حقيقة لا انحيازاً للمهنة، الصحافة والإعلام عموماً، ومعها وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت من أهم الأدوات الرقابية الشعبية على السلطات الثلاث، وهي ضرورية من أجل عملية التوازن المنشودة بينها، ألا تسمى الصحافة بالسلطة الرابعة؟
إنما إحقاقاً للحق، مثلما ننتقد ونطالب بالإجادة وبحسن اختيار الأعضاء في بقية السلطات من أجل جودة العمل والأداء، ونناشد برفع سقف المعايير لأعضاء السلطات الثلاث فمن باب أولى أن نتشدد أيضاً في من يتولى مهمة الرقابة على السلطات الثلاث في هذه المهنة لأجل ذات الأسباب.
إذ حين تفقد تلك الأداة قدرتها على النقل الأمين، ولا تجهد بالقيام بواجباتها في التقصي والبحث لحين استكمال ما تكتب عنه، ولا تقدر تبعات إطلاق احكامها، فإن ضررها لا يقل عن أي ضرر يقع على المجتمع ناجم عن نقص الاحترافية في أي من السلطات الثلاث الباقية، فما بالك حين تكلف السلطة الرابعة بمهمة نقل أداء تلك السلطات، وبزيادة الوعي بعملها وبمهامها وبما تقوم به؟ خاصة في مجتمعات كمجتمعاتنا تكتفي الغالبية العظمى منها بقراءة عناوين القصة لا بمتنها، هنا تكون سمعة القائمين على تلك السلطات الثلاث على المحك، وسمعة المؤسسات والوعي بمهامها كلها مرهونة بعنوان مكون من بضع كلمات لا تعرف كيف تم اختيارها!!
سبق وأن استشهدت بهذا المثال الذي يحضرني دوما للدلالة على الظلم الذي قد يقع على عمل المؤسسات، والجهل الذي يمكن أن تعممه وسائل إعلامية لا تعي مقدار التبعات والمآل الذي تأول إليه الأمور إن هي اكتفت من القصة بالعناوين المثيرة التي تختزل الصورة والجهد بزاوية قد لا تشكل ثقلاً واقعياً ولا تمثل إلا جزءاً صغيراً جداً جداً من الصورة الحقيقية، فيكون اختزالها بهذا الشكل، وعدم دراسة تبعات الزاوية التي طرح فيها الموضوع خفة واستهانة بالنتائج.
المثال هو حين كان مجلس النواب يناقش في إحدى الجلسات قانون النظافة العامة وهو واحد من أهم القوانين التي تعنى بصحتنا وصحة أبنائنا والبيئة المحيطة بنا وبسلامتها، وبه من البنود الكثير المتعلق بنظافة الدولة شوارعها ومحلاتها وهوائها ونفاياتها واتفاقياتها الدولية وصرفها الصحي ومجاريها ووووو.. وكان القانون مشروعاً تقدمت به الحكومة والمطلوب في تلك الجلسة مناقشة التقرير الذي وضعته لجنة المرافق عليه حيث ناقشته اللجنة بعد أن قارنته بقوانين خليجية مماثلة، واستدعت المختصين واستفسرت منهم حول الفوارق، ثم عدلت وأضافت، وأبدت ملاحظاتها. وحين جاء وقت مناقشة التقرير تقتضي اللائحة الداخلية أن يعرض أحد الأعضاء التقرير بنداً بنداً، ويجري التصويت على الموافقة عليه أو تعديله. صاحب إقرار هذا القانون جهد كبير ونقاش واسع لأنه قانون هام في ظل تصاعد حدة الملوثات والأمراض الناجمة عنها.
الصحافة في ذلك اليوم نقلت النقاش بأمانة في الصفحات الداخلية لكنها اختارت عناوين من نوع «جدل حول مياه المكيفات»، « غرامة البصق» «انقسام المجلس بسبب مياه المكيفات» وذلك كان واحداً فقط فقط من عشرات البنود التي تناقش نظافة الشوارع من المستنقعات وعلى من تقع المسؤولية، وتم استعراض تجارب الدول في تحديد مسؤولية أصحاب المنازل الذين يتركون مياه المكيفات وبعض الشوارع الضيقة تسبب تلك المياه فيها مستنقعات لضيقها!!!
