ليس تفضلاً على أحد البتَّة أن تقوم وزارة العمل بتوظيف العاطلين عن العمل في البحرين، وليس منَّة من أحد أيضاً أن تقوم الوزارة بإنشاء معارض للتوظيف لشباب وشابات هذا الوطن الغالي للحصول على وظائف حتى ولو غير لائقة بمستواهم العلمي والأكاديمي، فهذا من صلب مسؤوليات الوزارة، لكن، ليس من حقها أن تمارس أي نوع من الإذلال لأي شاب أو شابة بحرينية يبحثان عن عمل لتوفير احتياجهم، والبقاء في المستقبل بكل ضماناته الآمنة.

مئات العاطلين من الخريجين الجامعيين من حملة البكالوريوس وما يعادلها ممن فشلت وزارة العمل فشلاً ذريعاً من الحصول لهم على وظائف منذ ما يقارب السبعة أعوام، تقوم في كل مرَّة باختراعات تعجيزية مذلة لتخرجهم من برنامج التأمين ضد التعطل، فقط لتقطع عنهم أكسجين التأمين في وقت حرج وصعب للغاية، إذ إن الكثير منهم في أمس الحاجة إلى الفلس الأحمر.

آخر صيحات العمل لهذه الشريحة تحديداً، هو إجبارهم دخول برنامج يسمى «تطوير»، مدته أربعة أشهر كاملة في معهد البحرين للتدريب، وإجبارهم حضور البرنامج من الثامنة صباحاً حتى الثالثة عصراً، وكما يقول أحد المسؤولين هناك، أن الهدف من البقاء طيلة هذا الوقت الطويل هو لقياس مدى جديتهم وتحملهم. إحدى الباحثات عن العمل من هذه المجموعة تقول، بأنها دخلت هذا البرنامج وفي معهد من أفضل معاهد التدريب في البحرين، ولمدة عام واحدٍ، وحصلت بعدها على شهادة أفضل من هذه الشهادة، ومع ذلك طلبوا منها أن تلتزم بحضور هذه الدورة وإلا!

القصة لم تنتهِ عند هذا المشهد، بل قامت الوزارة وباتفاق مع معهد البحرين، إلزام الباحثين عن العمل بتوقيع تعهد يقضي باستكمال البرنامج، وأن أي انسحاب منه أو تخلف عن حضور الامتحان أو عدم تجاوز الامتحان، فإن الباحث عن العمل سيكون ملزماً بدفع مبلع وقدره «2500» دينار بحريني، وإلا سيحق لمعهد البحرين للتدريب أن يتَّخذ كافة الإجراءات القانونية ضده.

بهذه السلوكيات والأفكار تتعامل وزارة العمل مع شبابنا الجامعي، هذا ناهيك عن سوء المعاملة من طرف الكثير من المسؤولين والموظفين وما يلاقونه منهم في حال مراجعتهم الوزارة عن مستجدات توظيفهم كل أسبوع أو في كل شهر.

تخيلوا، بدل أن تقوم الوزارة بتوفير الوظائف وتأمين مبلغ التأمين ضد التعطل وإعطائها الباحثين عن العمل، تقوم عن طريق المعهد بمطالبتهم بمبلغ «2500» دينار. اليوم تتسرب أخبار مؤكدة من داخل الوزارة بأن الأخيرة تحاول التخلص من هذه الدفعة بأي شكل من الأشكال، ولأنها فشلت منذ ما يقارب من سبعة أعوام من توظيفهم وإشراكهم في مستقبل هذا الوطن، ها هي اليوم ترمي بفشلها عليهم بطريقة غير لائقة، وتدفع بهم للخروج من سوق العمل، حتى ولو كان العاطل هو الذي سيموِّل مشروع هذا الخروج التعيس، وذلك باتباع الوزارة لسياسات مؤذية وغير وطنية لا تنسجم أبداً وتوجيهات الحكومة، وإنما هي توجيهات بعض المسؤولين المعروفين «بالإسم» ممن يعملون في وزارة العمل.