الرجولة حسب بعض التعريفات العلمية والدينية عبارة عن عدة صفات تنسب إلى الرجل منها القوة والثقة بالنفس والشجاعة والإقدام والاستقلالية والقيادة والمروءة والشهامة والوفاء بالعهود. وهذه الصفات حددت للرجل مهام منذ قدم التاريخ يقوم بها منها العمل «خارج البيت» والسعي لكسب الرزق والإنفاق على الأسرة ورعايتها وحمايتها من الأخطار. كما سمحت له بتحدي الصعاب ومواجهة الأخطار وخوض الحروب إذا دعت الضرورة. الغريب أن جزءاً من هذه الصفات الحميدة تعرض للتهديد في كثير من أجزاء العالم التي تغلغلت فيه الحركات الليبرالية وما يصاحبها من تطرف.
وقبل أن أخوض في ما قامت به الليبرالية في العالم لتهميش الرجولة ووضعها على الرف، أستعرض على عجالة ما ترمز له الليبرالية وتدافع عنه من مفاهيم وأفكار. فالليبرالية ترفض الأديان وتستحقر ما ورد فيها من تعاليم وتنسف العادات المجتمعية المتوارثة فهي تعتمد على النهج العلمي والعقلاني في نظرياتها وحججها دون اعتبار لأي أمر «قديم». كما أنها تدافع عن الفرد وحقوقه وحرياته الشخصية حتى لو تعارض ذلك مع أسس وثوابت الجماعة التي ينتمي إليها. والليبراليون من أشد المناصرين لما يسمى بتعدد الثقافات في المجتمع الواحد والمهاجرين والأقليات ويدعمون الحركات النسوية المتطرفة وحركات حقوق المثليين «الشواذ».
ومن خلال نظرياتها الرافضة للدين والعادات وثوابت الجماعات والفطرة شنت الليبرالية مستخدمة سلاح الحركات النسوية حرباً على دور الرجل في المجتمعات التي وجدت فيها. وأول ما بدأت به هو نعت المجتمعات بالأبوية واتهمتها بأنها تخدم مصالح الرجل أكثر من النساء. كما شوهت صفات الرجولة واعتبرتها سبباً في كبت النساء واضطهادهن وحرمانهن من الإنجاز. وخلال خمسة عقود تقريباً، نجحت هذه الحرب في تشكيك الرجال في رجولتهم وطعنتهم فيها، بل وأجبرتهم على الاستسلام إلى تجربة المساواة التامة بين الجنسين «غير مكترثة بطبيعة الخلق» وحقوق الفرد مهما كانت «مجنونة» وإلى آخره من مفاهيم مستحدثة.
هذا ليس كلامي، بل كلام لأكاديمية بريطانية قديرة تدعى «بليندا براون» التي أظهرت كم يعاني الرجال في الغرب الآن من تسلط النساء بسبب مفاهيم التطرف النسوي التي تتهم الرجل بأسوأ الاتهامات وتعلق عليهم كل أمر سلبي يتعلق بالنساء. وتشاركها البرلمانية البريطانية المخضرمة «آن ودكومب» التي ذكرت بصراحة أن المرأة يوفر لها المجتمع الغربي الحديث مزايا أكثر من الرجل وأن الرجل هو الذي يعاني حالياً من عدم تكافؤ الفرص سواء في العمل أو في الأسرة. ونفس الكلام يردده «مات أوكونر» مؤسس حركة «آباء من أجل العدالة» البريطانية -التي شهدت إقبالاً كبيرا عليها من رجال ونساء- بعد أن عانى الأمرين من رؤية أبناءه بعد الطلاق بسبب منع طليقته من السماح له برؤيتهم حتى من خلال المحاكم، فأراد أن يسلط الضوء على تجاهل قانون الأسرة هناك لدور الأب في تنشئة الأبناء وتهميشه له.
ويوضح مراقبون الآن أن صعود نجم ترامب المحافظ والذي لا يخجل من الاحتفال بالمناسبات الدينية والتباهي برجولته أمام الملأ جاء بسبب حالة النفور التي ضربت المجتمع الأمريكي من السياسات الليبرالية التي فرضت عليه لسنوات وأدت في جانب منها إلى تضعضع الرجولة وفقدانها لتوازنها. والحال مشابهة في بريطانيا التي استقبلت «بوريس جونسون» المحافظ مؤخراً كرئيس للوزراء الذي عرف عنه جرأته في مناهضة الليبرالية وما تدعو إليه من إقصاء للرجل. ولا شك في أن استمرار شعبية الرئيس الروسي «بوتين» المليء بالرجولة أحد أسبابها عدم انصياعه لمفاهيم الليبرالية والتي قال عنها في تصريح لجريدة «الفانينشال تايمز» البريطانية أنها أصبحت غير صالحة لهذا الزمان.
