كنت أتحدث مع أحدى صديقاتي الخليجيات عن المبادرات الإنسانية، فقلت لها بأن البحرين بلد خير، وفيها من التكاتف والتكافل، ما يجعلها أنموذجاً رائعاً، فالبحرينيون على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية هم أهل خير وعطاء، لدرجة أنك تجدين الجميع يتنافس لعمل الخير بأي مبلغ يملكه.
وأخبرتها عن مستوى الوعي الخيري الذي يتمتع به الشعب البحريني، فقاطعتني قائلة: هل يحترم المجتمع البحريني مجهول الأبوين؟
صدمني سؤالها: فقلت لها «بالطبع»، فلم تدعني أكمل حتى قالت: احتضنت طفلتين، ومنحتهما الحب والحنان، ولم أشعر قط إلا بإحساس الأمومة تجاههما. ارتسمت على ملامحي الدهشة والغرابة، هل البنتان اللتان تحضرهما معها أحياناً إلى الجامعة هما ابنتاها بالتبني؟؟
فواصلت صديقتي الحديث قائلة: «لقد حرمت من نعمة الأبناء، وكان لدي إحساس عالٍ بالأمومة، فلجأت إلى التبني، ولا أخفيك سراً، بأنني أعيش أروع قصة أمومة معهما، فهما ليستا ابنتيَّ فقط، بل هما صديقتاي المفضلتان، ولكن المجتمع يحرمني من الاستمتاع بهذه العلاقة».
سألتها: متى تم ذلك؟ قالت منذ زمن بعيد. احتضنت الأولى وهي لم تكمل العامين من عمرها، أما الأخرى، فعندما احتضنتها لتكون أختاً وسنداً لابنتي الأولى. كانت حديثة الولادة. كبروا في حضني، إن الأيام تمضي سريعاً تخيلي أن الأولى تدرس في الجامعة الآن، والأخرى تدرس في المرحلة الابتدائية.
قلت لها: جزاك الله خير الجزاء على هذا الفعل، فقاطعتني قائلة: هما من تستحقان الدعاء، فلقد منحتا لحياتي طعماً ولوناً.
وفجأة صمتت، وشردت في تفكيرها بعيداً، وفجأة قالت لي: المجتمع لا يتفهم وضعهما، إنه مجتمع قاسٍ، وأنتم مقصرون، لماذا لا تكتبي عن موضوع التبني في مقالاتك، لماذا لا تتحدثين عن الموضوع في برامجك؟؟ وبدأت تهاجمني وترمي التقصير علي شخصياً، فسألتها: ما الذي يجب أن أتطرق له تحديداً؟ فقالت لي: ابنتي الكبيرة، تعاني من صراع نفسي، وأنا لا أستطيع أن أساعدها في شيء، تخيلي قالت لي بشكل مباشر «يمه أنا من بيرضى يتزوجني وأنا مجهولة الأبوين» تكمل صديقتي وتقول: «انصدمت من سؤالها، فصديقاتها بدأن يدخلن القفص الذهبي الواحدة تلو الأخرى، وهي لا؟؟!! هي رائعة، مؤدبة، جميلة، ربيتها على القيم الإسلامية السمحاء، ولكن المجتمع ينسى كل هذا ويركز على أنها «مجهولة الأبوين»».
أكملت والحرقة تملأ كلامها «هي ضحية، هي لا تستحق ما تشعر به حالياً، إنني كأم عاجزة كلياً عن مساعدتها، بدأت تقول أشياء غريبة مؤخراً مثل «أنتي مو أمي، لا تصدقين روحج!! وتخليني أصدق روحي»».
تكمل وتقول: «اكتشفت مؤخراً بأن ابنتي الصغرى تعاني من اضطراب التوحد وفرط الحركة، يقول لي الجميع ما بالك ترعين وتحتضنين بنتاً مريضة، ارجعيها لدار الأيتام!! هم يجرحونني بالكلام، هي ابنتي فكيف لي أن أتخلى عنها لأنها مريضة، إنها تحتاج لي أكثر الآن».
وأكملت تتمتم «إنه مجتمع قاسٍ، غير واعٍ، متناقض».
تركتني ورحلت، ولكن القصص التي دارت بيننا بشأن الاحتضان ظلت حاضرة في عقلي..
* رأيي المتواضع:
التبني، أو الاحتضان، هذا النظام الذي منح الحق لمجهول الأبوين أن يعيش في وسط أسرة طبيعية ويمارس حقه في العيش بكرامة، فيشبع غريزة الأمومة والأبوة عند من لم يمن الله عليهم بنعمة الأولاد، ويشبع لديه حاجة العيش الكريم في كنف أسرة سوية مؤتمنة، تقوم على رعايته وتعليمه وتوفير سبل العيش الكريم له.
