في البيت الأبيض سقط «سهواً» من درس التاريخ اليمني الذي يقدم ضمن التقرير الاستخباري للرئيس جو بايدن، أن الحوثي لا ينصاع إلا إذا علوت رأسه بالحسام، ليس في زمن انتزاعهم للشرعية لكن في حروبهم مع صالح قبل عقود. وبدلاً من الاتعاظ بمقولة كبير الملاحدة كارل ماركس بأن التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة، راح بايدن يورد مبررات إلغاء توصيف الحوثيين كمنظمة إرهابية بمسوغات عدة، منها أن وصفهم بذلك يعرض منظمات إغاثة في اليمن للعقوبات الأمريكية، ومنها رضوخه لمنظمات حقوقية وإنسانية، لكن الصحيح أن رفع اسمهم من القائمة يعود إلى ان الانتهازية كطبيعة بشرية إنسانية تتجول في كل شبر من البيت الأبيض، فالإلغاء جزء من القتل المعنوي لترامب، والإلغاء سيعطي الدبلوماسية فرصة التدخل في اليمن ربما للسعي لإبقائه مقسماً كسوريا والعراق وليبيا، وإن لم يكن ذلك بصورة رسمية، كما أن الأمر فيه محاباة لإيران التي تتقرب منها الإدارة الديمقراطية، والأمر أيضاً أداة ضغط وابتزاز لدول الخليج.ولقبول الأمر الواقع ولوقف عمليات قوات التحالف العربي الداعم للشرعية، استقبل الحوثيون قرار رفع اسمهم من قائمة الإرهاب الأمريكية برسائل عدوانية لواشنطن نفسها، وكأنها تقول إن رفعهم من قائمة الإرهاب لا يعنيهم بشيء، فأغارت مسيراتهم وصواريخهم على الأراضي السعودية ضد أهداف مدنية في عدوان سافر. أما داخل اليمن فقد ظهرت ويلات ما بعد قرار الرفع بقرارت ضد الشعب اليمني مثل البدء بجمع الإتاوات من الشعب اليمني بقرار إغلاق محطات وقود في صنعاء مما دفع سيارات الأجرة وحافلات النقل لمضاعفة تعريفتها، تبعه تحديد محطات يديرونها والاستحواذ على كل الوقود ورفع أسعاره حتى يملأون خزينة الدولة الخاوية. كما لم يترددوا في إعادة تعريف أنفسهم كقوة طائفية عدوانية فاستهدفوا مسجد القاسمي وهو أكبر المساجد في محافظة الحديدة، وهدموا جامع النهرين الأثري والتاريخي الذي يتجاوز عمره ألف وثلاثمائة عام في صنعاء.* بالعجمي الفصيح:أعلن بايدن أن قراره بطهارة الحوثيين لا يمنع نظرته لسلوكهم المستهجن، مما يعني أن القرار مشروط. لكن ذلك لم يردع الحوثيين فهم يراهنون على أن الانتهازية الأمريكية قد أخذت بيد بايدن تتجول معه بين قراراته.* كاتب وأكاديمي كويتي