الأعين مفتوحة والحواس مشدودة تنتظر وتترغب كلمة أو حركة من هنا وهناك حيث تشير المؤشرات إلى تحركات غير مسبوقة على كافة الأصعدة، كما نرى تحرك بعض القطع العسكرية والتي تنقل من البعد الأقصى إلى مرأى العين بالرغم من أن الحروب اليوم أصبحت ليست بالحروب التقليدية كما كانت، حروب تلاحم ومواجهة وجهاً لوجه بل صارت تدار عن بعد، والسلام لا يحتاج إلى سلام ولكن السلام يحتاج إلى حرب للمحافظة على السلام.

فالحرب كما عرفها المحاربون القدامى هي عمل عدائي عنيف وتستخدم فيه القوة العسكرية التي يتم فيها التصادم العنيف بين قوتين إحداهما مهاجم والذي يرمز له بالعدو والآخر مدافع وتلك القوتين غير قابلتين للمصالحة ولا توجد نوايا للميل إلى الجانب السلمي، ويحاول المهاجم فرض سيطرته على القوة الأخرى المدافعة بالقوة العسكرية. من هنا فإن غاية الحرب هي فرض الإرادة على المهاجم وتحييده، وتتحقق هذه الغاية من خلال وسيلة الاستخدام الأمثل المنظم للقوة العسكرية أو التهديد باستعمالها.

ومن هذا المنطلق يتحقق أمن الدول حينما تستخدم الدبلوماسية كوسيلة للحوار باعتبارها قوة وإذا لم يستفد منها، بعدها تستخدم الطرق الاقتصادية كوسيلة ضغط وباعتبارها أيضاً قوة، وبعد استنفاذ تلك الوسيلتين بالطرق السلمية المتعارف عليها عرفاً دولياً كما جاء في قوانين وقرارات الأمم المتحدة، عندها تستخدم القوة العسكرية باعتبارها كوسيلة ردع للقوة المعادية.

إن للحروب آثاراً بعيدة المدى وتشمل بلداناً غير مشتركة في الحرب، ففي الوقت الذي أثرت فيه الحروب الحديثة على الكثير من الدول المشاركة أو غير المشاركة سواء بالطريق المباشر أو غير المباشر إلا أن الحرب تكمن أهميتها في أثرها السياسي والاقتصادي والفني والعلمي والعسكري والاجتماعي مما يجعلها الأكثر تأثيراً في مجرياتها على الصعيد الإنساني.

والحرب لها حسابات دقيقة وشديدة في نفس الوقت ولها وتيرة خاصة على الأرض في مسرح العمليات، ومن أهم المعلومات التي يجب معرفتها مركز الثقل لدى العدو بالرغم من أنه محير في بعض الأحيان لأنه يعتبر من المواقع الاستراتيجية التي يجب التركيز عليها عند وضع الخطط.

والاستراتيجية العسكرية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً وتاماً بالاستراتيجية الوطنية لكل دولة وهي التي تعكس خطوات القتال وطبيعته واستخدام أدوات الحرب التي تؤدي إلى النصر والأخذ بالدروس المستفادة والتجارب المتوفرة من مجريات الحروب السابقة وكيفية تطبيقها على أرض الواقع.

ومن هنا أود القول بأنه مهما تطورت التكنولوجيا ووصلت إلى أعلى المستويات إلا إنه يبقى دور القائد بخططه وحنكته وتقديره للموقف هو الأهم في سير العمليات الحربية، ونحن ثقتنا في قادتنا وفقهم الله كبيرة، وهم أهل لذلك متحصنين بالدين والعلم والمعرفة والعقيدة القتالية في نصرة الحق واضعين نصب أعينهم راية الله والوطن والملك واقفين مع أخوانهم في المنظومة العسكرية للتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية لصد أي عدوان مدافعين عن الأرض والعقيدة والدين.