«الزمن الجميل» قد لا يكون وصفاً دقيقاً لأيام زمان، فقسوة الحياة حين ذاك كانت تلون بعض أيامه بالألوان الداكنة أسود أحياناً وأحينا أخرى «منيل بستين نيله»، إنما أعتقد أن نسبية المقياس هي التي أحدثت الفارق، فالألوان الوردية في عيوننا حينها وفي ذاكرتنا، نراها الآن سواداً ودماراً نفسياً، والعكس صحيح!
إن تعايشنا وتعايش الأجيال التي سبقتنا مع تلك القسوة ربما يعود لاتساع رقعة الجفاف العاطفي والمادي على معظم الشرائح المجتمعية ولاختلاف معايير القياس عنها الآن، فالطبيعي مسألة نسبية جداً، ما تراه الآن تحطيم معنوي كان يمر علينا وعلى آبائنا وأجدادنا مرور الكرام، وهو ما جعلها تعدي دون آثار سلبية على نفوسنا بل نذكرها من باب التندر، ولو مر على أبنائنا أو أحفادنا شيء مما ممرنا به لجزعوا ونحن معهم خوفاً عليهم وهرعنا بهم لأقرب «كوتش» مدرب كي يساعدهم على اجتياز مرارتها!!
«الكف» أو الصفعة أو «السطره» على سبيل المثال كان عقاباً سائداً من الآباء لأبنائهم ومن المدرسين لتلاميذهم ولم يكن له ذات المرارة التي نشعر بها الآن على أطفالنا، الضرب بالمسطرة كان عرفاً مدرسياً وأحياناً بحافتها، بل وفي أيام الشتاء! الطفل منا كان يحكي عن الكف الذي جعله يلف 360 درجة على نفسه كراقص الباليه لرفقته وهو يضحك، أنا عن نفسي على قدر ما نلت من «الدلع» من الوالد رحمة الله عليه نالني من «الكف» جانب، خاصة وقت الظهيرة حين يريد أن يأخذ غفوته ولا يحلو لنا اللعب أنا وأخي والشجار إلا ذلك الوقت، وما إن يفتح باب غرفته الله يرحمه ووجه يبدو عبوساً قمطريراً إلا وتجدنا قد تسمّرنا في أماكننا بانتظار المقسوم بلا أدنى مقاومة والتي لا فائدة منها، فالشقة كانت صغيرة في مدينة حولّي بالكويت، كان طويلاً رحمه الله وعريض المنكبين «شلولح» وكفه ما شاء الله به مساحة كافية لتغطية الوجه والأذنين وجزء من قمة الرأس معاً.. إيه كان زمن!!
المصيبة أننا كنا نضحك همساً أنا وأخي على ما أصابنا من تعنيف بعد أن يعود للغرفة رغم أن السمع كان ثقيلاً بعد الكف والطنين مازال فعالاً!! لم نشعر حتى اللحظة أن تلك كانت إساءة معاملة «تشايلد ابيوز» فقد كنت أرى آثار العقال أو الحزام على أبناء الجيران.. عادي.. ألم أقل لكم إن المسألة نسبية!
تحكي لي جدتي رحمها الله عن قسوة الحماوات في زمنهم «الجميل» والذي كان من وجهة نظرها أجمل من زمننا «الدليع» الذي لا يستحمل، ولو لاقت أي كنّة نصف ما لاقته جدتي لتدخلت منظمة العفو الدولية وهيومن رايت ووتش معهم لشجب تلك الممارسات غير الحقوقية، ولعقد مجلس المرأة اجتماعاً طارئاً للبحث في هذه الكارثة التي ستؤثر على موقفنا من اتفاقية السيداو واستنفرت هيئة تنظيم سوق العمل لمكافحة ممارسات الاتجار بالبشر و فتحت دار الكرامة الباب للكنّات المعنفات، ولكن جدتي كانت تحكي لنا القصص وهي تضحك!!
تقول جدتي إنها مع بقية «الكنّات» كن يقمن بكل خدمة للمنزل، وحين يعود أزواجهن من السوق تجلس الأم مع أبنائها الذكور ليأكلوا، و«الكنّات» يكتفين بالتلويح «بالمهفه» وحين تنتهي «الرويال فاميلي» وتشبع المفروض أن يأتي دور «الكنّات» ليأكلن ما تبقى، ولكن تأبى أم زوجها إلا وتترك بصمتها الأخيرة «السقنتشر» لأم عبدالله قبل أن تنهض من السفرة، فتقوم المبروكة بسكب ما تبقى في كاس الماء في صينية الرز!! هل تستوعبون؟ أما تفسيرها فهو حتى لا يعلو رأس أي من «الكنّات» ويعرفن قدرهن... إيييييييه كان زمن!!
الجفاف العاطفي والقحط المعنوي كان سائداً إلى جانب سياسة التأديب التي تبدو الآن قاسية، كنا نخوضها كجزء من منظومة بشرية كلها تمر بذات الحال، وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي جعلتنا نراها طبيعية، لذلك لم تترك تلك الممارسات أي آثار سلبية على نفوسنا، أحب أبي ولا أذكره إلا بكل خير رحمة الله عليه، حتى جدتي كانت تذكر «عمتها» أم زوجها وهي تترحم عليها وتذكر كثيراً من محاسنها.. هي النسبية بارك الله فيها ما جعل الكف يصيبنا ونقول له «كمان» بعد الدوران!! وقس عليها العديد من تلاوين الحياة والظواهر فإن كان اتساع رقعة الممارسة وشمول الجميع جعلنا نقيس من بعض الأمور غير الطبيعية على أنها طبيعية، فلا بد أن هناك عناصر أخرى تتدخل أيضاً وتلون لنا الأمور وفق ما تشتهي أنفسنا وتجعلنا نتقبل ما لا يمكن تقبله أو تغييره، عليكم فقط بالنسبية بارك الله فيكم!!. و«هابي ويكند».
