منذ بدأت جائحة كورونا وأنا أحاول تخيل مشاعر كل طبيب وكل ممرض وكل شخص محسوب على الكادر الطبي، كيف يعمل؟ وبماذا يشعر وهو يرى بعينه ما يحصل يومياً؟ ما هي أحاسيسه عندما يرى حالات تتداعى أمامه؟ ما هي ردة فعله عندما ينقذ مصاباً، وما هي ردة فعله حينما يفقد مصاباً؟ كيف يعيش يومياً؟ ماذا يدور في عقله؟ وكيف هي نفسيته؟!
كلها تساؤلات يعجز عن إجابتها سوى الشخص الذي يعيش الأحداث بتفاصيلها، كلها تساؤلات إجاباتها موجودة لدى الأشخاص الذين هم في قلب الحدث، والذين يعول عليهم الجميع لإنقاذ حيواتهم.
أشعر بفخر واعتزاز، وبتقدير عظيم لكل بطل من هؤلاء الأبطال في كوادرنا الصحية، حينما أراهم يعملون والابتسامة مرسومة على شفاههم، حينما أراهم يتعاملون مع الجميع بلا استثناء برقي واحترام، حينما يحاولون جاهدين أن يخففوا من مخاوف الناس، وأن يزرعوا فيهم الأمل، وأن يخلقوا الطمأنينة في القلوب بأن هذا الوباء سيزول بإذن الله.
لكن في جانب آخر أحاول إدراك مشاعرهم الداخلية، أحاول استيعاب حجم القوة الداخلية لديهم التي تمكنهم من الصبر وعدم إظهار القلق والتي تجعلهم يؤمنون بقضيتهم تجاه هذا الوطن وأهله، هذا الإيمان الذي يجعلهم صابرين وصامدين على مواجهة الخطر والتضحية بالنفس وتحمل الابتعاد عن أهاليهم وذويهم وأبنائهم.
نحن كأفراد عاديين نعيش القلق بسبب هذا الوباء، جل مخاوفنا يرتبط بهاجس الإصابة الشخصية، أو هاجس فقدان أقرباء وأعزاء بسبب كورونا، نحاول جاهدين أن نلتزم وأن نتجنب كل الأمور التي قد تقود للإصابة بهذا المرض، وقد نتناسى بالضرورة أن هناك من يواجهون المرض يومياً، من يحتكون بالمصابين بشكل دائم وهم يعملون على علاجهم، ننسى أن هؤلاء الأبطال هم أكثر المعرضين للإصابة، وهم على خط المواجهة المباشرة مع الخطر.
أتذكر كوادرنا الطبية دائماً، ولعل ما دفعني للإشارة الدائمة لهم تلك المشاهد العديدة طيلة الشهور الماضية حول العالم، تلك التي تبين حالات انهيار لدى الكوادر الطبية، أطباء وممرضون يبكون وينهارون نفسياً بسبب فقدان البشر، بسبب حالات لم ينفع معها العلاج، حالات انهيار منبعها ليس القلق والخوف، بل منبعها الإنسانية المتجذرة لديهم، منبعها الرغبة القوية لشفاء جميع البشر، وحينما يفقدون روحاً فكأنما فقدوا جزءاً من أرواحهم، كأنهم يعتبرونه فشلاً لهم، لأن الطبيب والممرض وكل من يعمل في المجال الطبي إنجازه العظيم يكون حينما ينقذ أرواح البشر.
حتى وإن كانت كوادرنا الطبية في البحرين قوية وصلبة بحيث إنهم غلبوا مصلحة الناس وهدف تطمينهم على إحساسهم الداخلي كأطباء مما يحدث، إلا أنني أجزم بأن كثيرا منهم مروا بحالات انهيار، مروا بلحظات مؤلمة، تساقطت دموعهم، ارتفعت أكفهم داعية المولى عز وجل أن يشفي كل مصاب، وأن يحفظ الجميع، لكنها حالات انهيار أثق تماماً بأنها تلاشت مع وجود الأمل لديهم بأن جهودهم المخلصة سيكللها الله بالنجاح، وأن واجبهم مستمر ودائم حتى لو كان مرهوناً بإلقاء أنفسهم في قلب الخطر.
كوادرنا الطبية، فرداً فرداً، سنظل نبرز بطولاتكم، سنظل نسبر أغوار مشاعركم، سنظل نشرح للناس ما تمرون به نفسياً، وما تخاطرون به جسدياً؛ لأنكم فخر لكل إنسان يعيش على هذه الأرض، لأنكم الرحمة المرسلة من السماء لتحفظوا بلادكم وأهلها، وبدورنا ندعو الله أن يحفظكم جميعاً من كل شر، واعلموا أن جهودكم ستظل تيجاناً على الرؤوس ومدعاة للفخر والشرف دائماً.
