في فترة مضت، كانت بعض قريباتي يتفاخرن بارتيادهن دور السينما لحضور أفلام الرعب مدعيات أن متعتهن كامنة في ذلك، بينما تهمس كل واحدة منهن عن الأخرى أو تقهقه في المجالس ضاحكة على إحداهن بخوفها الشديد أثناء الفيلم، وبدورها في صناعة أحداث سينمائية ودرامية خاصة بها لخلق جو مصاحب للرعب الذي تتعرض له، فإحداهن تصرخ، والأخرى تكاد تقفز من مكانها فزعاً والثالثة تغطي وجهها أغلب وقت الفيلم تارة بيدها لكي لا ترى المشاهد، وتارة تبالغ أكثر فتسدل خمارها على وجهها..!!
لطالما تساءلت عن هذا النوع من المتعة، وإن كان في ذلك شيء من الإمتاع حقاً، ربما لم أحظَ بثقافة كافية بشأن مغزى الرعب من الأساس، ولكني مازلت أبحث ما الذي يجبرني لقطع تذكرة دخول لفيلم رعب لمجرد الرغبة في الترفيه. قد أتفهم أن بعضاً من الأشخاص في مهن أو مواقع محددة، يجب اختبار جرأتهم من خلال برامج مختلفة تتضمن تعريضهم لمشاهد مرعبة، أو أن بعضهم بحاجة لاكتساب مزيد من المهارات لمواجهة المخاطر مثلاً، أو لاكتساب الشجاعة لما يرتبط بطبيعة عملهم، ولكننا كأفراد عاديين، ما الذي يدعونا لذلك؟!!
أمر كهذا يذكرني بإصرار جدتي الدائم في سنوات مراهقتي على ذهابي للمقبرة وحضوري لجنائز وفيات العائلة والمقربين من المعارف -لاسيما وأن أغلب فتيات العائلة بمثل عمري اعتدن على حضور مثل تلك المناسبات- إذ كانت جدتي تدعي أن حضور الجنائز وما يرافقها من مشاهدات «يقوي القلب»، بينما كنت أصرّ على أنني لا أقوى على مواجهة مواقف كتلك ولا أحتمل رؤية جثث الموتى، وكنت أختار البقاء في البيت دائماً، إلى أن حدث وأجبرتني يوماً على حضور إحدى الجنازات، ولكن المفاجأة التي كانت تنتظرها نتيجة إصرارها أنني ارتميت على الأرض فاقدة الوعي بمجرد مشاهدتي لوجه المتوفى، ما جعلني عبئاً إضافياً على الموجودين في الوقت الخطأ!! وأعتقد أن هذا الأمر نوع من التعرض غير المبرر للرعب.
نعود للأفلام.. لا أخفيكم أنني قد حضرت بعضاً من أفلام الرعب في السنوات الأخيرة على مضض، عندما تشدني القصة وأجدها تحمل نوعاً من المضامين التي تستحق التحليل أو ربما تثير اهتمامي لبعد معين فيها - عدا الرعب نفسه. ولا أبوح سراً عندما أقول إن بعض الأفلام التي حضرتها والمصنفة على أنها أفلام رعب قد لا تتضمن عنصر الرعب فعلياً بقدر ما هو عنصر المفاجأة. ما يدعوني للتساؤل من جهة أخرى، هل هذا هو الرعب حقاً؟!! وما ذلك المحتوى الذي يدعو لصراخ الفتيات واستعراضاتهن المسرحية في دور السينما؟!! أمر محير جداً.
المثير أن المؤلفين والكتاب مستمرون في تأليف تلك النوع من القصص والسيناريوهات، ولعل ما دفعني لكتابة هذا المقال خبر صدور «الترجمة العربية من مجموعة «سفر أم خطر» القصصية عام 2019 للكاتب الأمريكي ستيفن كينغ وآخرين، وترجمة أوليج عوكي». ويبدو أن الكتاب يحمل في طياته جرعة مبالغاً فيها من الرعب، ولمزيد من التفاصيل تجدون الخبر على الرابط: https://www.albawabhnews.com/3802360.