الليبرالية ومع نسفها لكل «قديم» أرادت أن تبتكر مجتمعات جديدة مقلوبة الأدوار يصبح فيها الرجل امرأة والمرأة رجلاً وسعت للتشكيك والطعن في كل ما كان يتفق عليه البشر مما جعلها الآن مكروهة ومرفوضة من نفس الشعوب التي طبلت وهللت لها في زمن من الأزمان. والرجولة باقية مهما شنت عليها الحروب بل بالعكس هي مطلوبة بنفس صفاتها «القديمة» الجميلة، لذلك علينا في هذا الجزء من العالم الذي بدأ في الانفتاح -المتأخر نسبياً- من توخي الحذر من مطالبات ليبرالية منفلتة ستكون نتائجها وخيمة.
{{ article.visit_count }}
وقبل أن أخوض في ما قامت به الليبرالية في العالم لتهميش الرجولة ووضعها على الرف، أستعرض على عجالة ما ترمز له الليبرالية وتدافع عنه من مفاهيم وأفكار. فالليبرالية ترفض الأديان وتستحقر ما ورد فيها من تعاليم وتنسف العادات المجتمعية المتوارثة فهي تعتمد على النهج العلمي والعقلاني في نظرياتها وحججها دون اعتبار لأي أمر «قديم». كما أنها تدافع عن الفرد وحقوقه وحرياته الشخصية حتى لو تعارض ذلك مع أسس وثوابت الجماعة التي ينتمي إليها. والليبراليون من أشد المناصرين لما يسمى بتعدد الثقافات في المجتمع الواحد والمهاجرين والأقليات ويدعمون الحركات النسوية المتطرفة وحركات حقوق المثليين «الشواذ».
ومن خلال نظرياتها الرافضة للدين والعادات وثوابت الجماعات والفطرة شنت الليبرالية مستخدمة سلاح الحركات النسوية حرباً على دور الرجل في المجتمعات التي وجدت فيها. وأول ما بدأت به هو نعت المجتمعات بالأبوية واتهمتها بأنها تخدم مصالح الرجل أكثر من النساء. كما شوهت صفات الرجولة واعتبرتها سبباً في كبت النساء واضطهادهن وحرمانهن من الإنجاز. وخلال خمسة عقود تقريباً، نجحت هذه الحرب في تشكيك الرجال في رجولتهم وطعنتهم فيها، بل وأجبرتهم على الاستسلام إلى تجربة المساواة التامة بين الجنسين «غير مكترثة بطبيعة الخلق» وحقوق الفرد مهما كانت «مجنونة» وإلى آخره من مفاهيم مستحدثة.
هذا ليس كلامي، بل كلام لأكاديمية بريطانية قديرة تدعى «بليندا براون» التي أظهرت كم يعاني الرجال في الغرب الآن من تسلط النساء بسبب مفاهيم التطرف النسوي التي تتهم الرجل بأسوأ الاتهامات وتعلق عليهم كل أمر سلبي يتعلق بالنساء. وتشاركها البرلمانية البريطانية المخضرمة «آن ودكومب» التي ذكرت بصراحة أن المرأة يوفر لها المجتمع الغربي الحديث مزايا أكثر من الرجل وأن الرجل هو الذي يعاني حالياً من عدم تكافؤ الفرص سواء في العمل أو في الأسرة. ونفس الكلام يردده «مات أوكونر» مؤسس حركة «آباء من أجل العدالة» البريطانية -التي شهدت إقبالاً كبيرا عليها من رجال ونساء- بعد أن عانى الأمرين من رؤية أبناءه بعد الطلاق بسبب منع طليقته من السماح له برؤيتهم حتى من خلال المحاكم، فأراد أن يسلط الضوء على تجاهل قانون الأسرة هناك لدور الأب في تنشئة الأبناء وتهميشه له.
ويوضح مراقبون الآن أن صعود نجم ترامب المحافظ والذي لا يخجل من الاحتفال بالمناسبات الدينية والتباهي برجولته أمام الملأ جاء بسبب حالة النفور التي ضربت المجتمع الأمريكي من السياسات الليبرالية التي فرضت عليه لسنوات وأدت في جانب منها إلى تضعضع الرجولة وفقدانها لتوازنها. والحال مشابهة في بريطانيا التي استقبلت «بوريس جونسون» المحافظ مؤخراً كرئيس للوزراء الذي عرف عنه جرأته في مناهضة الليبرالية وما تدعو إليه من إقصاء للرجل. ولا شك في أن استمرار شعبية الرئيس الروسي «بوتين» المليء بالرجولة أحد أسبابها عدم انصياعه لمفاهيم الليبرالية والتي قال عنها في تصريح لجريدة «الفانينشال تايمز» البريطانية أنها أصبحت غير صالحة لهذا الزمان.
الليبرالية ومع نسفها لكل «قديم» أرادت أن تبتكر مجتمعات جديدة مقلوبة الأدوار يصبح فيها الرجل امرأة والمرأة رجلاً وسعت للتشكيك والطعن في كل ما كان يتفق عليه البشر مما جعلها الآن مكروهة ومرفوضة من نفس الشعوب التي طبلت وهللت لها في زمن من الأزمان. والرجولة باقية مهما شنت عليها الحروب بل بالعكس هي مطلوبة بنفس صفاتها «القديمة» الجميلة، لذلك علينا في هذا الجزء من العالم الذي بدأ في الانفتاح -المتأخر نسبياً- من توخي الحذر من مطالبات ليبرالية منفلتة ستكون نتائجها وخيمة.