فقدنا ابن عمي في منتصف العقد الماضي بسبب خطأ في تقدير وتشخيص حالته من قبل إحدى المستشفيات الخاصة المشهورة والتي كان مبناها من أرقى المباني في تلك الأيام وفاتورة الدخول على أحد أطبائها كانت الأعلى، حيث أعطيت له إبرة أودت بحياته على الفور. وقد توفي -رحمة الله عليه- تاركاً وراءه أسرة من طفلتين وزوجة.
كذلك فقدنا قبل أعوام قليلة خالتي -كانت في بداية الخمسينات من العمر- في مستشفى حكومي بعد عملية كان يفترض أن تكون عادية وسهلة نسبياً. وأذكر أن بعد عمليتها بساعات قصيرة، زرناها للاطمئنان عليها فوجدناها في غرفة ضيقة ومعها أعداد من المرضى دون رعاية تذكر واستغربنا هذا الإهمال فسعينا لنقلها إلى غرفة خاصة. لكن قبل أن ننجح في إقناع المشرفين على نقلها، فارقت الحياة.
أسرد حادثتين سببهما الإهمال وسوء التشخيص أثرتا كثيراً في أسرتي الصغيرة وكان لهما وقع مؤلم استمر معنا فترة طويلة. الأعمار بيد الله، فهو سبحانه الذي يحي ويميت، لكن لا بد من النظر في الأسباب.
سوء التشخيص في الحالة الأولى جاء من طبيب أجنبي قليل الخبرة وممرضة أجنبية متسرعة. فالطبيب الأجنبي استعجل صرف الإبرة والممرضة لم تسأل المريض عن مشاكله الصحية قبل أن تعطيه الإبرة.
أما الحالة الثانية فكان واضحاً الإهمال واللامبالاة من جميع الأطراف -الطبيب والطاقم الطبي وغيرهم- التي تعاملت مع حالة خالتي خلال وبعد العملية. فالطبيب أجرى عملية «أي كلام»، والآخرون تركوها ساعات بعد العملية دون رعاية جادة. وأذكر إننا كنا في صدمة لأسابيع ليس على فقدان الخالة -رحمها الله- فقط بل على الوضع المزري الذي كانت تدار فيه الأمور في ذلك المكان الكئيب.
أكثر ما ينقص مستشفياتنا -حكومية كانت ـو خاصة- هو الجودة والإتقان والحرفية. فالمستشفيات الحكومية جودتها في انخفاض لأنها مرهقة من كثرة الضغط عليها مما يجعلها معرضة للوقوع في أخطاء بعضها قاتل، والمستشفيات الخاصة كثير منها يستورد أطباء ببضعة دنانير ولا يهمها -على ما يبدو- سوى الربح وسحب أعلى مبلغ من التأمين الصحي. وبذلك، الخاسر الأول هو المريض المسكين.
قبل فترة اضطررت السفر إلى ألمانيا لإجراء عملية طارئة. هناك وجدت مبنى المستشفى قديماً من طراز الستينات ولكنه مجدد وداخله مجهز بأحدث أنواع التكنولوجيا. أما الأطباء والطاقم الذي معهم كانوا على أعلى درجات الحرفية والدقة والمهارة والإتقان.
ولا أنكر أن أغلب الفحوصات التي أجريتها في ألمانيا قبل العملية متوفرة بنفس المستوى في البحرين -وبأسعار أقل- لكن الفارق الأبرز هو مستوى جودة الجراحة ودقة الأيادي التي تشرف على العمليات. الألمان لم يلجؤوا إلى المباني الحديثة والضخمة لعلاج مرضاهم بل استثمروا في العنصر البشري والتكنولوجيا ووفروا الأكفأ والأفضل لعلاج الناس.
أعلم أن عدداً لا بأس به من أطبائنا وحتى ممرضينا ومسعفينا جيدون ولديهم الاطلاع الكافي على تطورات الطب الحديث ويمتلكون قدرات لا تقل عن غيرهم في العالم المتقدم، لكن علينا ألا نتهاون أبداً في تهيئتهم أكثر وأكثر وتدريبهم للعمل تحت أصعب الظروف والتعامل مع أخطر الحالات. فالضغط -وإن كان مشكلة تنتظر حلاً سريعاً- يجب ألا يكون مبرراً للأخطاء خاصة المميتة.
وأعلم أن المستشفيات الخاصة مريحة ومبانيها في الغالب حديثة وتقدم رعاية أولية ممتازة لكن الأمر المقلق هو مستوى الأطباء وخبرتهم وقدرتهم على التشخيص والقيام بالعمليات. حالياً وبصراحة يصعب على المرء الحذر تسليم نفسه لهم.
