بالرغم من أهمية الإجراءات الاحترازية التي طالبت بها منظمة الصحة العالمية للوقاية من فيروس كورونا إلا أن دول العالم اختلفت في سرعة تطبيقها لهذه الإجراءات مما أدى إلى التفاوت في معدل الإصابات بهذا الفيروس. وإلى جانب ذلك الاختلاف في أن فيروس كورونا أظهر نوعاً من التمييز في الإصابات والوفيات بين الجنسين في جميع دول العالم تقريباً، إذ أظهرت الإحصائيات العالمية أن الرجال أكثر عرضة للإصابة والوفاة بفيروس كورونا مقارنة بالنساء.
ففي إيطاليا، أظهرت دراسة شملت 1591مصاباً بفيروس كورونا أن معدل إصابة الرجال بلغت 52.9 %، مقارنة بـ 47.1 % إصابة للنساء، ولقد شكل الرجال نسبة 68 % من الوفيات. كما بينت التقارير الواردة من الصين أنه من بين 1099 مصاباً كانت نسبة الرجال 58 % مقارنة بنسبة 42 % من النساء وأن معدل الوفيات بين الرجال كان أكبر بـ 2.5 مرة من النساء وقد كانت النتائج هذه مشابهة لما تم ملاحظته في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الدافع الذي يجعل الرجل مضطراً إلى مغادرة المنزل في هذه الجائحة كالذهاب إلى العمل أو شراء احتياجات المنزل، قد يكون سبباً مقنعاً للبعض لتفسير هذه الزيادة في الإصابات بينهم، إلا أن التفسير المنطقي يتطلب أن تكون الإصابة متساوية بين الجنسين حيث إن هذا الرجل سينقل العدوى لعائلته وبالتالي لابد من وجود أسباب أخرى أكثر واقعية حيث يمكن أن نعزي هذه الاختلافات بصورة عامة إلى أسباب سلوكية وأخرى بيولوجية. فالأسباب السلوكية قد تشير إلى أن هذا الارتفاع بمعدل الإصابات بين الرجال يرجع إلى عدم تطبيقهم لإجراءات السلامة مقارنة بالنساء اللواتي من الواضح أنهن أكثر حرصا منهم في هذا الجانب.
وربما لأن المرأة هي المسؤول الأول عن النظافة وإعداد الطعام في المنزل ويلزمها هذا الأمر استعمال الماء والصابون أكثر. ومن الأسباب السلوكية أيضاً هو أن نسبة المدخنين الرجال أعلى من نسبة المدخنات في معظم دول العالم. وكما هو معروف فإن التدخين هو أحد الأسباب الرئيسة للأمراض المزمنة، كما يعمل على إضعاف مناعة المصاب وتفاقم آثار المرض على الجسم. ومن الأسباب السلوكية التي كشفت عنها دراسة أمريكية أن الرجال قد يخجلون من ارتداء الكمامات الواقية في الأماكن العامة، ظناً منهم أن هذا الإجراء الوقائي قد يمثل علامة ضعف.
أما الأسباب البيولوجية فقد يلعب الكروموسوم (X)، الذي تحمل النساء منه نسختين دوراً في ذلك. ويحمل الكروموسوم (X) الجينات المسؤولة عن تشفير البروتين الذي يمكن الجهاز المناعي من التعرف على الفيروسات مثل فيروس كورونا ولهذا تكون الاستجابة المناعية تجاه فيروس كورونا أقوى مرتين لدى النساء. كما قد يشكل اختلاف إنزيم ACE2 الموجود على أسطح الخلايا في الرئة والكلية وغيرها من الأعضاء والذي يرتبط به الفيروس سبباً آخر لحماية المرأة كونه يوجد بنسبة أكبر لدى الرجال.
وختاماً، بالرغم من تنوع هذه الأسباب إلا أننا في حاجة إلى المزيد من البحوث لإلقاء الضوء على أسباب قد تكون أكثر دقة في تفسير معاناة الرجال من فيروس كورونا.
* أخصائية طب مجتمع ووبائيات
{{ article.visit_count }}
ففي إيطاليا، أظهرت دراسة شملت 1591مصاباً بفيروس كورونا أن معدل إصابة الرجال بلغت 52.9 %، مقارنة بـ 47.1 % إصابة للنساء، ولقد شكل الرجال نسبة 68 % من الوفيات. كما بينت التقارير الواردة من الصين أنه من بين 1099 مصاباً كانت نسبة الرجال 58 % مقارنة بنسبة 42 % من النساء وأن معدل الوفيات بين الرجال كان أكبر بـ 2.5 مرة من النساء وقد كانت النتائج هذه مشابهة لما تم ملاحظته في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الدافع الذي يجعل الرجل مضطراً إلى مغادرة المنزل في هذه الجائحة كالذهاب إلى العمل أو شراء احتياجات المنزل، قد يكون سبباً مقنعاً للبعض لتفسير هذه الزيادة في الإصابات بينهم، إلا أن التفسير المنطقي يتطلب أن تكون الإصابة متساوية بين الجنسين حيث إن هذا الرجل سينقل العدوى لعائلته وبالتالي لابد من وجود أسباب أخرى أكثر واقعية حيث يمكن أن نعزي هذه الاختلافات بصورة عامة إلى أسباب سلوكية وأخرى بيولوجية. فالأسباب السلوكية قد تشير إلى أن هذا الارتفاع بمعدل الإصابات بين الرجال يرجع إلى عدم تطبيقهم لإجراءات السلامة مقارنة بالنساء اللواتي من الواضح أنهن أكثر حرصا منهم في هذا الجانب.
وربما لأن المرأة هي المسؤول الأول عن النظافة وإعداد الطعام في المنزل ويلزمها هذا الأمر استعمال الماء والصابون أكثر. ومن الأسباب السلوكية أيضاً هو أن نسبة المدخنين الرجال أعلى من نسبة المدخنات في معظم دول العالم. وكما هو معروف فإن التدخين هو أحد الأسباب الرئيسة للأمراض المزمنة، كما يعمل على إضعاف مناعة المصاب وتفاقم آثار المرض على الجسم. ومن الأسباب السلوكية التي كشفت عنها دراسة أمريكية أن الرجال قد يخجلون من ارتداء الكمامات الواقية في الأماكن العامة، ظناً منهم أن هذا الإجراء الوقائي قد يمثل علامة ضعف.
أما الأسباب البيولوجية فقد يلعب الكروموسوم (X)، الذي تحمل النساء منه نسختين دوراً في ذلك. ويحمل الكروموسوم (X) الجينات المسؤولة عن تشفير البروتين الذي يمكن الجهاز المناعي من التعرف على الفيروسات مثل فيروس كورونا ولهذا تكون الاستجابة المناعية تجاه فيروس كورونا أقوى مرتين لدى النساء. كما قد يشكل اختلاف إنزيم ACE2 الموجود على أسطح الخلايا في الرئة والكلية وغيرها من الأعضاء والذي يرتبط به الفيروس سبباً آخر لحماية المرأة كونه يوجد بنسبة أكبر لدى الرجال.
وختاماً، بالرغم من تنوع هذه الأسباب إلا أننا في حاجة إلى المزيد من البحوث لإلقاء الضوء على أسباب قد تكون أكثر دقة في تفسير معاناة الرجال من فيروس كورونا.
* أخصائية طب مجتمع ووبائيات