إن تعايشنا وتعايش الأجيال التي سبقتنا مع تلك القسوة ربما يعود لاتساع رقعة الجفاف العاطفي والمادي على معظم الشرائح المجتمعية ولاختلاف معايير القياس عنها الآن، فالطبيعي مسألة نسبية جداً، ما تراه الآن تحطيم معنوي كان يمر علينا وعلى آبائنا وأجدادنا مرور الكرام، وهو ما جعلها تعدي دون آثار سلبية على نفوسنا بل نذكرها من باب التندر، ولو مر على أبنائنا أو أحفادنا شيء مما ممرنا به لجزعوا ونحن معهم خوفاً عليهم وهرعنا بهم لأقرب «كوتش» مدرب كي يساعدهم على اجتياز مرارتها!!
«الكف» أو الصفعة أو «السطره» على سبيل المثال كان عقاباً سائداً من الآباء لأبنائهم ومن المدرسين لتلاميذهم ولم يكن له ذات المرارة التي نشعر بها الآن على أطفالنا، الضرب بالمسطرة كان عرفاً مدرسياً وأحياناً بحافتها، بل وفي أيام الشتاء! الطفل منا كان يحكي عن الكف الذي جعله يلف 360 درجة على نفسه كراقص الباليه لرفقته وهو يضحك، أنا عن نفسي على قدر ما نلت من «الدلع» من الوالد رحمة الله عليه نالني من «الكف» جانب، خاصة وقت الظهيرة حين يريد أن يأخذ غفوته ولا يحلو لنا اللعب أنا وأخي والشجار إلا ذلك الوقت، وما إن يفتح باب غرفته الله يرحمه ووجه يبدو عبوساً قمطريراً إلا وتجدنا قد تسمّرنا في أماكننا بانتظار المقسوم بلا أدنى مقاومة والتي لا فائدة منها، فالشقة كانت صغيرة في مدينة حولّي بالكويت، كان طويلاً رحمه الله وعريض المنكبين «شلولح» وكفه ما شاء الله به مساحة كافية لتغطية الوجه والأذنين وجزء من قمة الرأس معاً.. إيه كان زمن!!
المصيبة أننا كنا نضحك همساً أنا وأخي على ما أصابنا من تعنيف بعد أن يعود للغرفة رغم أن السمع كان ثقيلاً بعد الكف والطنين مازال فعالاً!! لم نشعر حتى اللحظة أن تلك كانت إساءة معاملة «تشايلد ابيوز» فقد كنت أرى آثار العقال أو الحزام على أبناء الجيران.. عادي.. ألم أقل لكم إن المسألة نسبية!
تحكي لي جدتي رحمها الله عن قسوة الحماوات في زمنهم «الجميل» والذي كان من وجهة نظرها أجمل من زمننا «الدليع» الذي لا يستحمل، ولو لاقت أي كنّة نصف ما لاقته جدتي لتدخلت منظمة العفو الدولية وهيومن رايت ووتش معهم لشجب تلك الممارسات غير الحقوقية، ولعقد مجلس المرأة اجتماعاً طارئاً للبحث في هذه الكارثة التي ستؤثر على موقفنا من اتفاقية السيداو واستنفرت هيئة تنظيم سوق العمل لمكافحة ممارسات الاتجار بالبشر و فتحت دار الكرامة الباب للكنّات المعنفات، ولكن جدتي كانت تحكي لنا القصص وهي تضحك!!
تقول جدتي إنها مع بقية «الكنّات» كن يقمن بكل خدمة للمنزل، وحين يعود أزواجهن من السوق تجلس الأم مع أبنائها الذكور ليأكلوا، و«الكنّات» يكتفين بالتلويح «بالمهفه» وحين تنتهي «الرويال فاميلي» وتشبع المفروض أن يأتي دور «الكنّات» ليأكلن ما تبقى، ولكن تأبى أم زوجها إلا وتترك بصمتها الأخيرة «السقنتشر» لأم عبدالله قبل أن تنهض من السفرة، فتقوم المبروكة بسكب ما تبقى في كاس الماء في صينية الرز!! هل تستوعبون؟ أما تفسيرها فهو حتى لا يعلو رأس أي من «الكنّات» ويعرفن قدرهن... إيييييييه كان زمن!!
الجفاف العاطفي والقحط المعنوي كان سائداً إلى جانب سياسة التأديب التي تبدو الآن قاسية، كنا نخوضها كجزء من منظومة بشرية كلها تمر بذات الحال، وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي جعلتنا نراها طبيعية، لذلك لم تترك تلك الممارسات أي آثار سلبية على نفوسنا، أحب أبي ولا أذكره إلا بكل خير رحمة الله عليه، حتى جدتي كانت تذكر «عمتها» أم زوجها وهي تترحم عليها وتذكر كثيراً من محاسنها.. هي النسبية بارك الله فيها ما جعل الكف يصيبنا ونقول له «كمان» بعد الدوران!! وقس عليها العديد من تلاوين الحياة والظواهر فإن كان اتساع رقعة الممارسة وشمول الجميع جعلنا نقيس من بعض الأمور غير الطبيعية على أنها طبيعية، فلا بد أن هناك عناصر أخرى تتدخل أيضاً وتلون لنا الأمور وفق ما تشتهي أنفسنا وتجعلنا نتقبل ما لا يمكن تقبله أو تغييره، عليكم فقط بالنسبية بارك الله فيكم!!. و«هابي ويكند».