في الآونة الأخيرة، حدث وأن سمعت مجموعة من الآراء حول «الطائفة» وكذلك «الطائفية»، وهنا لا بد من أن نفرق بينهما ونلقي الضوء على العلة والتي لا بد من التخلص منها من دون إنذار، كونها سبب الخراب والدمار باختصار.

وهنا علينا أن ننتبه لا أن نحتار، في أن حرية المعتقد ليست عاراً ويجب أن نفرض على الناس ماذا تختار. وهنا يظهر لنا السؤال الذي يدور في رأس الناشئة والأحرار.. هل يمكن للطائفة أن تعمل كل الأفعال المسيئة والمشينة وتخلق العداوة مع القريب أو الجار؟

فأنا هنا لست بصدد أن أفرض عليكم قناعاتي الشخصية ولكن لا بد من توضيح بعض المفاهيم لإنسانة نشأت في بلد كتب على جبينه بأنه «بلد الطوائف» بافتخار.

حقيقة للتوضيح فإن «الطائفة» لم تخلق عداوة بين العم أبي نبيل السني وجاره الشيعي أبي علي وتمنعهما من لعبة طاولة الزهر على ضوء القنديل ذاك المساء. و «الطائفة» لم تمنع الخواجة إلياس من أن يعطي خصماً معتبراً إلى العم فايز الدرزي على جملة مشترياته.

«الطائفة» لم تمنع هاكوب الطبيب الأرمني في أن يتوجه منتصف الليل العاصف إلى بيت الطفل حسن لمعالجته ويرفض أن يأخذ ثمن العلاج.

«الطائفة» سمحت لليلى أن تشتري هدية إلى ريتا، عشية عيد الميلاد والشجرة معاً تزينان.

«الطائفة» لم تمنع أم حسين من أن ترسل ابنتها إلى جارتها أم عمر وتقول لها: «ماما بتسلم عليك ومثل كل سنة هذا صحن الهريس خصيصاً لك يا خالة».

«الطائفة» لم تزعزع عيشة الود والأمن والأمان بين الجميع كما يصورون لكم أعداء الإنسانية والدين، والذين اقتاتوا يومهم من مبدأ «التفريق» والتخفي وراء الصريخ والوعيد، وكل من كان بيده قبضة من حشيش نصب نفسه زعيماً وأصبح على الأقلية من المهيمنين، وأثار الفتنة وشق الصف بين الجميع. من مبدأ القوة للأكثرية وبدأ يزرع في عقول القطيع: «أي شخص ليس منا فهو ضدنا وعلينا الحذر منه وننصب المكائد له دون تفكير»، وبهذا المبدأ التخريبي شاعت الفاحشة وكثر الخراب في العقول قبل الديار وانكسر الصف وأصبح الكل يقف للثاني بالمرصاد.

فعلينا التفريق بين «الطائفة» و«الطائفية»، حيث إن الأخيرة سبب البلاء، فعلينا أن نحارب هذه «السوسة»، في حين أنه ليس هناك خلاف على «الطائفة» أو الاختلاف لأنه لا يمكن أن يجعل بيني وبينك ائتلافاً وانسجاماً وتواصلاً وانفتاحاً وتعلماً وترفعاً وارتقاء فردياً ومجتمعياً على حد سواء. والسلام ختام.