كلما حدث فراغ إعلامي وتأخرت أي من الهيئات أو الوزارات الحكومية في الرد أو التصحيح، طرح هذا السؤال المتكرر أين المنصات الرسمية الإعلامية لِمَ لا تتحرك؟

الحقيقة التي يعرفها أي عامل في أي وسيلة إعلامية في أي بلد في أي مكان وأي طالب في كلية إعلام هي أنك لا تستطيع أن تلوم أي منصة إعلام رسمية عن التقصير في وصول المعلومة للرأي العام، إن لم تمنحها حرية الوصول للمعلومة.

فبالنسبة لوضعنا في البحرين مثلاً المنصات هي «مركز الاتصال الوطني» و«وكالة أنباء البحرين» و«التلفزيون والإذاعة» و«حسابات الوزارات والهيئات الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي».

إن نظرنا إلى مستوى جاهزية تلك المنصات فجميعها على أهبة الاستعداد وموظفوها جاهزون ومستعدون وآلية عملها ونظامها مستعد ويفصل بين إطلاق أي معلومة للناس من أي جهة رسمية ووصولها للمنصة دقائق فقط.

أي تأخير أو تعطيل دائماً ما يكون من:

أولاً وجود أو عدم وجود نظام التخاطب (السيستم) الإعلامي الذي يحدد للجهات الرسمية متى وكيف ومن سيرد.

ثانياً وسيلة التخاطب ونقصد هنا شخصية المتحدث أو جودة الرسالة المراد نشرها (المحتوى).

ثالثاً تعدد المنصات وجاهزيتها.

إن أعددنا العنصرين الأوليين جيداً وأصبح لدينا (سيستم) فعال سريع ويعمل بتلقائية ومعمم على جميع الهيئات والوزارات، «نظام» يحاسب المقصر في الالتزام بالتعليمات التي يصدرها «مجلس الوزراء» فقد قطعنا نصف الطريق، فمجلس الوزراء هو الجهة التي تفرض على جميع الوزراء سياستهم الإعلامية، وإن أعددنا متحدثين جيدين وكتاب نصوص جيدين فقد قطعنا النصف الثاني.

أما العنصر الثالث أي «المنصات» فهي موجودة في البحرين كما قلنا وتتخذ وضعية الانطلاق 24 ساعة ومتعددة ومتنوعة وجاهزة.

لكن في كل مرة تحدث مشكلة فراغ معلوماتي أو سوء فهم لمعلومات أو قصور في وصول المعلومات أو سكوت حيث يجب الكلام نلوم «المنصات» ولا ننتبه أن هذه المنصات مهما بلغت درجة إعدادها وتأهيلها وتجهيزها فستظل فارغة ما لم تزودها الجهة صاحبة الشأن بالمحتوى وبالسرعة المفروضة، وفي هذه الحالة السؤال الذي يجب أن يطرح أين الحكومة؟ لا أين المنصة الإعلامية؟

الواقع البحريني هو أن الجهات الحكومية وزارات وهيئات (متروكة) لتقدر هي كل على حدة التوقيت المناسب والرد المناسب والطريقة المناسبة، (فالسيستم) غير ثابت وغير موجود، وغير ملزم، وغير موحد، ليس هناك (مانيول) موحد للوزارات يجبرها على الالتزام به، والنظام مع الأسف لا يسمح لأي «منصة» رسمية أن تجبر أي وزارة من الوزارات على أن تستخدمها، أو أن تجر أي مسؤول لها وتجبره على التحدث كما لا تستطيع أي منصة أن تجيب نيابة عن أي وزارة، هذه معلومة تعد من ألف باء السياسات الإعلامية.

لهذا نجد الاختلاف والتفاوت بين وزارة ووزارة في التعامل مع الرأي العام، فتجد وزارة سريعة ومستعدة ولا يفصل بين انتشار معلومة خاطئة عنها أو الحاجة لنشر معلومة صحيحة منها إلا ساعة أو أقل، وتعرف هذه الوزارة طريقها المفتوح لجميع المنصات الرسمية، فتسارع في استخدامها ولديها متحدثون جيدون تم إعدادهم وتأهيلهم، وتعرف تختار أي المنصات لأي رسالة.

وبالمقابل هناك وزارات وهيئات تطير الطيور بارزاقها وتعم الفوضى والناس تتذمر وتنتشر معلومات خاطئة عن أدائها وهي (متروكة) لتحدد هي وقت الرد أو عدم الرد أو من يرد أو كيف سيرد؟ هذا إن ردت.

ووزارات تتخذ من (اعمل نفسك ميتاً) إلى أن تأتيها التعليمات من فوق بأن تتحرك!

الذي يزيد الأمر تعقيداً أن جميع المنصات الإعلامية الرسمية قادرة وعلى استعداد أن تبادر هي وتتحرك وتصل إلى الجهة في مكانها وتأخذ المعلومة وتطلقها، موظفوها جاهزون ومعداتها جاهزة، وتستطيع بما لديها من إمكانيات أن تنقل لك المحتوى المطلوب فوراً من مكانها لو أنهم أعطوا التصريح والسلطة لاتخاذ هذا القرار وهذه في النهاية سياسة تحددها الحكومة وتقرها وتلزم بها جميع وزاراتها وهيئاتها.

فإلى حين نصل لمرحلة أن سياسة الحكومة التي يصدرها مجلس الوزراء تلزم أي مسؤول في أي وزارة حتى لو كان الوزير وتجبره على الإجابة على موظف أي منصة إعلام رسمية يقف على بابه، فإننا نستطيع بعدها أن نحاسب المنصات على التقصير.

افتحوا أي كتاب في كلية الإعلام ستجدون هذه المعلومات تدرس في السنة الأولى.