هناك مقترح لقانون يدور في أروقة مجلس الشورى، وهو مقترح قد يؤيده كثير من المواطنين، بل لربما طالبوا بتطبيقه أكثر من مرة، أسوة بدول شقيقة في الخليج، وهو معني بترحيل الإجازات الواقعة بين يومي عمل لتكون في بداية أو نهاية الأسبوع.

في البحرين نمتلك أيام إجازات عديدة، من ضمنها إجازات رسمية، وإجازات أعياد، وأخرى متفرقة معنية بأمور أخرى، وكلها تمنح الموظف في القطاع العام بنسبة أكبر عن القطاع الخاص أفضلية الحصول على أيام للإجازة فوق إجازات نهاية الأسبوع.

الظاهرة المرصودة دائماً معنية بأيام الإجازة الواقعة ضمن أيام عمل رسمية، وهنا لنأخذ مثلاً إجازة يوم العمال التي توافق الأول من مايو كل عام، إذ لو وقعت في يوم إثنين أو أربعاء، فإنك بالضرورة سترصد حالات لطلب إجازة لأيام الأحد أو الخميس، بحيث تكون أيام إجازة متصلة بإجازة نهاية الأسبوع والإجازة الرسمية، ناهيكم عن حالات الغياب بأعذار طبية وغيرها.

المقترح المقدم من قبل عضو مجلس الشورى السيد درويش المناعي، بحسب ما نشرته الصحافة، يقترح قانوناً معنياً بترحيل الإجازات التي تأتي بين يومي عمل عدا إجازات عيدي الفطر والأضحى وعاشوراء إلى بداية الأسبوع أو نهايته، مبيناً أن الإجازات الدينية لا يشملها الترحيل مثلما هو مسلك معظم دول الخليج. وبحسب ما نشرته صحيفة «الوطن» على لسان العضو المناعي، بأن يوم الإجازة في العطلة الرسمية يكلف الدولة مليوني دينار.

الرقم بالنسبة لي كبير باعتباره يتعلق بيوم واحد، الأمر الذي يحتم بالفعل طلب معرفة مزيد من التفاصيل، وتفكيك الرقم بحيث يكون أمامنا جدول واضح يبين كيف أن يوم الإجازة يكلف الدولة هذا المبلغ، وفي أي أوجه بالتحديد؟!

لكن بالنظر لمواقف أعضاء مجلس الشورى، نرى أن هناك اتفاقاً على طلب مزيد من الدراسة، باعتبار تأثير المقترح لو طبق على الإنتاجية وعلى الاقتصاد المحلي، وكذلك وضعية القطاع الخاص وتأثره من ذلك.

أتطرق لهذا الموضوع لمسألة واحدة، تتمثل بكونها حالة مثالية للبحث، وأعني تلك التي ترتبط برغبة موجودة لدى الناس والموظفين، بحيث تفيدهم عملية الترحيل، لتكون الإجازة أطول، ولا تضطر بعضهم لأخذ إجازات أو التفكير بالحصول على إجازات مرضية، وبين تفكير صناع القرار بشأن تأثيرات مثل هذه القرارات، خاصة وأننا نتحدث عن التأثير الاقتصادي المبني على عجلة العمل اليومية.

في موضوع الإنتاجية هناك كلام نسبي كثير جداً، إذ حتى لو لم يطبق مثل هذا المقترح، فإنك بالضرورة ستجد نسبة إشغال أقل نظراً للإجازات العادية أو المرضية، ما يعني أن الإنتاجية ستقل بالتأكيد في ظل استمرار عمل منظومات العمل المختلفة في القطاعين بالأعداد الموجودة على الدوام يومها.

بالتالي المحاذير يمكن أن تتلخص في مسألة التأثيرات على الاقتصاد، وعلى تأجيل كثير من العمليات، وعلى وضعية القطاع الخاص مقارنة بالقطاع الحكومي.

لذلك أرى من وجهة نظر شخصية متواضعة، أن مثل هذه الأمور تحتاج لدراسات جدوى متخصصة، قد لا يمتلك أعضاء الشورى أو النواب المقومات المتخصصة أو حتى الأدوات اللوجستية للقياس والاستنتاج، ليقوموا بها على الوجه الأكمل، ما يعني ضرورة وجود جهة بمقدورها قياس تأثيرات أية قرارات أو قوانين أو تشريعات على مجمل قطاعات البلد والناس كذلك.

بالتالي أتفق مع ما مضى إليه عضوا الشورى السيدة جميلة سلمان، والسيد علي العرادي، بضرورة الحصول على جدوى واضحة من الناحية الاقتصادية للمقترح بحيث يُعرف مردوده على الاقتصاد الوطني، وكذلك تحويله للحكومة لمعرفة رأيها ورأي القطاعات المعنية بالتطبيق.

بيت القصيد هنا، أن الإجابة السريعة بـ«لا» أو «غير ممكن» لأي اقتراح لن تحظى بقبول كامل سواء من مقدم أي اقتراح، أو حتى الناس، بخلاف إن كانت الردود والإجابات مبنية على دراسات مفصلة تتضمن جداول تقديرية وأرقاماً داعمة، تؤكد أن القرار المتخذ هو الذي فيه المردود الأكثر إيجابية على الوطن. ولو خلصت الأمور للموافقة على المقترح، فالمستفيد والسعيد بالقرار حتماً سيكون المواطن، لأن رغبته تحققت، دون أن يتضرر الوطن.

لذلك أرى أنها فرصة مثالية لتطبيق آلية تخدمنا مستقبلاً بشأن اعتمادها كأسلوب تعامل لأي مقترح أو مشروع أو فكرة.