في تاريخ الحضارات نجد دروساً هامة جداً، قد يكون أهمها ذاك الدرس الذي يتفوق حتى على التراث والثقافة والإرث الشعبي، وعلى الثورات الصناعية والطفرات الاقتصادية، وحتى على الملفات السياسية. وهنا أعني به درس «الاستمرارية والديمومة».
التاريخ يقدم لنا نماذج عديدة على حضارات تفوقت وسادت، لكنها في النهاية بادت، لأن عامل الاستمرارية فيها عانى من خلل كبير.
بعض الحضارات أنهتها السياسة، وقضت عليها الحروب، ودمرها الخلل الذي أصاب الاستقرار الداخلي، وهذا العنصر الأخير تتداخل عوامل عديدة فيه، هي ما يشكل محددات للمقاومة في وجه التحديات، أو السقوط المريع، فانهيار الأمن الداخلي يقود لتهاوي الاقتصاد، وتفكك المنظومات، وضياع هوية المجتمع، ومعه يضيع الإرث والتاريخ، وتنتهي الحضارة وتتحول إلى أنقاض.
إن كنا نتحدث عن حضارات العصور الماضية فإن عوامل تهديد استمرارها كثيرة، أهمها غياب القوانين العامة التي تنظم علاقات الكيانات في شتى القارات، وأعني به هنا غياب منظومة أسس يتفق عليها الجميع ويحترمها، بالتالي كل يدور في فلكه الخاص ولا يتعدى على الآخر، فتلك الحضارات أغلبها انتهى بالحروب، وبعضها ضاعت هويته بسبب الاستعمار، وحينما ولى وغادر هذا الأخير، بقي لتلكم الشعوب التاريخ وأمجاد الماضي الذي يتغنى بها، في مقابل تحدي البناء من الصفر.
لكن فكرة الديمومة والاستمرار، تحولت من هاجس لدى الحضارات التي اهترئت إلى تحدٍّ وأساس للبناء من جديد، البناء على دعامات قوية، تعالج الواقع، وتتقدم للأمام، وتبني للمستقبل.
أبلغ مثالين هما اليابان وألمانيا، قوتان عسكريتان ضاربتان في أوائل ومنتصف القرن الماضي، تحولتا لحضارات ذات قوة وامتداد، فألمانيا ابتلعت أوروبا، واليابان كانت لاعباً سياسياً وعسكرياً هاماً، الأولى سقطت على حدود «ستالينغراد» الروسية، ليستمر انهيارها وتتدمر، والثانية قصفت بقنابل ذرية أمريكية، قصفين بشعين لم يظن متفائل يومها أن تقوم لليابان قائمة بعدهما.
لكنه الذكاء الكامن وراء رغبة استعادة المجد، والذي تمثل باستراتيجية تغيير المسار من السياسة للاقتصاد، مع الاجتهاد لترسيخ أسس تضمن الديمومة والاستمرارية، فتحولت الدولتان المهزومتان إلى أقوى القوى الاقتصادية الضاربة.
نعم حضاراتنا القوية قد تكون شبه انتهت بشكلها السابق، وبقيت لنا الأطلال، وقد تكون العوامل أقوى، والمتغيرات العالمية لها اعتباراتها، لكن السعي لاستعادة المجد السابق ولو أجزاء منه لا يجب أن تنتهي، ولذلك كان التركيز على بناء المنظومات الحديثة للدول، وتثبيت النظم الإدارية والقوانين المنظمة لكافة تعاملات المجتمع، إضافة للعصب المهم المتمثل بالنهوض الاقتصادي والتطوير ومجابهة التحديات.
هذه السلسلة حصلت، ويمكن لمتتبعي التاريخ الحديث رصد التصاعد في الوتيرة بهذا الاتجاه، لكن الدرس التاريخي الذي يجب الاستفادة منه لا يخرج عن ضرورة التأسيس لثقافة الديمومة والاستمرارية، هذه الثقافة التي وقودها يكون ببناء الأجيال، وبتطوير الشباب، وعبر تهيئتهم بطريقة قوية تضمن بأن يكونوا امتداداً للتطوير يعقب الأجيال التي سبقتهم.
الحضارات التي تهتم بشبابها، وتطورهم وتبحث عن أفضلهم، والأهم تمكنهم، هي حضارات لا تشيخ، عمرها يطول، وقوتها تزداد في مواجهة أية متغيرات وظروف.
في كل عمل يؤسس، وكل استراتيجية توضع باتجاه التطوير، لا بد من وضع الديمومة على رأس الأولويات، فعملنا ليس لليوم فقط، بل لأجيال قادمة متعاقبة، عليها مسؤولية الحفاظ على الحضارة قوية مزدهرة ومتطورة، تورثها لمن يعقبها ليكمل البناء.
