ألم يتبادر إلى ذهنكم ذلك السؤال المرتبط بالأسباب التي تدعو أغلب المجتمعات إلى رفع شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد بنوعيه الإداري والمالي؟!
نعم، الجميع يدعو لمحاربة الفساد، لأنه رد الفعل الطبيعي «السوي» في مقابل الأفعال الخاطئة، لكن من المهم أن نعرف، بأن تفشي وتزايد الأخطاء في منظومات العمل والمجتمعات، وتحولها إلى «روتين» مسلم به، وعادة يتعايش معها المجتمع، أمر خطير جداً، وأنه لا مجتمعات تتقدم، ولا خطط إصلاح تتحقق طالما للفساد استمرار وانتشار.
وعليه، فإن الدعوة لمحاربة الأخطاء، والتصدي للفسادين الإداري والمالي، والقضاء على مصادرهما، إنما هي دعوة لإصلاح المجتمعات، وتأسيس أرضية عمل صلبة قائمة على «النظافة» و«النزاهة» والولاء المؤسسي الذي يدفع للعمل بإخلاص للمنظومة لا للشخوص المستفيدة من مواقعها أو صلاحياتها.
لذلك في أدبيات «الإصلاح الإداري» يقال بأن الأخطاء المرصودة، وحالات الفساد الموثقة، إن لم تكن لها معالجات سريعة وحازمة تقود لإنهائها والقضاء على مسبباتها، فإن ذلك يؤثر بشكل سلبي جداً على عدة عوامل هامة، هي كالتالي:
* أولًا: تشويه شعار الإصلاح: وذلك عبر وجود تناقض حقيقي على الأرض بين الشعارات الإصلاحية «الراقية» المعلنة، وبين الممارسات الحقيقية على الأرض، فالأخيرة -أي الأفعال- بإمكانها ضرب الشعارات في مقتل، بالتالي تضعف ثقة الشارع والمجتمع في جدية محاربة هذه الآفة.
* ثانياً: زيادة المشكلة: إذ حينما يتأخر رد الفعل، والإجراء اللازم، فإن هذا قد يفسر من قبل المفسدين على أنها فرصة للاستمرار فيما يقومون به، بالتالي تزيد رقعة الخلل، ولربما يكون الوضع مشجعاً لضعاف نفوس وعديمي ضمائر آخرين لمحاولة استغلال الوضع لمحاكاة ما فعله غيرهم. بالتالي عملية الحسم وتقديم نماذج على نتائجه مهمة لردع من تسول له نفسه.
* ثالثاً: هدر مستمر للموارد: استمرار الأخطاء، واستمرار الفساد الإداري الذي يقود بالضرورة للفساد المالي، يعني الاستمرار في هدر موارد البلد، والمال العام يفترض أن يكون أمانة في رقبة المسؤولين، وهؤلاء مساءلون بالضرورة أمام النظام الإداري بالبلد وكذلك المجتمع.
* أخيراً: قتل لكوادر الوطن: استمرار الأخطاء وتكريس الفساد له عواقبه الخطيرة على العنصر البشري، هذا العنصر الذي يعتبر أهم الموارد للوطن، لأنه يعبر عن العقول والعضلات التي تقود عمليات التطوير والبناء، لكن الفساد الإداري بالأخص، هو القاتل بسهولة لهذه الكفاءات والطاقات البشرية، حينما يوقع عليها الظلم، أو يستهدفها بسبب «سوء الإدارة» أو طغيان سطوة التحكم المبنية على «اللوبيات» و«الشللية».
طبعاً هناك عوامل أخرى يؤثر عليها الفساد وعملية تكريس الأخطاء، لكن لعل ما ذكرناه أهم العوامل التي بتقويتها تتم تقوية عمليات «الإصلاح الإداري» بما يحفظ المال العام ويحفظ طاقات الوطن ويوجه العمل في اتجاه صحيح لتحقيق المصلحة العامة.
خلاصة القول: النجاح والتطوير وتقوية منظومات العمل وتحقيق المخرجات السليمة، كلها أمور لا تحققها الدول والمجتمعات إلا من خلال إنهاء الأخطاء ومنع استمراريتها، إلا من خلال محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.
في النهاية تخيلوا المجتمع خالياً من الأخطاء، نظيفاً منزهاً عن الفساد وأصحابه، ألن يكون بالتالي مجتمعاً مثالياً في ممارساته وأفراده، منتجاً ومؤثراً في مخرجاته؟!
لا يوجد أجمل وأرقى من العمل بنزاهة وعدالة واجتهاد، لا يوجد أجمل من امتلاك الفرد لضمير حي، يدفعه للعمل بإخلاص وتفانٍ لأجل وطنه ومجتمعه، لا لأجل نفسه فقط.
