لطالما تساءلت، لماذا يحكم المجتمع العربي على أبنائه بالإعدام وهم مازالوا على قيد الحياة؟!! لماذا يستلذ العرب والخليجيون الحزن وإعلاء قيمته على حساب مباهج الحياة الأخرى وفرص العيش براحة بال وسلام؟ أتعجب كثيراً عندما أصغي إلى انتقادات بعض الناس لبعضهم، والمتبلورة حول المضي قدماً في الحياة وتجاوز الأزمات التي مروا بها، وكأن تجاوز الألم أو المحن ضرب من التجاوز على الأصول أو «السنع». ولا أعتقد أنني أبوح سراً إن قلت إن تلك الممارسات تعد من الصفات الملازمة للنساء أكثر من الرجال في مجتمعاتنا، ما يجعلني أتفهم أحياناً مفهوم نكدية المرأة الذي تتداوله ألسنة الرجال فيكثرون التعوذ بالله منه، وحسب ما أراه من بعض النساء في مجتمعاتنا -هداهن الله- أعذر كثيراً من الرجال، وإن كنت لا أبرئ ساحتهم في أمور أخرى.
من النماذج الشاخصة على الانغماس في مشاعر الحزن وتجريم الفرح، عندما تمر عائلة ما بحالة وفاة بينما كان مخططاً لزواج أحدهم خلال فترة بسيطة، فترى إلغاء حجوزات حفلات الفرح برمتها وربما إلغاء موعد الزواج وتأجيله لعام كامل عند بعض الناس، ما يجعلها مناسبة مشؤومة حلت على علاقة الارتباط الزواجي المقدسة وشوهتها منذ البداية، ليس في حكم الله على وفاة أحدهم في موعد ما اعتراض، ولكن على الممارسات الاجتماعية المصاحبة. إن القلب ليحزن، بلا شك.. والفرح لن ينعقد خلال الأيام الأولى من الوفاة، أما مسألة التأجيل المبالغ فيها، والحديث أن مرور شهر فأكثر وقت غير كافٍ لاستعادة نشاطات الحياة على نحو طبيعي، فذلك مبالغ فيه حقاً.
عندما أحضر حفلات الزفاف، وأرى بعض العجائز وقد ارتدين ثوب «بوجبوعه» «الثوب الذي يلف حول الرأس»، واخترن ألواناً زاهية جداً تعبر عن الفرح كالأحمر أو الوردي الفاقع وغيرها، أسمع أحاديث النسوة يتهامسن عليها بسخرية بقولهن «متشببة»، ولا أدري لم اقتصرت تلك الألوان على الشباب وحدهم وحكموا على العجائز بالموت واختيار القاتم من الألوان لمجرد كبر عمرهن، وكأن ألوان الفرح الزاهية ليست للجميع..!! والأمر نفسه على من أصيب بالعديد من الأمراض، أو مرّ بأزمات صحية كبيرة وتجاوزها، إذا ما احتفى في محفل ما وعبر عن سعادته قيل «فلان ما يكسر نفسه»، وكأن الانكسار والألم والبكاء هو الأصل وما عداه نقيصة..!! وكذلك عندما أرى فتاة تجاوزت تجربة زواج فاشلة قررت إنهاءها بقوة وصلابة، ومضت مستمتعة في أدق تفاصيل حياتها، وأنها لم تعلق مصير سعادتها برجل، أسمع من حولها كيف ينتقدونها، بل وتقول إحداهن «يا مال الضعفة.. ما يهزها زوج ولا غيره»، لا أميل عادةً لاستخدام الألفاظ العامية، ولكني أردت أن أنقل لكم بعض التعبيرات كما هي، بما هي مشحونة به من تجريم للفرح وحسد للفرحين.
* اختلاج النبض:
لا شك أن مستوى الوعي بأهمية «الموازنة في الحياة، وتجاوز الأزمات، والعمل بالتفكير الإيجابي/الواقعي»، قد ارتفع في مجتمعاتنا الخليجية تحديداً في السنوات الأخيرة، ولكن بعض العقول المنغمسة في الحزن والطاقة السلبية، ممن أعلت قيمة الحزن والانكسار على الفرح والتجاوز بحاجة لمزيد من التغيير للقضاء على ثقافة تجريم الفرح.
من النماذج الشاخصة على الانغماس في مشاعر الحزن وتجريم الفرح، عندما تمر عائلة ما بحالة وفاة بينما كان مخططاً لزواج أحدهم خلال فترة بسيطة، فترى إلغاء حجوزات حفلات الفرح برمتها وربما إلغاء موعد الزواج وتأجيله لعام كامل عند بعض الناس، ما يجعلها مناسبة مشؤومة حلت على علاقة الارتباط الزواجي المقدسة وشوهتها منذ البداية، ليس في حكم الله على وفاة أحدهم في موعد ما اعتراض، ولكن على الممارسات الاجتماعية المصاحبة. إن القلب ليحزن، بلا شك.. والفرح لن ينعقد خلال الأيام الأولى من الوفاة، أما مسألة التأجيل المبالغ فيها، والحديث أن مرور شهر فأكثر وقت غير كافٍ لاستعادة نشاطات الحياة على نحو طبيعي، فذلك مبالغ فيه حقاً.
عندما أحضر حفلات الزفاف، وأرى بعض العجائز وقد ارتدين ثوب «بوجبوعه» «الثوب الذي يلف حول الرأس»، واخترن ألواناً زاهية جداً تعبر عن الفرح كالأحمر أو الوردي الفاقع وغيرها، أسمع أحاديث النسوة يتهامسن عليها بسخرية بقولهن «متشببة»، ولا أدري لم اقتصرت تلك الألوان على الشباب وحدهم وحكموا على العجائز بالموت واختيار القاتم من الألوان لمجرد كبر عمرهن، وكأن ألوان الفرح الزاهية ليست للجميع..!! والأمر نفسه على من أصيب بالعديد من الأمراض، أو مرّ بأزمات صحية كبيرة وتجاوزها، إذا ما احتفى في محفل ما وعبر عن سعادته قيل «فلان ما يكسر نفسه»، وكأن الانكسار والألم والبكاء هو الأصل وما عداه نقيصة..!! وكذلك عندما أرى فتاة تجاوزت تجربة زواج فاشلة قررت إنهاءها بقوة وصلابة، ومضت مستمتعة في أدق تفاصيل حياتها، وأنها لم تعلق مصير سعادتها برجل، أسمع من حولها كيف ينتقدونها، بل وتقول إحداهن «يا مال الضعفة.. ما يهزها زوج ولا غيره»، لا أميل عادةً لاستخدام الألفاظ العامية، ولكني أردت أن أنقل لكم بعض التعبيرات كما هي، بما هي مشحونة به من تجريم للفرح وحسد للفرحين.
* اختلاج النبض:
لا شك أن مستوى الوعي بأهمية «الموازنة في الحياة، وتجاوز الأزمات، والعمل بالتفكير الإيجابي/الواقعي»، قد ارتفع في مجتمعاتنا الخليجية تحديداً في السنوات الأخيرة، ولكن بعض العقول المنغمسة في الحزن والطاقة السلبية، ممن أعلت قيمة الحزن والانكسار على الفرح والتجاوز بحاجة لمزيد من التغيير للقضاء على ثقافة تجريم الفرح.