ماتت وقتلت الحضارات حينما نسوا العمل على ديمومتها، عبر تطوير أدواتها وتجديدها وتمكينها.
التاريخ يقدم لنا نماذج عديدة على حضارات تفوقت وسادت، لكنها في النهاية بادت، لأن عامل الاستمرارية فيها عانى من خلل كبير.
بعض الحضارات أنهتها السياسة، وقضت عليها الحروب، ودمرها الخلل الذي أصاب الاستقرار الداخلي، وهذا العنصر الأخير تتداخل عوامل عديدة فيه، هي ما يشكل محددات للمقاومة في وجه التحديات، أو السقوط المريع، فانهيار الأمن الداخلي يقود لتهاوي الاقتصاد، وتفكك المنظومات، وضياع هوية المجتمع، ومعه يضيع الإرث والتاريخ، وتنتهي الحضارة وتتحول إلى أنقاض.
إن كنا نتحدث عن حضارات العصور الماضية فإن عوامل تهديد استمرارها كثيرة، أهمها غياب القوانين العامة التي تنظم علاقات الكيانات في شتى القارات، وأعني به هنا غياب منظومة أسس يتفق عليها الجميع ويحترمها، بالتالي كل يدور في فلكه الخاص ولا يتعدى على الآخر، فتلك الحضارات أغلبها انتهى بالحروب، وبعضها ضاعت هويته بسبب الاستعمار، وحينما ولى وغادر هذا الأخير، بقي لتلكم الشعوب التاريخ وأمجاد الماضي الذي يتغنى بها، في مقابل تحدي البناء من الصفر.
لكن فكرة الديمومة والاستمرار، تحولت من هاجس لدى الحضارات التي اهترئت إلى تحدٍّ وأساس للبناء من جديد، البناء على دعامات قوية، تعالج الواقع، وتتقدم للأمام، وتبني للمستقبل.
أبلغ مثالين هما اليابان وألمانيا، قوتان عسكريتان ضاربتان في أوائل ومنتصف القرن الماضي، تحولتا لحضارات ذات قوة وامتداد، فألمانيا ابتلعت أوروبا، واليابان كانت لاعباً سياسياً وعسكرياً هاماً، الأولى سقطت على حدود «ستالينغراد» الروسية، ليستمر انهيارها وتتدمر، والثانية قصفت بقنابل ذرية أمريكية، قصفين بشعين لم يظن متفائل يومها أن تقوم لليابان قائمة بعدهما.
لكنه الذكاء الكامن وراء رغبة استعادة المجد، والذي تمثل باستراتيجية تغيير المسار من السياسة للاقتصاد، مع الاجتهاد لترسيخ أسس تضمن الديمومة والاستمرارية، فتحولت الدولتان المهزومتان إلى أقوى القوى الاقتصادية الضاربة.
نعم حضاراتنا القوية قد تكون شبه انتهت بشكلها السابق، وبقيت لنا الأطلال، وقد تكون العوامل أقوى، والمتغيرات العالمية لها اعتباراتها، لكن السعي لاستعادة المجد السابق ولو أجزاء منه لا يجب أن تنتهي، ولذلك كان التركيز على بناء المنظومات الحديثة للدول، وتثبيت النظم الإدارية والقوانين المنظمة لكافة تعاملات المجتمع، إضافة للعصب المهم المتمثل بالنهوض الاقتصادي والتطوير ومجابهة التحديات.
هذه السلسلة حصلت، ويمكن لمتتبعي التاريخ الحديث رصد التصاعد في الوتيرة بهذا الاتجاه، لكن الدرس التاريخي الذي يجب الاستفادة منه لا يخرج عن ضرورة التأسيس لثقافة الديمومة والاستمرارية، هذه الثقافة التي وقودها يكون ببناء الأجيال، وبتطوير الشباب، وعبر تهيئتهم بطريقة قوية تضمن بأن يكونوا امتداداً للتطوير يعقب الأجيال التي سبقتهم.
الحضارات التي تهتم بشبابها، وتطورهم وتبحث عن أفضلهم، والأهم تمكنهم، هي حضارات لا تشيخ، عمرها يطول، وقوتها تزداد في مواجهة أية متغيرات وظروف.
في كل عمل يؤسس، وكل استراتيجية توضع باتجاه التطوير، لا بد من وضع الديمومة على رأس الأولويات، فعملنا ليس لليوم فقط، بل لأجيال قادمة متعاقبة، عليها مسؤولية الحفاظ على الحضارة قوية مزدهرة ومتطورة، تورثها لمن يعقبها ليكمل البناء.
ماتت وقتلت الحضارات حينما نسوا العمل على ديمومتها، عبر تطوير أدواتها وتجديدها وتمكينها.