محظوظون شباب هذا العصر، فقد أتاحت لهم التكنولوجيا الحديثة التعبير عن رأيهم بمنتهى الحرية ليصل صوتهم إلى أبعد مدى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بل وسرعة تناقل الأخبار التي أثرت على قطاع كبير من الإعلام المطبوع والمرئي، ولكن قطاع الإعلام يلتزم بالضوابط والقوانين والعرف المهني وما زال أكثر مهنية وخبرة من هؤلاء الشباب.

للجميع الحق في التعبير عن رأيه وانتقاد الأحداث التي يرى بها عواراً مجتمعياً أو قانونياً أو حتى انتقاد تصرفات بعض الأشخاص إذا كان لها تأثير على المجتمع ولكن ليس له الحق في كشف أسرارهم أو التدخل في شؤون حياتهم الخاصة، أو إلقاء التهم جزافاً فبين المهنية وحق الآخرين فروق كبيرة، فالبعض أحياناً يستخدم مواقع التواصل لتصفية الحسابات والتشهير.

وما بين المهنية والخبرة مقابل الحماس والاندفاع الشبابي يجب أن يكون هناك تكامل، وأن نتعلم أن سقف حريتنا يقف عند حرية الآخرين، فكما تدرك ما لك يجب أن تدرك ما عليك، وفي ظل الحرية المطلقة لمواقع التواصل الاجتماعي، التي تفتقر للضوابط يجب أن يكون هناك وازع داخلي لما يتم تناقله خلالها، فنحن في مجال الصحافة لنا مرجعيات «رئيس قسم، مدير تحرير، رئيس تحرير»، فوجود العديد من الفلاتر الإدارية تؤدي إلى وجود وعي إدراكي أثناء تحرير العمل بوجوب التزام المهنية والحفاظ على القوانين والعرف المهني، أما في مواقع التواصل فالأمر يختلف تماماً، فبالإضافة لحداثة السن وقلة الخبرة، وعدم وجود فلاتر تساهم في ضبط الإيقاع.

لا ننكر أن هذه المواقع أتاحت لهذا الجيل القدرة على التعبير والطرح ولكن هذه المواهب تحتاج إلى الصقل والرعاية، لتجعلهم صوت الحق النابض بما لا يمس بحق الآخرين، وتعريفهم بالجهات الرقابية التي تساعدهم على تحديد القنوات التي يجب أن يطرحوا ما لديهم معها، فما بين القضايا العامة والقضايا الخاصة شأن آخر، وما بين حرية التعبير والجور على حق الآخر حدود لا يجب أن نتجاوزها، ودائماً الشك دون قرينة مصاحبة يستلزم الصمت.

ربما يجب توجيه هذه القدرات الواعدة في انشاء صحف إلكترونية تستفيد بهم وتصقل موهبتهم.

كما يجب وضع قوانين وميثاق أخلاقي يلتزم به الجميع، وهذه ليست دعوة لكبت الحرية أو تقويض الهمم، بل هي دعوة لجعل الأمور في نصابها الصحيح، طالما أن الدولة وفرت العديد من القنوات الشرعية لمحاسبة المقصرين ورد الحقوق لأصحابها.