كما قال لي والدي رحمه الله تعالى، إن التي تسمونها الحديقة المائية الواقعة في ضاحية القفول بالمنامة، هي كالبحيرة الصغيرة، وتتأثر بالمد والجزر البحري، ومن حولها أراضٍ منخفضة، هذه الأراضي في حالة المد تمتلئ بماء البحر، وتظل بها وبعوامل الطبيعة من حرارة ورياح، يتبخر الماء ويبقى الملح، ويستفاد من هذا الملح في الاستعمال البشري. ثانياً، وحتى أواسط الأربعينات من القرن الماضي، كان الملح يجلب من الممطلة، حيث تسوق الرياح العاتية ماء البحر إلى الأراضي المنخفضة القريبة من الساحل وتحصر فيها -أي تلك الأراضي المنخفضة- ويتبخر الماء ويبقى الملح، ملح أبيض كحبات البرد.
وهناك أناس من أهل البحرين يعرفون وقت جمع ذلك الملح، ويأتون به إلى المنامة وضواحيها محمولاً سابقاً في جوالات «خياش» على الحمير، وبعد دخول السيارات، يجلب بسيارات صغيرة، ويجوبون به الفرجان، وهم ينادون عليه بكلمة «هندية»، واللفظ الآخر «اندية»، وهذا الملح وما رأيته نقي بالفطرة، ولا تشوبه شائبة، ويستعمل لأغراض الطبخ، وملح السمك الفائض عن الحاجة -سمك مالح- وكذلك فوح الربيان الفائض بالملح، ومن ثم تجفيفه، ويسمى «ربيان يابس»، هذا قبل معرفتنا بالثلاجات والثلج، وأيضاً يستعمل الملح في دبغ الجلود «مخلوط بالرماد»، ومن ثم تصدير الجلود إلى الخارج!
كما أن الملح كان يأتينا من ساحل فارس الغربي على شكل قطع تشبه الحجارة، مكونة من الطين الأحمر والشوائب الأخرى، وعالقة بها فصوص الملح، وربة البيت تقطع القطعة التي تريدها وتضعها في «طاسة»، مملوءة بالماء، فيتحلل الملح ويذوب الماء، وتبقى الرواسب في قاع الطاسة.
وسارت عجلة الزمن متسارعة، ودخل العصر الصناعي في أغلب دول العالم، وأصبحنا نستورد الملح المعلب، ويقال إن أغلبه ليس ملحاً مستخلصاً من ماء البحر، بل تدخل فيه مواد مصنعة أخرى، وكما ذكرت في مقال سابق أن جميع الدول العربية ونحن منها لنا سواحل بحرية، والبحر ليس سمكاً وأحياء أخرى، بل ماء نشربه بعد معالجته وأيضاً لؤلؤ وصخور كنا نستعملها لبناء بيوتنا ورمل وطين وفروش -رقائق حجرية على شكل الصفائح- وطرق للمواصلات تستعمله السفن الجواري كالأعلام. البحر ثروات لا تعد ولا تحصى، وليس ملحاً فقط، هو خزان كبير لحفظ الماء من التعفن، لذلك يجب علينا المحافظة على بحارنا من التلوث، حفاظاً على البيئة التي تمدنا بالحياة.
وبيت القصيد، لماذا لا نستخلص ملحنا من بحرنا؟...، لماذا لا نقيم المصانع المنتجة للملح؟...، لماذا لا تتعاون دول مجلس التعاون بالإضافة إلى القطاع الخاص وتشد بعضها بعضاً لإقامة هذه الصناعة، حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي، ونستغني عن الملح المستورد؟ صناعة مستدامة تضخ مالنا في أوطاننا، ونوفر أعمالاً لأجيالنا الحاضرة والتي ستأتي من بعدنا؟.. لماذا نعتمد على الاستيراد لأبسط ما نحتاج إليه؟.. هل تعلمون إن ماء البحر النقي يستعمل كدواء ومطهر للعيون، ويباع بأثمان لا بأس بها؟
من أجل كل ما ذكرت لنشمر عن ساعد الجد والاستفادة من البحر وخيراته، وملح البحر تحتاجه صناعات كثيرة يعرفها أصحاب الاختصاص، وحتى لا ينطبق علينا قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي
وهناك أناس من أهل البحرين يعرفون وقت جمع ذلك الملح، ويأتون به إلى المنامة وضواحيها محمولاً سابقاً في جوالات «خياش» على الحمير، وبعد دخول السيارات، يجلب بسيارات صغيرة، ويجوبون به الفرجان، وهم ينادون عليه بكلمة «هندية»، واللفظ الآخر «اندية»، وهذا الملح وما رأيته نقي بالفطرة، ولا تشوبه شائبة، ويستعمل لأغراض الطبخ، وملح السمك الفائض عن الحاجة -سمك مالح- وكذلك فوح الربيان الفائض بالملح، ومن ثم تجفيفه، ويسمى «ربيان يابس»، هذا قبل معرفتنا بالثلاجات والثلج، وأيضاً يستعمل الملح في دبغ الجلود «مخلوط بالرماد»، ومن ثم تصدير الجلود إلى الخارج!
كما أن الملح كان يأتينا من ساحل فارس الغربي على شكل قطع تشبه الحجارة، مكونة من الطين الأحمر والشوائب الأخرى، وعالقة بها فصوص الملح، وربة البيت تقطع القطعة التي تريدها وتضعها في «طاسة»، مملوءة بالماء، فيتحلل الملح ويذوب الماء، وتبقى الرواسب في قاع الطاسة.
وسارت عجلة الزمن متسارعة، ودخل العصر الصناعي في أغلب دول العالم، وأصبحنا نستورد الملح المعلب، ويقال إن أغلبه ليس ملحاً مستخلصاً من ماء البحر، بل تدخل فيه مواد مصنعة أخرى، وكما ذكرت في مقال سابق أن جميع الدول العربية ونحن منها لنا سواحل بحرية، والبحر ليس سمكاً وأحياء أخرى، بل ماء نشربه بعد معالجته وأيضاً لؤلؤ وصخور كنا نستعملها لبناء بيوتنا ورمل وطين وفروش -رقائق حجرية على شكل الصفائح- وطرق للمواصلات تستعمله السفن الجواري كالأعلام. البحر ثروات لا تعد ولا تحصى، وليس ملحاً فقط، هو خزان كبير لحفظ الماء من التعفن، لذلك يجب علينا المحافظة على بحارنا من التلوث، حفاظاً على البيئة التي تمدنا بالحياة.
وبيت القصيد، لماذا لا نستخلص ملحنا من بحرنا؟...، لماذا لا نقيم المصانع المنتجة للملح؟...، لماذا لا تتعاون دول مجلس التعاون بالإضافة إلى القطاع الخاص وتشد بعضها بعضاً لإقامة هذه الصناعة، حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي، ونستغني عن الملح المستورد؟ صناعة مستدامة تضخ مالنا في أوطاننا، ونوفر أعمالاً لأجيالنا الحاضرة والتي ستأتي من بعدنا؟.. لماذا نعتمد على الاستيراد لأبسط ما نحتاج إليه؟.. هل تعلمون إن ماء البحر النقي يستعمل كدواء ومطهر للعيون، ويباع بأثمان لا بأس بها؟
من أجل كل ما ذكرت لنشمر عن ساعد الجد والاستفادة من البحر وخيراته، وملح البحر تحتاجه صناعات كثيرة يعرفها أصحاب الاختصاص، وحتى لا ينطبق علينا قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي