنطن قائمة بمؤسسات مالية إيرانية تشملها العقوبات خلال ساعات»، فيما نوه إلى «إضافة 300 شخص وكيان لقائمة العقوبات على إيران، إضافة إلى 400 سابقين»، وبالتالي هناك نحو 700 شخص وكيان تمت إضافتهم إلى قائمة العقوبات. من هذا المنطلق، لن تتمكّن المصارف الأجنبية التي تجري معاملات مع نظيرتها الإيرانية من الوصول إلى النظام المصرفي الأمريكي، في وقت لم ينتظر عدد كبير من المصارف كثيراً ليعلن تقيّده بالعقوبات الأمريكية. من ناحية أخرى، يبدو تلويح إيران بإغلاق مضيق هرمز رداً على حزمة العقوبات القاسية، أمراً صعباً، وربما مستحيلاً، لا سيما وأن هناك إجماعاً من أمريكا ودول خليجية وعربية إضافة إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» على ضرورة اتخاذ موقف حازم ضد طهران في حال أقدمت على تلك الخطورة المتهورة.
* وقفة:
يبدو أن نفط طهران هو جوهر المعركة المستعرة المقبلة بين «ولاية الفقيه» و«الشيطان الأكبر» على وقع وجع الشعب الإيراني وسط خدع طهران وتحذيرات واشنطن وحياد أوروبا!!
لذلك، سعت الناقلات الإيرانية، إلى أن تسابق الزمن، من أجل مواصلة بيع النفط بعيداً عن الأنظار، عن طريق إطفاء أجهزة الإرسال على متنها لتجنّب أنظمة الرقابة الدولية في سابقة من نوعها منذ بدأت خدمة «تانكر تراكرز.كوم»، «أو متعقّبو الناقلات»، العمل في 2016، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن محللين قالت إنهم يعملون من مكاتبهم الصغيرة في ستوكهولم ضمن مجموعة جديدة تراقب شحنات النفط العالمية، حيث لا يمكن تعقّب هذه السفن إلاّ باستخدام صور الأقمار الصناعية، فيما تسعى طهران وعملاؤها في قطاع النفط إلى المحافظة على تدفّق النفط قبيل سريان الحظر الأمريكي المرتقب خلال ساعات، بيد أن طهران تواجه معضلة أخرى، حتى لو كان بمقدورها تهريب النفط من موانئها، حيث سيكون من الصعب عليها إدخال الأموال إلى حساباتها.
في الوقت ذاته، تشير تقارير محللين ومراقبين إلى انخفاض صادرات النفط الإيراني من نحو 2.5 مليون برميل في اليوم في أبريل إلى نحو 1.6 مليون في أكتوبر.
بيد أن التصريحات الرسمية الصادرة من البيت الأبيض تؤكد أن جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسفرت عن تقليص صادرات النفط من إيران بمقدار مليون برميل يومياً منذ مايو الماضي.
وعشية فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية القاسية على طهران، وضع الرئيس الأمريكي إيران أمام خيار ما بين تغيير نهجها الذي وصفه بـ«المدمر»، أو مواجهة كارثة اقتصادية، مشدداً على أن «تحرك بلاده موجه ضد نظام «ولاية الفقيه»، وليس ضد الشعب الإيراني»، بيد أن الأخير يبدو جلياً أنه هو المتضرر الأبرز والأوحد والأكبر من العقوبات. وفي مايو الماضي، أعلنت إدارة ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي وقعته الدول الكبرى، دول «5 + 1»، في يوليو 2015، بين «أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى ألمانيا، مع إيران»، والذي كان يهدف بالدرجة الأولى إلى كبح القدرات النووية لطهران، فيما قرر ترامب إعادة فرض العقوبات الأمريكية مرة أخرى، والتي علقت بموجب الاتفاق.
واستهدفت الحزمة الأولى من العقوبات التي أعيد فرضها في أغسطس الماضي، قطاع السيارات الإيراني والقطاع المصرفي، بما في ذلك التعامل مع الريال الإيراني والسندات الإيرانية، فيما تشمل الحزمة الثانية، والتي تعد الأكثر شدة، قطاعات النفط والموانئ والشحن البحري والناقلات الجوية والمؤسسات المالية. ومن المقرر أن تطال العقوبات، الدول التي لن توقف استيراد النفط الإيراني، والشركات الأجنبية التي تتعامل مع الكيانات الإيرانية المحظور التعامل معها، في حين أن هناك 8 دول سوف تنال امتيازات خاصة كي يتسنى لها مواصلة استيراد النفط الإيراني بشكل مؤقت.
وقد سارعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى الكشف عن 12 شرطاً وضعتها واشنطن على طهران إذا أرادت الأخيرة رفع العقوبات المرتقبة التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ خلال ساعات، وجاءت الشروط على النحو التالي: الكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها النووي، ووقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم وإغلاق مفاعل المياه الثقيل «آراك»، والسماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول غير المشروط إلى جميع المواقع النووية في البلاد، وإنهاء نشر الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، وإطلاق سراح المواطنين الأمريكيين ومواطني الدول الحليفة المعتقلين في إيران، وإنهاء دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط بما فيها «حزب الله»، وحماس، وحركة الجهاد، واحترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية، ووقف دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن، وسحب جميع القوات الإيرانية من سوريا، وإنهاء دعم طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان والمنطقة وعدم تقديم مأوى لقادة القاعدة، وإنهاء دعم فيلق القدس التابع للحرس الثوري للإرهابيين عبر العالم، ووقف تهديد جيرانها بالصواريخ، وهجماتها السيبرانية المخربة، فضلاً عن تهديدها الملاحة الدولية.
في الوقت ذاته، وجهت واشنطن تحذيراً شديد اللهجة إلى شبكة سويفت بشأن ما يتعلق بالتعامل مع إيران حيث أعلن وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، أن «شبكة سويفت للتحويلات المالية العالمية، التي يتواجد مقرها في بلجيكا، قد تُفرض عليها عقوبات أمريكية، إذا قدمت خدمات لمؤسسات مالية إيرانية، تضعها واشنطن في قائمة سوداء»، مشيراً إلى «إصدار واشنطن قائمة بمؤسسات مالية إيرانية تشملها العقوبات خلال ساعات»، فيما نوه إلى «إضافة 300 شخص وكيان لقائمة العقوبات على إيران، إضافة إلى 400 سابقين»، وبالتالي هناك نحو 700 شخص وكيان تمت إضافتهم إلى قائمة العقوبات. من هذا المنطلق، لن تتمكّن المصارف الأجنبية التي تجري معاملات مع نظيرتها الإيرانية من الوصول إلى النظام المصرفي الأمريكي، في وقت لم ينتظر عدد كبير من المصارف كثيراً ليعلن تقيّده بالعقوبات الأمريكية. من ناحية أخرى، يبدو تلويح إيران بإغلاق مضيق هرمز رداً على حزمة العقوبات القاسية، أمراً صعباً، وربما مستحيلاً، لا سيما وأن هناك إجماعاً من أمريكا ودول خليجية وعربية إضافة إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» على ضرورة اتخاذ موقف حازم ضد طهران في حال أقدمت على تلك الخطورة المتهورة.
* وقفة:
يبدو أن نفط طهران هو جوهر المعركة المستعرة المقبلة بين «ولاية الفقيه» و«الشيطان الأكبر» على وقع وجع الشعب الإيراني وسط خدع طهران وتحذيرات واشنطن وحياد أوروبا!!