إذا أردنا خدمة صحية ذات جودة عالية وأخطاءها محدودة، علينا التشديد ومن ثم التشديد على رفع مستوى كفاءة الطبيب والطواقم الطبية ولا مجال غير ذلك. فالطبيب الكفء والطاقم الطبي الماهر هو الأساس. ولنتخذ من بعض الدول العربية القريبة منا التي لديها كفاءات ممتازة يلجأ لها الناس من كل مكان كمثال وقدوة.
كذلك فقدنا قبل أعوام قليلة خالتي -كانت في بداية الخمسينات من العمر- في مستشفى حكومي بعد عملية كان يفترض أن تكون عادية وسهلة نسبياً. وأذكر أن بعد عمليتها بساعات قصيرة، زرناها للاطمئنان عليها فوجدناها في غرفة ضيقة ومعها أعداد من المرضى دون رعاية تذكر واستغربنا هذا الإهمال فسعينا لنقلها إلى غرفة خاصة. لكن قبل أن ننجح في إقناع المشرفين على نقلها، فارقت الحياة.
أسرد حادثتين سببهما الإهمال وسوء التشخيص أثرتا كثيراً في أسرتي الصغيرة وكان لهما وقع مؤلم استمر معنا فترة طويلة. الأعمار بيد الله، فهو سبحانه الذي يحي ويميت، لكن لا بد من النظر في الأسباب.
سوء التشخيص في الحالة الأولى جاء من طبيب أجنبي قليل الخبرة وممرضة أجنبية متسرعة. فالطبيب الأجنبي استعجل صرف الإبرة والممرضة لم تسأل المريض عن مشاكله الصحية قبل أن تعطيه الإبرة.
أما الحالة الثانية فكان واضحاً الإهمال واللامبالاة من جميع الأطراف -الطبيب والطاقم الطبي وغيرهم- التي تعاملت مع حالة خالتي خلال وبعد العملية. فالطبيب أجرى عملية «أي كلام»، والآخرون تركوها ساعات بعد العملية دون رعاية جادة. وأذكر إننا كنا في صدمة لأسابيع ليس على فقدان الخالة -رحمها الله- فقط بل على الوضع المزري الذي كانت تدار فيه الأمور في ذلك المكان الكئيب.
أكثر ما ينقص مستشفياتنا -حكومية كانت ـو خاصة- هو الجودة والإتقان والحرفية. فالمستشفيات الحكومية جودتها في انخفاض لأنها مرهقة من كثرة الضغط عليها مما يجعلها معرضة للوقوع في أخطاء بعضها قاتل، والمستشفيات الخاصة كثير منها يستورد أطباء ببضعة دنانير ولا يهمها -على ما يبدو- سوى الربح وسحب أعلى مبلغ من التأمين الصحي. وبذلك، الخاسر الأول هو المريض المسكين.
قبل فترة اضطررت السفر إلى ألمانيا لإجراء عملية طارئة. هناك وجدت مبنى المستشفى قديماً من طراز الستينات ولكنه مجدد وداخله مجهز بأحدث أنواع التكنولوجيا. أما الأطباء والطاقم الذي معهم كانوا على أعلى درجات الحرفية والدقة والمهارة والإتقان.
ولا أنكر أن أغلب الفحوصات التي أجريتها في ألمانيا قبل العملية متوفرة بنفس المستوى في البحرين -وبأسعار أقل- لكن الفارق الأبرز هو مستوى جودة الجراحة ودقة الأيادي التي تشرف على العمليات. الألمان لم يلجؤوا إلى المباني الحديثة والضخمة لعلاج مرضاهم بل استثمروا في العنصر البشري والتكنولوجيا ووفروا الأكفأ والأفضل لعلاج الناس.
أعلم أن عدداً لا بأس به من أطبائنا وحتى ممرضينا ومسعفينا جيدون ولديهم الاطلاع الكافي على تطورات الطب الحديث ويمتلكون قدرات لا تقل عن غيرهم في العالم المتقدم، لكن علينا ألا نتهاون أبداً في تهيئتهم أكثر وأكثر وتدريبهم للعمل تحت أصعب الظروف والتعامل مع أخطر الحالات. فالضغط -وإن كان مشكلة تنتظر حلاً سريعاً- يجب ألا يكون مبرراً للأخطاء خاصة المميتة.
وأعلم أن المستشفيات الخاصة مريحة ومبانيها في الغالب حديثة وتقدم رعاية أولية ممتازة لكن الأمر المقلق هو مستوى الأطباء وخبرتهم وقدرتهم على التشخيص والقيام بالعمليات. حالياً وبصراحة يصعب على المرء الحذر تسليم نفسه لهم.
إذا أردنا خدمة صحية ذات جودة عالية وأخطاءها محدودة، علينا التشديد ومن ثم التشديد على رفع مستوى كفاءة الطبيب والطواقم الطبية ولا مجال غير ذلك. فالطبيب الكفء والطاقم الطبي الماهر هو الأساس. ولنتخذ من بعض الدول العربية القريبة منا التي لديها كفاءات ممتازة يلجأ لها الناس من كل مكان كمثال وقدوة.