مساحة بيوت الإسكان كانت دائماً موضوعاً للتجاذبات بين النواب ووزير الإسكان، النواب يلومون الوزير على صغر مساحة الغرف، والآن يلومونه على مواقع النوافذ في الغرف!! باختصار مساحة البيت غير مقبولة وهندسة البيت أيضاً غير مقبولة.

وعموماً زيارات النواب الميدانية من الأمور المحمودة لأنها تعطيهم فرصة لتقييم الأداء الحكومي على الأرض ونشجع النواب النشطين الذين يغادرون مكاتبهم ويرون بأم أعينهم الأداء الحكومي سواء كان وزارة إسكان أو تجارة أو بلدية أو أشغالاً أو صحة، على أن لا يكون ذلك تداخلاً في السلطات أي أن تستخدم أدواتك النيابية داخل الجلسة وتسأل الوزير عما رأيته وشاهدته بنفسك، إنما المشكلة المتكررة مع السادة النواب أنهم في اقتراحاتهم برغبة أو في تقييمهم الميداني لا يجتهدون ولا يتريثون بل يقدمون اقتراحهم أو تقييمهم مباشرة وباستخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي، هذا الأسلوب ممكن أن يحصل فيه النائب على التصفيق لكن في النهاية لا يستفيد منه المواطن، لأنك حين تقدمت بالاقتراح لم تفكر كيف ممكن تحقيقه وحين قدمت النقد لم تفكر ما هو البديل، وهذا أسلوب غير احترافي أو مهني وليس تقييماً دقيقاً.

لن أدافع عن أي وزير ولن أدافع عن وزير الإسكان ونقول إنه فعل كذا وفعل كذ فهذا واجبه وهذا دوره، ولن أقول إن تمنياتنا مع النواب بأن يكون لكل مواطن بيت فسيح واسع أمراً غير مطلوب بل بالعكس هذا ما نتمناه لكل البحرينيين، إنما تقييمك كنائب هو بأن تحسبها أنت وتقدم للوزير الحسبة الصح وتثبت أنه غلطان.

خذ عدد طلبات الإسكان مع مساحة الأرض المخصصة للإسكان مع الميزانية المخصصة له، واجمعهم واقسمهم وحدد مساحة الأرض ومساحة البناء داخل الأرض، فإن خرجت بحسبتك بإمكانية أن تكون مساحة الأرض أكبر ومساحة البناء أكبر وأوسع فلك أن تحاسبه هنا على تقصيره، وإن اكتشفت أن هناك تلاعباً في مناقصات البناء وهناك غشاً في المواد لم يعالج من المقاولين فلك أن تحاسبه، وهذا وارد وهنا سنصفق لك كلنا لأنك وضعت يدك على موضع الخلل ومارست دورك الرقابي بمهنية عالية، لكن تدخل البيت و«اتفرفر» فيه والكاميرا تصاحبك وتصرح «هذا غلط وهذا لا يجوز» فهذه حسبة ظالمة لا عدل ولا إنصاف فيها، العدل أن تضع نفسك موضع الوزير وتكشف نواحي القصور في أدائه، بمعنى أن تعرف أدواته وإمكانياته وتحدياته وترى أنك ممكن أن تقدم الأفضل، وتعطي الدليل على ذلك.

الرقابة النيابية على أداء الحكومة بجميع أدواتها متاحة لك وليس هناك أسرار وتستطيع أن تطلب البيانات التفصيلية من أي وزير هذا حقك وحقنا كناخبين، ونفرح حين نرى نائباً يفكر بناخبيه وبكل مواطن بحريني باعتباره حين فوزه يمثل الشعب كله، نسعد أن يفكر النائب براحتهم ومصلحتهم فهذا واجبه، ونسعد أكثر حين يكون نشطاً ويتحرك ويسأل شهناك من يعد الطعام بعدها، ونفرح أكثر حين نراها «اصطكت» على الحكومة فقد أفحمها سعادة النائب، ولكن حين نرى أن النائب لا تهمه الإجابة أو الحقيقة أو الواقع كل همه براءة الذمة فقط، وحين يرد الوزير ولا نرى تعقيباً، نحزن.

كثير من اقتراحاتكم براءة ذمة، لا فكرتم من أين سيتوفر لها ميزانية ولا فكرتم بجدواها الاقتصادية ولا أتعبتم أنفسكم واجتهدتم حتى يكون لاقتراحاتكم معنى وتكون قابلة للتفنيذ، وكثير من انتقادكم ومحاسبتكم براءة ذمة فقط تصريحاتكم تذوب مع الردود الحكومية وتختفي.

أعزائي النواب مثلما تعدون على الحكومة «الطعام» أي النواة، الرأي العام يعد «الطعام» بعدكم، ليكن اقتراحكم مدروساً وكاملاً وليكن نقدكم مدروساً ومتأنياً، سجلوا «جول» وكلنا سنفرح لكم، ولكن مع الأسف كل «شوتاتكم» خارج الملعب!!