بسبب العنوان قضت البحرين أسبوعاً كامل لا شاغل لها إلا مجلس النواب الذي ترك المواضيع الهامة وانشغل بالمياه التي تقطر من المكيفات!! وانتشرت التعليقات الساخرة والكاريكاتير والرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي التي تسخر من أداء مجلس النواب، ولم يصحح أحد تلك المعلومة، وترك الناس على ظنهم بأن برلماننا لا شغل له إلا مياه المكيفات!
مثل هذا الموقف تكرر مع قوانين كثيرة تمسنا وتمس سلامتنا وتعليمنا وصحتنا، كان مقياسنا للحكم على جهد استغرق أشهراً بذل في لجنتي المرافق في النواب وفي الشورى مبنياً على عناوين الصحف فقط مختزلاً كل البنود وكل النقاشات المثمرة في عنوان ساخر.
الصحافة البحرينية مهامها لا تقف عند النقل وأمانته فيما يتعلق بأداء السلطات الثلاث، بل تصل مهامها إلى مساعدة المجتمع البحريني في استيعاب تلك النقلة الحضارية التي خطتها البحرين بمشروع إصلاحي عظيم تبناه جلالة الملك، وصدق عليه شعب البحرين.
المجتمع البحريني حكم على أداء السلطة التشريعية بمقاييس بعيدة أحياناً عن اختصاصاته، وبعيدة عن التفاصيل الدقيقة لعمله، والجهد الذي بذله. لم يحكم على حجم التغيير إلا من خلال تحسن الدخل، ولم يحكم على مقياس تحسن مستوى المعيشة أو مقياس التغير النوعي في حياتنا أو على مقدار التغيير والتعديل الذي أجرته السلطة التشريعية على القوانين التي تقدمت بها الحكومة، لم تبذل صحافتنا جهداً في مساعدة المجتمع على الاستدلال على تلك المعايير بل ساهمت في تضليله دون قصد.
كثير من الحملات الهجومية في وسائل التواصل الاجتماعي استمدت شراراتها من عناوين صحافية غير دقيقة وبنت عليها أحكاماً متسرعة.
كان للصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مع الحكومة كما قلنا بالأمس دور في ولادة انطباعات سلبية عن السلطة التشريعية ساهمت إلى جانب أخطاء وضعف عدد كبير من النواب في الوصول لقناعات غير حقيقة بعدم جدوى السلطة التشريعية.
وغداً نكمل.... بإذن الله.
إنما إحقاقاً للحق، مثلما ننتقد ونطالب بالإجادة وبحسن اختيار الأعضاء في بقية السلطات من أجل جودة العمل والأداء، ونناشد برفع سقف المعايير لأعضاء السلطات الثلاث فمن باب أولى أن نتشدد أيضاً في من يتولى مهمة الرقابة على السلطات الثلاث في هذه المهنة لأجل ذات الأسباب.
إذ حين تفقد تلك الأداة قدرتها على النقل الأمين، ولا تجهد بالقيام بواجباتها في التقصي والبحث لحين استكمال ما تكتب عنه، ولا تقدر تبعات إطلاق احكامها، فإن ضررها لا يقل عن أي ضرر يقع على المجتمع ناجم عن نقص الاحترافية في أي من السلطات الثلاث الباقية، فما بالك حين تكلف السلطة الرابعة بمهمة نقل أداء تلك السلطات، وبزيادة الوعي بعملها وبمهامها وبما تقوم به؟ خاصة في مجتمعات كمجتمعاتنا تكتفي الغالبية العظمى منها بقراءة عناوين القصة لا بمتنها، هنا تكون سمعة القائمين على تلك السلطات الثلاث على المحك، وسمعة المؤسسات والوعي بمهامها كلها مرهونة بعنوان مكون من بضع كلمات لا تعرف كيف تم اختيارها!!
سبق وأن استشهدت بهذا المثال الذي يحضرني دوما للدلالة على الظلم الذي قد يقع على عمل المؤسسات، والجهل الذي يمكن أن تعممه وسائل إعلامية لا تعي مقدار التبعات والمآل الذي تأول إليه الأمور إن هي اكتفت من القصة بالعناوين المثيرة التي تختزل الصورة والجهد بزاوية قد لا تشكل ثقلاً واقعياً ولا تمثل إلا جزءاً صغيراً جداً جداً من الصورة الحقيقية، فيكون اختزالها بهذا الشكل، وعدم دراسة تبعات الزاوية التي طرح فيها الموضوع خفة واستهانة بالنتائج.