{{ article.visit_count }}
كلها تساؤلات يعجز عن إجابتها سوى الشخص الذي يعيش الأحداث بتفاصيلها، كلها تساؤلات إجاباتها موجودة لدى الأشخاص الذين هم في قلب الحدث، والذين يعول عليهم الجميع لإنقاذ حيواتهم.
أشعر بفخر واعتزاز، وبتقدير عظيم لكل بطل من هؤلاء الأبطال في كوادرنا الصحية، حينما أراهم يعملون والابتسامة مرسومة على شفاههم، حينما أراهم يتعاملون مع الجميع بلا استثناء برقي واحترام، حينما يحاولون جاهدين أن يخففوا من مخاوف الناس، وأن يزرعوا فيهم الأمل، وأن يخلقوا الطمأنينة في القلوب بأن هذا الوباء سيزول بإذن الله.
لكن في جانب آخر أحاول إدراك مشاعرهم الداخلية، أحاول استيعاب حجم القوة الداخلية لديهم التي تمكنهم من الصبر وعدم إظهار القلق والتي تجعلهم يؤمنون بقضيتهم تجاه هذا الوطن وأهله، هذا الإيمان الذي يجعلهم صابرين وصامدين على مواجهة الخطر والتضحية بالنفس وتحمل الابتعاد عن أهاليهم وذويهم وأبنائهم.
نحن كأفراد عاديين نعيش القلق بسبب هذا الوباء، جل مخاوفنا يرتبط بهاجس الإصابة الشخصية، أو هاجس فقدان أقرباء وأعزاء بسبب كورونا، نحاول جاهدين أن نلتزم وأن نتجنب كل الأمور التي قد تقود للإصابة بهذا المرض، وقد نتناسى بالضرورة أن هناك من يواجهون المرض يومياً، من يحتكون بالمصابين بشكل دائم وهم يعملون على علاجهم، ننسى أن هؤلاء الأبطال هم أكثر المعرضين للإصابة، وهم على خط المواجهة المباشرة مع الخطر.
أتذكر كوادرنا الطبية دائماً، ولعل ما دفعني للإشارة الدائمة لهم تلك المشاهد العديدة طيلة الشهور الماضية حول العالم، تلك التي تبين حالات انهيار لدى الكوادر الطبية، أطباء وممرضون يبكون وينهارون نفسياً بسبب فقدان البشر، بسبب حالات لم ينفع معها العلاج، حالات انهيار منبعها ليس القلق والخوف، بل منبعها الإنسانية المتجذرة لديهم، منبعها الرغبة القوية لشفاء جميع البشر، وحينما يفقدون روحاً فكأنما فقدوا جزءاً من أرواحهم، كأنهم يعتبرونه فشلاً لهم، لأن الطبيب والممرض وكل من يعمل في المجال الطبي إنجازه العظيم يكون حينما ينقذ أرواح البشر.
حتى وإن كانت كوادرنا الطبية في البحرين قوية وصلبة بحيث إنهم غلبوا مصلحة الناس وهدف تطمينهم على إحساسهم الداخلي كأطباء مما يحدث، إلا أنني أجزم بأن كثيرا منهم مروا بحالات انهيار، مروا بلحظات مؤلمة، تساقطت دموعهم، ارتفعت أكفهم داعية المولى عز وجل أن يشفي كل مصاب، وأن يحفظ الجميع، لكنها حالات انهيار أثق تماماً بأنها تلاشت مع وجود الأمل لديهم بأن جهودهم المخلصة سيكللها الله بالنجاح، وأن واجبهم مستمر ودائم حتى لو كان مرهوناً بإلقاء أنفسهم في قلب الخطر.
كوادرنا الطبية، فرداً فرداً، سنظل نبرز بطولاتكم، سنظل نسبر أغوار مشاعركم، سنظل نشرح للناس ما تمرون به نفسياً، وما تخاطرون به جسدياً؛ لأنكم فخر لكل إنسان يعيش على هذه الأرض، لأنكم الرحمة المرسلة من السماء لتحفظوا بلادكم وأهلها، وبدورنا ندعو الله أن يحفظكم جميعاً من كل شر، واعلموا أن جهودكم ستظل تيجاناً على الرؤوس ومدعاة للفخر والشرف دائماً.