هل تحب الذهاب إلى عملك؟ أم تكره مجرد فكرة النهوض صباحاً والتوجه إليه؟!

قبل الإجابة، عليك أن تعرف تصنيف نفسك، فإن كنت صاحب مؤهلات وشخصاً يمتلك ضميراً وحساً وطنياً، وهدفك خدمة هذا الوطن، والمساهمة بقوة في «المشروع الإصلاحي» لجلالة الملك حفظه الله، وتمثلت إجابتك بـ»نعم»، أكره الذهاب إلى عملي. هنا سأجزم بأنك ترى في موقع عملك «كوارث» و»ممارسات» لا يجب أن يقبل باستمرارها في «زمن الإصلاح» الذي يقوده الملك حمد، ولا في زمن «دعم الكفاءات وتمكينها» الذي يحرص عليه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله.

هناك مقولة إدارية رائعة خالدة تقول: «اذهب إلى عملك، وكأنك ذاهب إلى موعد غرامي»، في إشارة لضرورة وجود رابط الحب بينك وبين عملك. لكن للأسف كثيرون يعجزون عن ذلك، لا لخلل فيهم، بل لأن الحب أبدل بالكره بسبب ممارسات خاطئة وظلم حول موقع العمل لبيئة طاردة.

هناك في المقابل كفاءات تحب أعمالها وتذهب لها بنفس منفتحة تبدع وتعمل وتبذل قصارى جهدها، وهنا السبب لا ينحصر في كونها كفاءات لديها روح إيجابية لا تتأثر حتى وإن أحاطت الأجواء السلبية بها، لأن الواقع يقول بأن الأجواء المثبطة إن زادت كثافتها فإن كل شيء جميل يموت، وكل كفاءة تقتل، بالتالي السبب الرئيس يتمثل بـ«القيادة الصالحة» و-«الإدارة النظيفة».

البيئات الطاردة يصنعها المسؤولون عنها إن هم انحرفت بوصلتهم، وضاعت مبادئ العمل بسبب ضعف النفس البشرية، فينسون المهمة الأساسية وينشغلون بأمور أخرى تخدم شخوصهم وتحقق لهم المكاسب، وحينما يكون الوسط مهيئاً لعملية «إفساد» المسؤول وإن كان نزيهاً نظيفاً، من خلال وجود مغريات سهلة المنال، ووجود جوقة فاسدة وعناصر غير كفؤة لا تبرع في العمل بقدر ما تبرع في التملق وإيغار صدر المسؤول على الكفاءات، ويكون المسؤول «سهلاً» بحيث ينحرف ويضرب بالمبادئ عرض الحائط، هنا الكفاءات تدخل أطوار معاناة لا تنتهي، إن صمد بعضهم فهو يذوب ويذوي، وإن قرر بعضهم حسم أمره، فلا شيء أمامه سوى الرحيل.

ما أتمناه أن نصل يوماً لنرى المسؤول الفاسد إدارياً، الفاشل عملياً، هو الذي يغادر موقع العمل ومعه زمرته المتمصلحة منه، وتبقى كفاءاتنا وتثبت أرجلها في القطاعات، وتوكل لها المهام وتمنح الثقة، إذ لا نهضة قامت، ولا عملية إصلاح تحققت، إلا عبر المصلحين من أهل الكفاءة والخبرة والأهم من المخلصين لبلادهم وقيادتهم، أما استمرار المفسدين غير المنتجين الباحثين عن مصلحتهم الشخصية ووضعها فوق مصلحة الوطن، فهو السبب في تحويل مواقع العمل إلى «بيئات طاردة» للكفاءات، والنتيجة مزيد من الانغماس في الفشل والتخبطات، ودافع الثمن في النهاية هو الوطن.