المثال هو حين كان مجلس النواب يناقش في إحدى الجلسات قانون النظافة العامة وهو واحد من أهم القوانين التي تعنى بصحتنا وصحة أبنائنا والبيئة المحيطة بنا وبسلامتها، وبه من البنود الكثير المتعلق بنظافة الدولة شوارعها ومحلاتها وهوائها ونفاياتها واتفاقياتها الدولية وصرفها الصحي ومجاريها ووووو.. وكان القانون مشروعاً تقدمت به الحكومة والمطلوب في تلك الجلسة مناقشة التقرير الذي وضعته لجنة المرافق عليه حيث ناقشته اللجنة بعد أن قارنته بقوانين خليجية مماثلة، واستدعت المختصين واستفسرت منهم حول الفوارق، ثم عدلت وأضافت، وأبدت ملاحظاتها. وحين جاء وقت مناقشة التقرير تقتضي اللائحة الداخلية أن يعرض أحد الأعضاء التقرير بنداً بنداً، ويجري التصويت على الموافقة عليه أو تعديله. صاحب إقرار هذا القانون جهد كبير ونقاش واسع لأنه قانون هام في ظل تصاعد حدة الملوثات والأمراض الناجمة عنها.
الصحافة في ذلك اليوم نقلت النقاش بأمانة في الصفحات الداخلية لكنها اختارت عناوين من نوع «جدل حول مياه المكيفات»، « غرامة البصق» «انقسام المجلس بسبب مياه المكيفات» وذلك كان واحداً فقط فقط من عشرات البنود التي تناقش نظافة الشوارع من المستنقعات وعلى من تقع المسؤولية، وتم استعراض تجارب الدول في تحديد مسؤولية أصحاب المنازل الذين يتركون مياه المكيفات وبعض الشوارع الضيقة تسبب تلك المياه فيها مستنقعات لضيقها!!!
بسبب العنوان قضت البحرين أسبوعاً كامل لا شاغل لها إلا مجلس النواب الذي ترك المواضيع الهامة وانشغل بالمياه التي تقطر من المكيفات!! وانتشرت التعليقات الساخرة والكاريكاتير والرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي التي تسخر من أداء مجلس النواب، ولم يصحح أحد تلك المعلومة، وترك الناس على ظنهم بأن برلماننا لا شغل له إلا مياه المكيفات!
مثل هذا الموقف تكرر مع قوانين كثيرة تمسنا وتمس سلامتنا وتعليمنا وصحتنا، كان مقياسنا للحكم على جهد استغرق أشهراً بذل في لجنتي المرافق في النواب وفي الشورى مبنياً على عناوين الصحف فقط مختزلاً كل البنود وكل النقاشات المثمرة في عنوان ساخر.
الصحافة البحرينية مهامها لا تقف عند النقل وأمانته فيما يتعلق بأداء السلطات الثلاث، بل تصل مهامها إلى مساعدة المجتمع البحريني في استيعاب تلك النقلة الحضارية التي خطتها البحرين بمشروع إصلاحي عظيم تبناه جلالة الملك، وصدق عليه شعب البحرين.
المجتمع البحريني حكم على أداء السلطة التشريعية بمقاييس بعيدة أحياناً عن اختصاصاته، وبعيدة عن التفاصيل الدقيقة لعمله، والجهد الذي بذله. لم يحكم على حجم التغيير إلا من خلال تحسن الدخل، ولم يحكم على مقياس تحسن مستوى المعيشة أو مقياس التغير النوعي في حياتنا أو على مقدار التغيير والتعديل الذي أجرته السلطة التشريعية على القوانين التي تقدمت بها الحكومة، لم تبذل صحافتنا جهداً في مساعدة المجتمع على الاستدلال على تلك المعايير بل ساهمت في تضليله دون قصد.
كثير من الحملات الهجومية في وسائل التواصل الاجتماعي استمدت شراراتها من عناوين صحافية غير دقيقة وبنت عليها أحكاماً متسرعة.
كان للصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مع الحكومة كما قلنا بالأمس دور في ولادة انطباعات سلبية عن السلطة التشريعية ساهمت إلى جانب أخطاء وضعف عدد كبير من النواب في الوصول لقناعات غير حقيقة بعدم جدوى السلطة التشريعية.
وغداً نكمل.... بإذن الله.