يجب أن يتوسع مفهوم «البحرنة» بشكل عملي، ليشمل قطاعات أخرى مهمة تتجاوز مفهوم التوظيف فقط. لكن، عندما نلاحظ مستوى التردد والتلكؤ في معالجة ملف «بحرنة الوظائف» فإن توسعة مفهومه ليشمل مشاريع أخرى، ستكون لاغية وغير موجوة أصلاً.

بعيداً عن غالبية معارض التوظيف الشكلية، وبعيداً عن الأرقام غير الحقيقية لأعداد العاطلين عن العمل، وبعيداً عن توظيف الشاب البحريني في وظائف شبه عادية في شركات ومؤسسات وطنية لنيل الحصول من وراء ظهره على مجموعة من «الفيز» لعمالة أجنبية رخيصة، ومن ثم طرد ذلك الشاب البحريني -بعد الاستفادة من تقييده في سجلات العاملين التابعة للوزارة- عبر التخلص منه ورميه خارج سوق العمل بطريقة قانونية ومن بعدها الذهاب لوزارة العمل للبكاء على موقفها من الطرد الشرعي واتهام البحرينيين بعدم قبولهم العمل. حينها سيكون الحديث عن بحرنة بقية المشاريع الأخرى لا قيمة له على الإطلاق.

يبدأ «الشغل الصح» في توطين مشاريع البحرنة من أروقة وزارة العمل التي بدأت مؤخراً بتطفيش الباحثين عن العمل -كما سنذكر ذلك بالتفاصيل المهمة في مقالاتنا القادمة-، لأن تعطل بقية المشاريع سيكون بسبب عدم نجاح الوزارة في معالجة ملف العاطلين عن العمل بشكل جذري وممنهج، وهذا ما يُؤخر بقية مشاريع «البحرنة».

قبل أيام فقط، أكد مجلس الوزراء على أهمية منح المقاول الوطني الأفضلية في المشاريع الإنشائية الحكومية، وعلى إثر ذلك وجه صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إلى دراسة منح المقاول الوطني الأفضلية في المشاريع الإنشائية الحكومية، بما يتواءم مع أنظمة التجارة الدولية والتزامات مملكة البحرين، وكلف سموه اللجنة الوزارية للشؤون المالية والاقتصادية والتوازن المالي برفع التوصيات بهذا الخصوص. إن هذه الانطلاقات لا تكون إلا بتفعيل مفهوم بحرنة الوظائف أولاً، فنجاح هذه الفكرة سيفتح الطريق لبقية قيم البحرنة، ومن أهمها منح المؤسسات البحرينية الأولوية في حصولها على مناقصات ومشاريع الحكومة كما جاء في توجيهات سمو رئيس الوزراء.

إن بحرنة التوظيف وبحرنة العمل وبحرنة الخدمات والإنشاءات والمقاولات وإدراجها كلها في مختلف مشاريع البنى التحتية للحكومة، يعتبر من أهم توجُّهات الدولة كما يبدو، لكن هناك اليوم من يقوم بتبطيء هذه العملية بشكل أو بآخر، مما يؤدي هذا الأمر إلى تعطل بقية الأفكار والمشاريع الأخرى المتعلقة بالبحرنة، ومن هنا يجب أن تكون «البحرنة» مرهونة في سياقها العام وفكرتها النهائية بما يجب التركيز عليه من قضايا التوظيف أولاً، لنبدأ ببحرنة الوظائف وليس نهايتها بحرنة قطاع المقولات لمشاريع الإنشاءات الحكومية وغيرها من المشاريع الأخرى.