* مهما قلنا وكتبنا فلن نستطيع أن نوفي حق فريق البحرين المخلص على حسن إدارته ومتابعته وتنفيذه الفذ لخطط التعامل مع فيروس كورونا (كوفيد19) والحد من انتشاره.

فنجدد رسائل التحية والتقدير والشكر أولاً لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ولفريق عمله المتقن وللكوادر الطبية والإدارية في وزارة الصحة، وللكوادر الأمنية ولجميع الفرق والمؤسسات الداعمة للحملة الوطنية لمكافحة الفيروس، فما زالت هذه الفرق تواصل الليل بالنهار لخدمة الوطن والمحافظة على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تفشي هذا الفيروس، الأمر الذي ساهم في إشادة منظمة الصحة العالمية بجهود وإجراءات مملكة البحرين بشأن الفيروس.

فبارك الله في الجهود وسدد الخطى وحفظ البحرين من كل شر وسوء وبلاء وسقم.

* ما الذي يجري حولنا؟ هل هي ملامح من ملامح علامات الساعة؟ الوضع مخيف للغاية.. أيام الحياة متسارعة.. الناس تعتصر ألماً من أحوالها.. الخوف والوجوم تجده في العديد من الوجوه.. الخوف على الصحة.. على الأبناء.. الخوف من المرض.. الناس أضحت تخاف أن تمد يدها لتصافحك وأضحى البعض حبيس جدران المنزل.. حديث المجالس «كورونا».. وكل الأخبار التي تصلك عن «كورونا» وقصة كورونا وأحواله!! ما الذي يجري.. يتساءل صاحبي.. ماذا أصابنا.. وكيف تعاملنا مع هذه الأزمة «نفسياً».. الدولة تعاملت إدارياً وصحياً لمنع انتشاره.. نفوسنا كيف تعاملت مع الوضع؟ هل بقت كما هي لم تتغير؟؟ أم اعتبرت الوضع فرصة ومنحة حتى ترجع إلى ربها وتعدل من أهدافها في الحياة؟ نعم البعض تغير لأنه أدرك أن الحياة قصيرة وأحوالها السريعة لا تمهل الإنسان الكثير حتى يعمل.. فهي فتن وابتلاءات.. يجب على المرء من خلالها أن يحصن نفسه بالإيمان والقرب من الله.

* فجأة وبدون مقدمات توقف صاحبي عن المسير وظن أنه قد فقد السيطرة على تلك المؤونة التي يحملها على كاهله لتعينه على أداء دوره في كل خطوة يخطوها.

استغربت من هذا التوقف، ومن هذا التحول المثير والغريب الذي جعله ينسى الرؤية المحكمة التي حملها طيلة تلك السنين، بل ويتناسى أهداف حياته وصور سعيه في الخيرات.. لربما جاء الاستغراب من معرفتي الجيدة لقلب صاحبي وهمته وعطائه اللامحدود والذي يشار إليه بالبنان في كل ميدان.. اقتربت منه وسألته من قلب محب: ما الخطب يا صاحبي؟ فرفع رأسه وابتسم وظل يتأمل في تقاسيم وجهي التي كستها الحيرة والخوف من المجهول.. ظل يتأمل حتى قال كلمات قليلة أحسست بعدها بأني بحاجة ماسة إلى أن أتقرب إلى ميدان ربي أكثر مما سبق.. قال صاحبي: تحتاج أن تقف في مسيرك مرات ومرات متأملاً حالك ومسترجعاً ذكريات جميلة مرت بك ومستذكراً نعم ربك عليك واضعاً في نصب عينيك المصير الحتمي لكل إنسان على وجه هذه البسيطة.. لتقرر بعدها الخطوة القادمة التي ستخطوها في مسيرك بتجديد إيماني وحياتي يزيل عنك غبار الألم والشدة.

انتهى صاحبي من كلامه.. تأملت.. فإذا بي قد قصرت في مساحات التأمل في حياتي.. وحمدت ربي أن ألهمني حمده وشكره والثناء عليه فهي من أهم صور التأمل.. وهي الصورة الجميلة التي وجدتها في أيام بات فيها الناس يبحثون عن مأوى يحفظهم من «كورونا»!! اللهم لطفك بعبادك في مسيرهم نحو الفردوس.

* عندما نبحث عن الأمل في حياتنا، وهي الشعلة التي نحملها في مسيرنا، سنجده بلا شك في كل موقف من أيام الحياة، وسنجد ومضاته تتلألأ في كل موقف عصيب نمر به، وفي كل محنة تعتري حياتنا.. وهذا ما يجب أن نبصره في هذه الأيام التي نمر فيها بمحنة عصيبة أثقلت الجميع وأرهقت الأحاسيس وأخافت النفوس بفيروس صغير أوقف عجلة الحياة في الكثير من الدول بأمر من المولى الكريم عز وجل.. وله في ذلك حكمة وعظة للنفوس الغافلة ولأمر لا نعلمه.. لنتأمل آيات سورة الشرح، يقول تعالى: «فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا».

هو الأمل الذي يبزغ فبعد كل عسر يتبعه الأمل واليسر، الأمر الذي ينبغي للمؤمن معه أن يستشعر رحمة الله عز وجل في خلقه وحكمته في هذا الكون.

قال الحسن لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشروا، قد جاءكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين».

وما أجمل شعر الشافعي: ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج.

* بعض النفوس لا تقوى أن تظل بعيدة عن وصالك وإن اختلفت معك أحياناً في بعض الأمور الحياتية.. فهي وإن لمحت منها بعض التردد أو بعض الجفاء لفترات طويلة.. وإن لمحت منها ما يزعجك ويعكر صفو حياتك.. لكنها ما تلبث أن تعود إلى حضنك الدافئ وفاءً وحباً لك ولنفسك الطيبة وقلبك الأطيب.

في المقابل تجد مشاعرك المتجددة لا تتردد أن تعود لمعانقة أطياف محبته لإيمانك أن المحبة هي التي ستبقى من أجل الله عز وجل.

* في ظل الأوضاع التي تمر بها مملكتنا الحبيبة، وهي جزء من منظومة عالمية متقلبة بعد تحول فيروس كورونا (كوفيد19) إلى «وباء»، فإن الوضع يتطلب من كل مواطن أن يتحلى بالصبر والحكمة ويساهم في دعم الحملة الوطنية بأي طريقة كانت.

فيكفي أن نكون أكثر إيجابية في التعامل مع مجمل القرارات الصادرة من اللجان المعنية، ونحذر من الانجراف مع سيل الشائعات التي تنتشر في مثل هذه الأزمات، والتي يحلو للبعض الانجراف معها وتضييع أوقات الناس بمثل هذه التفاهات الفارغة.

المطلوب من الجميع التكاتف والتعاون من أجل حفظ لحمتنا الوطنية وحفظ وسلامة الأرواح وسلامة وطننا العزيز، ونشر التوعية اللازمة سواء الإيمانية أو الصحية، وأول دور يجب أن تقوم به بزرع الطمأنينة والتفاؤل بين أهلك، وأن لا تفتل عضلاتك بآراء وتوجهات لا ناقة لك بها ولا جمل.

حفظنا الله وإياكم من كل مكروه.

* ومضة أمل:

سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة.