قد تقضي ردحاً من حياتك مطارداً شيئاً ما، أو محاولاً القيام بشيء مؤثر بنوع ما، ثم تنصدم بأنك كمن يحاول أن يحفر جبلاً من حجر الصوان بملعقة بلاستيكية.
هناك من يستسلم فوراً، فلا هامش مناورة لديه هنا مع الإحباط ويسلم نفسه رهينة لليأس. وهناك من يكابر ويحاول ويجاهد ويصر على حفر الصخر عله ينجح، والمشكلة أن الغالبية العظمى منهم لا ينجح، لا لخلل فيهم، ولا لأن ما يقاتلون من أجله من مبادئ وأعراف وثوابت غير صحيح، بل لأن الخلل يكمن في المنظومة، في «السيستم» في المكونات نفسها. بالتالي حتى لو كان لديك معول حديدي أو حتى متفجرات ديناميتية سيظل الجبل مكانه ولن يتزحزح.
أخطر مراحل الكفر، هي «الكفر بالقناعات»، وهذا التوصيف يمكن سحبه حتى على الاعتقاد والإيمان بالدين. لكن بمعزل عن ذلك، نتحدث هنا عن الفضائل والأخلاقيات والمبادئ والأعراف والقناعات الأخرى التي تكون شخصية الشخص وتحدد مساراته وتقوده في اتجاهاته.
أخطر شيء يمكن لمن يحمل «هم الفضيلة» ولواء «محاربة الأخطاء» ورسالة «التصحيح»، أن يصل لمرحلة يكفر فيها بكل هذه القناعات، أن يصل لمرحلة يقرر فيها التخلي عن كل شيء، لا كرهاً وبغضاً فيما كان يفعل، وعما كان يدافع، بل لأنه وصل لقناعة «أخيرة» خطيرة جداً، مفادها بأن كل هذا السجال، كل هذا الصراع، كل هذا البذل ومحاولة التعديل، كلها «هدر» لعمره وحياته وطاقته ولربما ماله، كلها «مضيعة للوقت» في زمن ووضع بات المحارب فيه من أجل «الفضيلة» و«الإصلاح» هو من تتم محاربته، ومن يسعى للبناء والتصحيح هو من تتم تخطئته ومن يوسم بأنه ساع وراء المشاكل والفوضى!!
كم من قطاع في هذا البلد، وصل فيه كثير من الموظفين إلى قناعة بأنهم مهما فعلوا، مهما قالوا، مهما تحركوا فإن لا شيء سيتغير؟! وحتى لو كان الخطأ صارخاً فاضحاً طافحاً على السطح، لا شيء سيتغير؟! وحتى لو كانت الكوارث الإدارية تمشي على أقدامها مستعرضة وكأنها في عرض للأزياء، فإن لا شيء سيتغير؟!
فقط أسأل، كم منكم فكر هكذا؟! كم منكم قالها بالبحريني «خلها على الله»؟!
كل هذا يعني أن هناك نوعاً من «الكفر» في قناعات كانت فيما سبق ثوابت لا يمكن الحيد عنها.
لا يكفر بقناعاته إلا من عانى وذاق الأمرين لأجل تحقيقها والدفاع عنها، لا يكفر بها إلا من يرى المجتمع ينادي بها، ويرى الجميع يرفعها كشعارات، يرى الكل يتفق عليها، لكن حينما يأتي ليطبقها ويرسخها ويحاول تحقيقها ينصدم بأنها ليست ثوابت وقناعات وأعرافاً بقدر ما هي «شعارات» و«أقوال» و«إكسسوارات إعلامية»، الحرب عليها أكبر وأشد من الحرب لأجلها وبهدف إحقاقها. وعليه لِمَ التعب، ولِمَ النصب، ولِمَ الكفاح من أجل التصحيح ونحن أصلاً نحارب التصحيح؟!
حينما يصل أي فرد إلى مرحلة يقول فيها بأنه «كفر بقناعاته»، فإن ذلك يعني دقاً لناقوس خطر، يعني بأننا خسرنا فرداً هنا وآخر هناك وثالث وراءهم، والسبب ليسوا هم، بل الوضع الذي أوصلهم لحافة الكفر!
