إنّ تاريخ البحرين غنيٌّ بالمآثر والتضحيات التي سطّرتها قبائلها في سبيل دعم وحدة واستقرار الدولة العربية الإسلامية وساهمت مساهمة قوية في تعزيز الوحدة العربية ومواجهة التحديات التي واجهت الأمة الإسلامية، ومنذ انطلاق مشروع نشر الإسلام وحركة الفتوحات في عهد الخلافة الراشدة، أكدت البحرين حضورها الكبير ودورها الرائد. فقد أظهرت القبائل العربية البحرينية ولاءً عميقاً للإسلام، حيث انضمت بقوة لحركة الفتوحات وكان لمساهمتهم الدور الأكبر في حسم الكثير من المعارك الكبرى لصالح المسلمين، مقدمةً الشهداء والمجاهدين في سبيل الله. لصالح المسلمين، مقدمةً الشهداء والمجاهدين في سبيل الله.

أهل البحرين: تضحية وشجاعة / البحرين ونصر القادسية/

بعد وفاة النبي محمد ﷺ، واجه المسلمون تحديات كبيرة من الدول المجاورة خصوصاً من دولتي الفرس الساسانيين والروم البيزنطيين. وتميز أهل البحرين بدورهم الحيوي والمؤثّر في تعزيز جهود الدولة وتعزيز الصفوف، فساهموا بقوة في المعارك التي خاضها المسلمون في العراق والمشرق حيث شاركت قبائل البحرين في تشكيل الجيوش التي توجّهت للقتال في جيوش الدولة العربية الإسلامية في العهد الراشدي، حيث كانت شجاعتهم وولائهم للإسلام دافعاً قوياً لمواجهة الأعداء. فبعد فتح أطراف البحرين الشمالية وجنوب ووسط وغرب العراق، أمر الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بتقسيم الجيوش الإسلامية إلى قسمين فانتقل خالد بن الوليد من العراق إلى الشام ليتولى قيادة جيش المسلمين في معركة فاصلة ضد الروم البيزنطيين تاركاً قيادة الجيوش في العراق لأبي عبيد بن مسعود الثقفي والمثنى بن حارثة الشيباني ومعهم 8 آلاف مقاتل من قبيلتيّ بكر بن وائل وتميم، وبعد استشهاد المثنى وأبي عبيدة في معركة الجسر أدرك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أهمية تعزيز الصفوف لمجابهة الفرس الساسانيين الذين بدؤوا يخططون لخوض معركة حاسمة في العراق ضد المسلمين، فقام بتجهيز جيش جديد كان أغلبه من أهل البحرين، إضافة لمن انضم إليهم من الجيش الذي كان بقيادة أبي عبيدة والمثنى الشيباني، وقد عيّن سعد بن أبي وقاص قائدًا عامًا لجيوش العراق، فخرج برفقة 24000 مقاتل للتصدي للفرس الذين كانوا تحت قيادة رستم بجيش قوامه 120000 مقاتل، فحصلت معركة القادسية التي وقعت في العام 15هـ والتي امتدت لأربع أيام ومثلت أحد أبرز محطات تاريخ الفتوحات، وقد استخدم فيها الفرس الفيلة المدججة ويعلوها مقاتلين، ومع ذلك قاتل المسلمون ببسالة وثبات. وقد برز دور القبائل البحرينية خاصة قبيلتيّ تميم وبكر بن وائل في حسم هذه المعركة بشكل خاص وعرفوا بشجاعتهم.

كان القعقاع بن بدر التميمي، أحد القادة البارزين من البحرين، له دور استراتيجي في المعركة. فقد وضع خطة مبتكرة لمواجهة الفيلة الثقيلة التي استخدمها الفرس، حيث اقترح ضرب عيون الفيلة بالنبال ممّا أدى إلى هيجانها وانقضاضها على جنود الفرس. هذه الخطة ساهمت بشكل كبير في تحويل مجريات المعركة لصالح المسلمين، حيث انتهت المعركة بانتصار المسلمين وقتل رستم قائد جيش الفرس الساسانيين فكانت القادسية بداية النهاية بالنسبة للفرس الساسانيين،لتتواصل إثر ذلك عملية استثمار النصر في عمليات فتوحات برية واسعة لمطاردة الحاميات والجيوب الفارسية الساسانية في كافة مدن العراق ليتخلص بذلك من هيمنة ونفوذ الساسانيين ويعود لدوره الحيوي في الدولة العربية الإسلامية، وبعد تمصير البصرة والكوفة واتخاذهما مراكز إدارية رئيسة في المشرق ومثابة لاستقرار القبائل والجيوش العربية، واستكمالاً لذلك الدور الإيجابي واصلت القبائل العربية ومنها قبائل البحرين في رفد العمليات العسكرية الإسلامية والفتوحات الكبرى في كافة نواحي بلاد فارس والمشرق وفق خطة استراتيجية بإشراف الخلافة الراشدة لتعزيز وحدة الدولة وحمايتها وسعياً لتحقيق الأهداف السامية وعلى رأسها نشر الإسلام والثقافة العربية الإسلامية وتحقيق الاستقرار والسلام ونشر قيم العدل والحق والتسامح والمساواة والسلام.

أهل البحرين: إخلاص وولاء

إنّ مساهمة قبائل البحرين في الفتوحات الإسلامية، وخاصّة في العراق والمشرق، تعكس التضحية والشجاعة التي تميزوا بها. فقد كان لهم دور محوري في المعارك الكبرى مثل القادسية، حيث أثبتوا ولاءهم للإسلام والخلافة الراشدة وعزمهم على تعزيز وحدة العرب. وتظل هذه المآثر حيّة في ذاكرة الأمة، تذكيراً بأهمية العمل الجماعي والتضحية والانضباط بسياسة الدولة المركزية. كما أنّ تاريخ هؤلاء الرجال يعكس قيم الشجاعة والإخلاص والولاء، ويُعد درساً للأجيال القادمة في أهمية الانتماء للوطن والدين.