لو تكلمنا ألف مرَّة هنا عن أهمية مواقع وحسابات التواصل الاجتماعي ودورها في تشويه صورة المجتمع والناس والوطن لما أوفينا هذا المجال حقه، وذلك لأن حسابات التواصل الاجتماعي هي الواجهة الحقيقية للإعلام الشعبي والأكثر انتشاراً من غيرها في ظل ثورة الاتصالات الحديثة. وما دامت هذه الحسابات نشطة وقائمة فإن الحديث عنها وعن طريقة استخدامها بالشكل الأمثل لن ينتهي.

إن خروج الكثير من الحسابات الإلكترونية -سواء كانت فردية أو جماعية- عن سياقها الاجتماعي والأخلاقي يجعلنا نَحْذَر ألف مرة ومرة في طبيعة استخدامها وكيفية الاستفادة منها بالطرق الكافية، حتى لا تتحول حسابات التواصل الاجتماعي لمعاول هدم فتاكة تُردي بالمجتمع وقيمه وأخلاقه ومنجزاته في الهاوية، ومن هنا وجب على الجميع دق ناقوس الخطر عبر توجيه بعض الحسابات المنفلتة وغير المتَّزنة من حيث الطرح والشكل والمضمون أو رميها في الشارع.

فعلى سبيل المثال، هناك بعض الحسابات ومنصات التواصل الاجتماعي لا هم لها سوى إثارة الفتن والتحريض على الكراهية، وهناك من تقوم بنشر الفوضى واختلاق الأكاذيب، وبعضها الآخر لا هدف لديها سوى السخرية من الفئات الضعيفة في المجتمع، كأصحاب الاحتياجات الخاصة ومن يعيشون تحت وطأة بعض الأمراض والتشوهات النفسية والخلقية التي لا يملكون الإرادة في تغييرها فيكونون بالنسبة لهذه الحسابات الرخيصة والمنتشرة مادة دسمة للسخرية والتهكم والضحك عليها، ومع كل الأسف هناك من يروج لمثل هذه الحسابات.

نعم، ربما نحن من يساهم في نشر مثل هذه الحسابات في أوساطنا الاجتماعية حين نقوم بنشرها والترويج لها وإعطائها زخماً يفوق حجمها بمئات المرات، فيجد أصحاب هذه الحسابات من يساهم معهم في ضرب نسيج المجتمع وتشويه أخلاقياتنا بطريقة غير مباشرة حين نكون أداة طيِّعة في نشر كل ما يرد عبر هذه الحسابات الكريهة.

إن وقف مثل هذه الحسابات الفتنوية أو المتخصصة بالسخرية هي من مسؤولياتنا جميعاً، فكلنا مسؤولون عن انتشارها أو إيقافها. وعليه فنحن مطالبون الآن بعدم الترويج لها ولو على نطاق ضيق جداً، كما يجب عدم التعامل مع هذه الحسابات التي تنتهك حقوق الناس والفئات الضعيفة وتساهم بشكل أو بآخر بإضعاف التلاحم المجتمعي حتى يتم حصارها في زاوية مُهمَلة ومعزولة لتبقى وحدها محاصرة من طرف الجميع، وذلك من أجل تأمين واقع اجتماعي يأمن الفرد فيه على نفسه وعرضه وحياته.