{{ article.visit_count }}
هناك من يستسلم فوراً، فلا هامش مناورة لديه هنا مع الإحباط ويسلم نفسه رهينة لليأس. وهناك من يكابر ويحاول ويجاهد ويصر على حفر الصخر عله ينجح، والمشكلة أن الغالبية العظمى منهم لا ينجح، لا لخلل فيهم، ولا لأن ما يقاتلون من أجله من مبادئ وأعراف وثوابت غير صحيح، بل لأن الخلل يكمن في المنظومة، في «السيستم» في المكونات نفسها. بالتالي حتى لو كان لديك معول حديدي أو حتى متفجرات ديناميتية سيظل الجبل مكانه ولن يتزحزح.
أخطر مراحل الكفر، هي «الكفر بالقناعات»، وهذا التوصيف يمكن سحبه حتى على الاعتقاد والإيمان بالدين. لكن بمعزل عن ذلك، نتحدث هنا عن الفضائل والأخلاقيات والمبادئ والأعراف والقناعات الأخرى التي تكون شخصية الشخص وتحدد مساراته وتقوده في اتجاهاته.
أخطر شيء يمكن لمن يحمل «هم الفضيلة» ولواء «محاربة الأخطاء» ورسالة «التصحيح»، أن يصل لمرحلة يكفر فيها بكل هذه القناعات، أن يصل لمرحلة يقرر فيها التخلي عن كل شيء، لا كرهاً وبغضاً فيما كان يفعل، وعما كان يدافع، بل لأنه وصل لقناعة «أخيرة» خطيرة جداً، مفادها بأن كل هذا السجال، كل هذا الصراع، كل هذا البذل ومحاولة التعديل، كلها «هدر» لعمره وحياته وطاقته ولربما ماله، كلها «مضيعة للوقت» في زمن ووضع بات المحارب فيه من أجل «الفضيلة» و«الإصلاح» هو من تتم محاربته، ومن يسعى للبناء والتصحيح هو من تتم تخطئته ومن يوسم بأنه ساع وراء المشاكل والفوضى!!
كم من قطاع في هذا البلد، وصل فيه كثير من الموظفين إلى قناعة بأنهم مهما فعلوا، مهما قالوا، مهما تحركوا فإن لا شيء سيتغير؟! وحتى لو كان الخطأ صارخاً فاضحاً طافحاً على السطح، لا شيء سيتغير؟! وحتى لو كانت الكوارث الإدارية تمشي على أقدامها مستعرضة وكأنها في عرض للأزياء، فإن لا شيء سيتغير؟!
فقط أسأل، كم منكم فكر هكذا؟! كم منكم قالها بالبحريني «خلها على الله»؟!
كل هذا يعني أن هناك نوعاً من «الكفر» في قناعات كانت فيما سبق ثوابت لا يمكن الحيد عنها.
لا يكفر بقناعاته إلا من عانى وذاق الأمرين لأجل تحقيقها والدفاع عنها، لا يكفر بها إلا من يرى المجتمع ينادي بها، ويرى الجميع يرفعها كشعارات، يرى الكل يتفق عليها، لكن حينما يأتي ليطبقها ويرسخها ويحاول تحقيقها ينصدم بأنها ليست ثوابت وقناعات وأعرافاً بقدر ما هي «شعارات» و«أقوال» و«إكسسوارات إعلامية»، الحرب عليها أكبر وأشد من الحرب لأجلها وبهدف إحقاقها. وعليه لِمَ التعب، ولِمَ النصب، ولِمَ الكفاح من أجل التصحيح ونحن أصلاً نحارب التصحيح؟!
حينما يصل أي فرد إلى مرحلة يقول فيها بأنه «كفر بقناعاته»، فإن ذلك يعني دقاً لناقوس خطر، يعني بأننا خسرنا فرداً هنا وآخر هناك وثالث وراءهم، والسبب ليسوا هم، بل الوضع الذي أوصلهم لحافة الكفر!