فهل يقدر مجتمعنا هذه الفئة ويراعيها؟
وأخبرتها عن مستوى الوعي الخيري الذي يتمتع به الشعب البحريني، فقاطعتني قائلة: هل يحترم المجتمع البحريني مجهول الأبوين؟
صدمني سؤالها: فقلت لها «بالطبع»، فلم تدعني أكمل حتى قالت: احتضنت طفلتين، ومنحتهما الحب والحنان، ولم أشعر قط إلا بإحساس الأمومة تجاههما. ارتسمت على ملامحي الدهشة والغرابة، هل البنتان اللتان تحضرهما معها أحياناً إلى الجامعة هما ابنتاها بالتبني؟؟
فواصلت صديقتي الحديث قائلة: «لقد حرمت من نعمة الأبناء، وكان لدي إحساس عالٍ بالأمومة، فلجأت إلى التبني، ولا أخفيك سراً، بأنني أعيش أروع قصة أمومة معهما، فهما ليستا ابنتيَّ فقط، بل هما صديقتاي المفضلتان، ولكن المجتمع يحرمني من الاستمتاع بهذه العلاقة».
سألتها: متى تم ذلك؟ قالت منذ زمن بعيد. احتضنت الأولى وهي لم تكمل العامين من عمرها، أما الأخرى، فعندما احتضنتها لتكون أختاً وسنداً لابنتي الأولى. كانت حديثة الولادة. كبروا في حضني، إن الأيام تمضي سريعاً تخيلي أن الأولى تدرس في الجامعة الآن، والأخرى تدرس في المرحلة الابتدائية.
قلت لها: جزاك الله خير الجزاء على هذا الفعل، فقاطعتني قائلة: هما من تستحقان الدعاء، فلقد منحتا لحياتي طعماً ولوناً.
وفجأة صمتت، وشردت في تفكيرها بعيداً، وفجأة قالت لي: المجتمع لا يتفهم وضعهما، إنه مجتمع قاسٍ، وأنتم مقصرون، لماذا لا تكتبي عن موضوع التبني في مقالاتك، لماذا لا تتحدثين عن الموضوع في برامجك؟؟ وبدأت تهاجمني وترمي التقصير علي شخصياً، فسألتها: ما الذي يجب أن أتطرق له تحديداً؟ فقالت لي: ابنتي الكبيرة، تعاني من صراع نفسي، وأنا لا أستطيع أن أساعدها في شيء، تخيلي قالت لي بشكل مباشر «يمه أنا من بيرضى يتزوجني وأنا مجهولة الأبوين» تكمل صديقتي وتقول: «انصدمت من سؤالها، فصديقاتها بدأن يدخلن القفص الذهبي الواحدة تلو الأخرى، وهي لا؟؟!! هي رائعة، مؤدبة، جميلة، ربيتها على القيم الإسلامية السمحاء، ولكن المجتمع ينسى كل هذا ويركز على أنها «مجهولة الأبوين»».
أكملت والحرقة تملأ كلامها «هي ضحية، هي لا تستحق ما تشعر به حالياً، إنني كأم عاجزة كلياً عن مساعدتها، بدأت تقول أشياء غريبة مؤخراً مثل «أنتي مو أمي، لا تصدقين روحج!! وتخليني أصدق روحي»».
تكمل وتقول: «اكتشفت مؤخراً بأن ابنتي الصغرى تعاني من اضطراب التوحد وفرط الحركة، يقول لي الجميع ما بالك ترعين وتحتضنين بنتاً مريضة، ارجعيها لدار الأيتام!! هم يجرحونني بالكلام، هي ابنتي فكيف لي أن أتخلى عنها لأنها مريضة، إنها تحتاج لي أكثر الآن».
وأكملت تتمتم «إنه مجتمع قاسٍ، غير واعٍ، متناقض».
تركتني ورحلت، ولكن القصص التي دارت بيننا بشأن الاحتضان ظلت حاضرة في عقلي..
* رأيي المتواضع:
التبني، أو الاحتضان، هذا النظام الذي منح الحق لمجهول الأبوين أن يعيش في وسط أسرة طبيعية ويمارس حقه في العيش بكرامة، فيشبع غريزة الأمومة والأبوة عند من لم يمن الله عليهم بنعمة الأولاد، ويشبع لديه حاجة العيش الكريم في كنف أسرة سوية مؤتمنة، تقوم على رعايته وتعليمه وتوفير سبل العيش الكريم له.
فهل يقدر مجتمعنا هذه الفئة ويراعيها؟