نعم، الجميع يدعو لمحاربة الفساد، لأنه رد الفعل الطبيعي «السوي» في مقابل الأفعال الخاطئة، لكن من المهم أن نعرف، بأن تفشي وتزايد الأخطاء في منظومات العمل والمجتمعات، وتحولها إلى «روتين» مسلم به، وعادة يتعايش معها المجتمع، أمر خطير جداً، وأنه لا مجتمعات تتقدم، ولا خطط إصلاح تتحقق طالما للفساد استمرار وانتشار.
وعليه، فإن الدعوة لمحاربة الأخطاء، والتصدي للفسادين الإداري والمالي، والقضاء على مصادرهما، إنما هي دعوة لإصلاح المجتمعات، وتأسيس أرضية عمل صلبة قائمة على «النظافة» و«النزاهة» والولاء المؤسسي الذي يدفع للعمل بإخلاص للمنظومة لا للشخوص المستفيدة من مواقعها أو صلاحياتها.
لذلك في أدبيات «الإصلاح الإداري» يقال بأن الأخطاء المرصودة، وحالات الفساد الموثقة، إن لم تكن لها معالجات سريعة وحازمة تقود لإنهائها والقضاء على مسبباتها، فإن ذلك يؤثر بشكل سلبي جداً على عدة عوامل هامة، هي كالتالي:
* أولًا: تشويه شعار الإصلاح: وذلك عبر وجود تناقض حقيقي على الأرض بين الشعارات الإصلاحية «الراقية» المعلنة، وبين الممارسات الحقيقية على الأرض، فالأخيرة -أي الأفعال- بإمكانها ضرب الشعارات في مقتل، بالتالي تضعف ثقة الشارع والمجتمع في جدية محاربة هذه الآفة.
* ثانياً: زيادة المشكلة: إذ حينما يتأخر رد الفعل، والإجراء اللازم، فإن هذا قد يفسر من قبل المفسدين على أنها فرصة للاستمرار فيما يقومون به، بالتالي تزيد رقعة الخلل، ولربما يكون الوضع مشجعاً لضعاف نفوس وعديمي ضمائر آخرين لمحاولة استغلال الوضع لمحاكاة ما فعله غيرهم. بالتالي عملية الحسم وتقديم نماذج على نتائجه مهمة لردع من تسول له نفسه.
* ثالثاً: هدر مستمر للموارد: استمرار الأخطاء، واستمرار الفساد الإداري الذي يقود بالضرورة للفساد المالي، يعني الاستمرار في هدر موارد البلد، والمال العام يفترض أن يكون أمانة في رقبة المسؤولين، وهؤلاء مساءلون بالضرورة أمام النظام الإداري بالبلد وكذلك المجتمع.
* أخيراً: قتل لكوادر الوطن: استمرار الأخطاء وتكريس الفساد له عواقبه الخطيرة على العنصر البشري، هذا العنصر الذي يعتبر أهم الموارد للوطن، لأنه يعبر عن العقول والعضلات التي تقود عمليات التطوير والبناء، لكن الفساد الإداري بالأخص، هو القاتل بسهولة لهذه الكفاءات والطاقات البشرية، حينما يوقع عليها الظلم، أو يستهدفها بسبب «سوء الإدارة» أو طغيان سطوة التحكم المبنية على «اللوبيات» و«الشللية».
طبعاً هناك عوامل أخرى يؤثر عليها الفساد وعملية تكريس الأخطاء، لكن لعل ما ذكرناه أهم العوامل التي بتقويتها تتم تقوية عمليات «الإصلاح الإداري» بما يحفظ المال العام ويحفظ طاقات الوطن ويوجه العمل في اتجاه صحيح لتحقيق المصلحة العامة.
خلاصة القول: النجاح والتطوير وتقوية منظومات العمل وتحقيق المخرجات السليمة، كلها أمور لا تحققها الدول والمجتمعات إلا من خلال إنهاء الأخطاء ومنع استمراريتها، إلا من خلال محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.
في النهاية تخيلوا المجتمع خالياً من الأخطاء، نظيفاً منزهاً عن الفساد وأصحابه، ألن يكون بالتالي مجتمعاً مثالياً في ممارساته وأفراده، منتجاً ومؤثراً في مخرجاته؟!
لا يوجد أجمل وأرقى من العمل بنزاهة وعدالة واجتهاد، لا يوجد أجمل من امتلاك الفرد لضمير حي، يدفعه للعمل بإخلاص وتفانٍ لأجل وطنه ومجتمعه، لا لأجل نفسه فقط.