* اختلاج النبض:
هل يمكن اعتبار الرعب نوعاً من الفن الرفيع؟ وهل الرعب وسيلة فاعلة لتحقيق الهدف من المادة الفنية وإيصال رسالتها؟ ثم هل يمكن أن تكمن المتعة حقاً في الرعب؟!! مجرد سؤال..!!
{{ article.visit_count }}
لطالما تساءلت عن هذا النوع من المتعة، وإن كان في ذلك شيء من الإمتاع حقاً، ربما لم أحظَ بثقافة كافية بشأن مغزى الرعب من الأساس، ولكني مازلت أبحث ما الذي يجبرني لقطع تذكرة دخول لفيلم رعب لمجرد الرغبة في الترفيه. قد أتفهم أن بعضاً من الأشخاص في مهن أو مواقع محددة، يجب اختبار جرأتهم من خلال برامج مختلفة تتضمن تعريضهم لمشاهد مرعبة، أو أن بعضهم بحاجة لاكتساب مزيد من المهارات لمواجهة المخاطر مثلاً، أو لاكتساب الشجاعة لما يرتبط بطبيعة عملهم، ولكننا كأفراد عاديين، ما الذي يدعونا لذلك؟!!
أمر كهذا يذكرني بإصرار جدتي الدائم في سنوات مراهقتي على ذهابي للمقبرة وحضوري لجنائز وفيات العائلة والمقربين من المعارف -لاسيما وأن أغلب فتيات العائلة بمثل عمري اعتدن على حضور مثل تلك المناسبات- إذ كانت جدتي تدعي أن حضور الجنائز وما يرافقها من مشاهدات «يقوي القلب»، بينما كنت أصرّ على أنني لا أقوى على مواجهة مواقف كتلك ولا أحتمل رؤية جثث الموتى، وكنت أختار البقاء في البيت دائماً، إلى أن حدث وأجبرتني يوماً على حضور إحدى الجنازات، ولكن المفاجأة التي كانت تنتظرها نتيجة إصرارها أنني ارتميت على الأرض فاقدة الوعي بمجرد مشاهدتي لوجه المتوفى، ما جعلني عبئاً إضافياً على الموجودين في الوقت الخطأ!! وأعتقد أن هذا الأمر نوع من التعرض غير المبرر للرعب.
نعود للأفلام.. لا أخفيكم أنني قد حضرت بعضاً من أفلام الرعب في السنوات الأخيرة على مضض، عندما تشدني القصة وأجدها تحمل نوعاً من المضامين التي تستحق التحليل أو ربما تثير اهتمامي لبعد معين فيها - عدا الرعب نفسه. ولا أبوح سراً عندما أقول إن بعض الأفلام التي حضرتها والمصنفة على أنها أفلام رعب قد لا تتضمن عنصر الرعب فعلياً بقدر ما هو عنصر المفاجأة. ما يدعوني للتساؤل من جهة أخرى، هل هذا هو الرعب حقاً؟!! وما ذلك المحتوى الذي يدعو لصراخ الفتيات واستعراضاتهن المسرحية في دور السينما؟!! أمر محير جداً.
المثير أن المؤلفين والكتاب مستمرون في تأليف تلك النوع من القصص والسيناريوهات، ولعل ما دفعني لكتابة هذا المقال خبر صدور «الترجمة العربية من مجموعة «سفر أم خطر» القصصية عام 2019 للكاتب الأمريكي ستيفن كينغ وآخرين، وترجمة أوليج عوكي». ويبدو أن الكتاب يحمل في طياته جرعة مبالغاً فيها من الرعب، ولمزيد من التفاصيل تجدون الخبر على الرابط: https://www.albawabhnews.com/3802360.
* اختلاج النبض:
هل يمكن اعتبار الرعب نوعاً من الفن الرفيع؟ وهل الرعب وسيلة فاعلة لتحقيق الهدف من المادة الفنية وإيصال رسالتها؟ ثم هل يمكن أن تكمن المتعة حقاً في الرعب؟!! مجرد سؤال..!!